أخبار عاجلة

تعديل ظهيرٍ يغضب الصناع التقليديين المنجميين

تعديل ظهيرٍ يغضب الصناع التقليديين المنجميين تعديل ظهيرٍ يغضب الصناع التقليديين المنجميين

هسبريس - محمد الراجي

الاثنين 08 يونيو 2020 - 10:10

أثار تمرير لقانون جديد في البرلمان، يتعلق بتنظيم الاستغلال المنجمي التقليدي بتافيلات وفگيگ، في الجنوب الشرقي للمملكة، قلق الصناع التقليديين الذين يستخرجون من مناجم المنطقة ثلاثة أنواع من المعادن هي مصدر عيشهم الوحيد، بعد أن صار الباب مُشرعا أمام الشركات الكبرى لمنافستهم.

وكان النشاط المنجمي التقليدي بالمنطقة المذكورة مؤطرا بظهير يعود تاريخ صدوره إلى فاتح دجنبر 1960، خوّل لمؤسسةِ مركزيةِ الشراء والتنمية للمنطقة المنجمية "كاديطاف" الإشراف على النشاط المنجمي التقليدي، وتأطير الصناع المنجميين التقليديين، وتسويق المنتجات المعدنية المستخرجة من المنطقة.

مقابل ذلك، أوجب ظهير 1960 على الصناع المنجميين التقليديين بيع كامل المنتجات المعدنية المستخرجة من المنطقة، وهي الرصاص والزنك والباريتين، للمركزية المذكورة. وجاء تعديل الظهير المذكور، وفق مذكرته التقديمية، لعدم إمكانية استمرار أو تطوُّر النظام المنجمي التقليدي، بسبب العمق الذي أصبحت تتواجد عليه التمعدنات.

وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن هذا الوضع يتطلب الاستعانة بطرق جد متقدمة لاستخراج التمعدنات، تفوق القدرات الذاتية للصانع المنجمي التقليدي المحدودة، حيث ستُفتح المنطقة المنجمية لتافيلالت وفگيگ أمام الاستثمار الخاص، الذي كان يمنعه ظهير 1960 إلى أن أزيل هذا المنع القانوني يوم الخميس الماضي.

هذا الإجراء يرى فيه الصناع التقليديون المنجميون المعنيون ضربا لمصدر عيشهم الوحيد؛ فرغم أن الحكومة التزمت في نص القانون الجديد بـ"الحفاظ على حقوق الصناع المنجميين التقليديين"، إلا أن هؤلاء يروْن أن دخول الشركات الخاصة يعني "القضاء عليهم نهائيا"، لأنهم سيعجزون عن منافستها.

وحسب إفادات من المنطقة، فإن الصناع المنجميين التقليديين يَعتبرون أن القانون الجديد رقم 74.15، الذي حلّ محلّ ظهير 1960 الذي أعطى بموجبه الملك الراحل محمد الخامس لساكنة تافيلات وفگيگ حق استغلال المعادن الثلاثة سالفة الذكر المستخرجة من تراب المنطقة المنجمية، ستكون له عواقب وخيمة عليهم.

وقال أحد أبناء المنطقة إن الملك الراحل أعطى للصناع التقليديين المنجميين بتافيلالت وفگيگ حق الاستغلال المنجمي لمعادن تراب المنطقة، لأنها لا يتوفر فيها أي نشاط اقتصادي آخر، وعرفانا لسكانها على الدور الذي لعبوه في صدّ المستعمر، وكانت حرفة التنقيب عن المعادن مصدر عيشهم الوحيد طيلة ستّين عاما.

وطيلة هذه المدة، كانت مؤسسة "كاديطاف"، الموجود مقرها في مدينة الرشيدية، هي الجهة الوحيدة المكلفة بمنح رخص الاستغلال المنجمي للصناع التقليديين المنجميين، وتتراوح مساحة الاستغلال ما بين 60 و200 متر، لكن هؤلاء الصناع يروْن أن هذا الامتياز الممنوح لهم سيصير في مهب الريح، بعد دخول الشركات الخاصة مضمار منافستهم.

ويتهم الصناع الحكومة باستغلال فترة حالة الطوارئ الصحية الحالية لتعديل ظهير 1960 المؤطر للاستغلال المنجمي بتافيلالت وفگيگ، بعدما كانت تنوي تعديله منذ سنة 2016، لكنها ووجهت بمعارضته، لتتراجع عن قرارها، خاصة بعد نشوب أحداث الريف وأحداث جرادة.

وشكّك فاعلون جمعويون بدرعة تافيلالت وفگيگ في قانونية المسطرة التي سلكتها الحكومة لتعديل ظهير 1960، على اعتبار أن الظهير الشريف لا يمكن إلغاؤه إلا من طرف الملك، أو بإذن منه، حيث يوقعه رئيس الحكومة بالعطف، وفق مسطرة قانونية معينة لتعديله أو تتميمه، ولا يُسمح للحكومة بإلغائه.

وقال فاعل جمعوي في نقاش ضمن مجموعة للتواصل الفوري أحدثها الصناع التقليديون المنجميون لمناقشة القانون الذي يرون فيه تهديدا صريحا لمصدر عيشهم الوحيد: "المنجميون لا يعارضون تطوير قطاع الاستغلال المنجمي بدرعة تافيلالت وفگيگ، ولكن يجب أن تكون هناك مقاربة تشاركية وحوار موسع وعميق تشارك فيه الجمعيات والتنسيقيات والمتدخلون في هذا القطاع"، مضيفا "المنجمي غادي يْتطحْن بهاد القانون".

وما زال الصناع التقليديون المنجميون المستغلون لمناجم تافيلالت وفگيگ، الذين يقدّر عددهم بحوالي خمسة آلاف شخص، يكسبون لقمة عيشهم من هذه الحرفة وسط ظروف قاسية، حيث يستخرجون المعادن من المناطق المتاخمة للحدود مع الجزائر تلامس فيها درجة الحرارة في فصل الصيف خمسين درجة مئوية، وتنخفض في فصل الشتاء إلى مستويات قياسية.

وقال أحد أبناء المنطقة لهسبريس: "اليوم، الصناع التقليديون المنجميون سوف يحرمون من مصدر قوتهم، وسوف يتشرّدون، وغالبا سوف يهاجرون إلى مدن الداخل"، موضحا أنهم حتى لو رغبوا في الاستمرار في مزاولة عملهم، فإنهم لن يتمكنوا من ذلك، لأنهم سيجدون أنفسهم في مواجهة شركات عملاقة تتجاوز قدراتها المالية والتقنية قدراتهم بمئات المرات، "وبالتالي غتكون الغلبة لهاد الشركات"، بتعبير المتحدث ذاته.

هسبريس