أخبار عاجلة

الهروب إلى البنوك.. كورونا يدفع الأمريكيين لضخ أموالهم في المصارف

مباشر - سالي إسماعيل: على عكس الوضع في الأزمة المالية العالمية عام 2008، فإن أزمة الصحة "كوفيد-19" الحالية تشهد حالة هروب جماعي إلى البنوك رغم بيئة معدلات الفائدة المنخفضة للغاية.

وعند النظر في تفاصيل الأزمة التي وقعت قبل 12 عاماً تقريباً، فإن أحد دوافعها الرئيسية كانت تكمن فيما يعرف بـ"الذعر المصرفي"، لكننا اليوم نشهد ما يمكن تسميته بـ"الذعر العكسي على البنوك".

ومنذ أواخر العام الماضي وحتى الآن، فإن وباء كورونا أصاب أكثر من 3 ملايين شخص حول العالم، كما أودى بحياة 217 ألف آخرين، في أزمة صحية أثارت المخاوف ودفعت حكومات العالم إلى تنفيذ عمليات إغلاق وطني واسعة النطاق وسط مساعي احتواء انتشار الفيروس.

ويتكاتف صناع السياسة النقدية والمالية في كافة أنحاء العالم في الوقت الحالي من أجل مواجهة الركود الاقتصادي العالمي الذي يعتقد أنه سيكون الأسوأ منذ فترة الكساد العظيم.

إذن؛ ما هو الذعر المصرفي أو Bank Run، هي عملية تحدث عندما يقوم عدد كبير من عملاء البنوك أو المؤسسات المالية بسحب ودائعهم في نفس التوقيت بفعل مخاوف من إفلاس المصرف الذي يتعاملون معه.

وفي واقع الأمر، كلما زاد عدد الناس الذي يسحبون أموالهم، كلما ارتفعت احتمالية أن يتعرض البنك إلى تعثر عن السداد، حيث إنه في بعض الحالات ربما تكون الاحتياطيات غير كافية لتغطية عمليات السحب.

لكن ماذا عن الذعر العكسي على البنوك أو Reverse Run on Bank؟، هو تعبير استخدمته صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخرا للتعبير عن هروب العملاء إلى المصارف من أجل الاحتفاظ بأموالهم وسط عدم اليقين الحالي حيال الأزمة الصحية.

وفي الولايات المتحدة، قام كل من الأفراد والشركات بضخ مبالغ قياسية تصل إلى تريليون دولار في هيئة ودائع داخل البنوك الأمريكية خلال الربع الأول من العام الجاري، وفقاً لبيانات شركة تأمين الودائع الفيدرالية.

ومن بين هذه المبالغ، شهدت أكبر أربعة مصارف أمريكية "جي.بي.مورجان تشيس" و"بنك أوف أمريكا" و"ويلز فارجو" و"سيتي جروب" تدفق ما يزيد عن نصف هذه الودائع والتي بلغت 590 مليار دولار خلال أول ثلاثة أشهر من هذا العام.

ويعتبر الرقم السابق الضعف تقريباً مقارنة مع الربع الأخير من العام الماضي والذي شهد تدفق ودائع بنحو 313 مليار دولار للقطاع المصرفي الأمريكي بأكمله.

إجمالي الودائع في أكبر 4 بنوك أمريكية خلال نهاية 2019 وبداية 2020

ويجسد الارتفاع الحاد في الودائع يجسد مدى الاختلاف بين الأزمة الحالية وبين الركود الاقتصادي الكبير في عام 2008.

وفي مفارقة مثيرة للدهشة، فأنه في أعقاب انهيار أسواق الأسهم العالمية قبل عقد مضى، تزاحم العملاء على المصارف من أجل سحب أموالهم من البنوك الكبرى، بينما يرى العملاء الذين يشعرون بالقلق خلال الأزمة الصحية الحالية البنوك كملاذ من العاصفة الاقتصادية.

ويقول المدير المالي لبنك أوف أمريكا "باول دونوفريو" في تعليقات مع "وول ستريت جورنال": "نعتقد أن الشركات تنظر إلينا كملاذ آمن في هذه الفترة من التوترات".

وتواجه البنوك حالياً معضلة اكتشاف كيفية التعامل مع الأعداد غير المسبوقة من الودائع الجديد في الوقت الذي ليست متأكد فيه من المدة التي ستبقى خلالها هذه الودائع داخل محفظتها.

ويعني المزيد من الودائع أن هناك أموالاً أكثر لدى البنوك يمكنهم منحها لعملاء آخرين في هيئة قروض، لكن عندما تكون هذه الودائع غير مستقرة على خلاف الأوقات العادية، فإن البنوك يجب أن تكون حذرة بشأن القروض التي تمنحها.

بيد أن المصادفة الغريبة في هذا الشأن أنه لا يمكن للمصارف أن تحصل على أموال المودعين والاحتفاظ بها كاحتياطي لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، نظراً لأن ذلك من شأنه أن يزيد من الميزانية العمومية للبنك ويجبره على جمع المزيد من رأس المال.

ويرى الخبير المصرفي "مات ليفين" خلال تحليل نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون" أنه من الصعب أن تتمكن البنوك من الحصول على الودائع دون زيادة رأس المال، وهو الأمر الذي قد يكون صعباً في ظل الأزمة الحالية.

ويتابع أنه يجب عليك أن ترفض هذه الودائع وتخبرهم: "ليس لدي مكان آخر للودائع".

ويضيف أنه في العادة ما يتم التفكير في الأزمات المالية بأن الناس يتزاحمون على البنوك من أجل سحب أموالهم وليس لوضع المزيد من الودائع، قائلاً: "اعتقد أن هذا نوع من أزمة مالية غريبة".

وكانت الاستجابة التنظيمية للأزمة المالية عام 2008 تكمن في زيادة متطلبات رأس المال المصرفي وحث البنوك على جمع أكبر قدر ممكن من رأس المال في أسرع وقت ممكن، لكن الاستجابة التنظيمية المصرفية للأزمة المالية في عام 2020 تكمن في الحد من متطلبات رأس المال للبنوك.

والاستجابة الأخيرة هي الأفضل بكثير، كما يقول "ليفين"، مشيراً إلى أنه لا يقصد أن المنظمين كانوا على خطأ في عام 2008 لكن كانت المشكلة التي واجهوها هي أزمة الثقة في النظام المصرفي وهو الأمر الذي تطلبت تعزيز الثقة عبر زيادة رأس المال وتنفيذ اختبارات الضغط.

مباشر ()

مباشر (اقتصاد)