أخبار عاجلة

مع التحول الكارثي للأسعار.. إلى أن يتجه سوق النفط العالمي؟

مع التحول الكارثي للأسعار.. إلى أن يتجه سوق النفط العالمي؟ مع التحول الكارثي للأسعار.. إلى أن يتجه سوق النفط العالمي؟

مباشر - سالي إسماعيل: في واقعة تاريخية أقرب للخيال، أبدى منتجي النفط الأمريكي استعدادهم لدفع حوالي 38 دولاراً مقابل التخلص من كل برميل من الخام.

وفي حين أن ذلك يبدو بمثابة حكاية أكثر قبولاً حال حدوثها في عالم موازٍ، لكنها كانت واقع فعلي شهدته أسواق النفط العالمية في جلسة الإثنين 20 أبريل/نيسان الجاري، حيث تراجعت الأسعار أدنى الصفر لأول مرة على الإطلاق.

ومن الجدير بالملاحظة أن هذا الانهيار غير المسبوق عند سالب 37.63 دولار للبرميل تقريباً خاص بأحد عقود النفط الأمريكي وهو تسليم مايو/آيار والذي تنتهي صلاحيته بنهاية تداولات الثلاثاء.

ومع تخمة المعروض التي تتراكم يوماً بعد يوم إضافة لجمود النشاط الاقتصادي الذي ترك بالتبعية بصمته على الطلب، فإن النتيجة كانت سيئة للغاية في بداية تداولات هذا الأسبوع، حيث تزاحم المستثمرون للتخلص من هذا العقد الذي يوشك على الانتهاء.

وتأتي تصفية التجار لمراكزهم والبيع بأسعار جنونية، وسط تضاؤل خيارات التخزين في بعض الأماكن، في تحرك كان صادماً بل وتاريخياً بالنسبة لأسواق الذهب الأسود التي لم تشهد واقعة مماثلة من قبل.

لكن في المقابل هناك ظروف أقل حدة بالنسبة لهذه الأرقام الجنونية، حيث إنه مع بداية جلسة الأربعاء من المفترض أن تتحول الأسعار مجدداً إلى النطاق الموجب.

ويتداول عقد يونيو/حزيران من خام نايمكس حالياً عند مستوى بالقرب من 15 دولاراً للبرميل، بفعل خسائره التي تصل إلى 30 بالمائة في تعاملات وسط جلسة الثلاثاء حتى الآن.

وببساطة، فإن الانهيار الكارثي في خام نايمكس يعتبر بمثابة انعكاس لتخلي التجار عن عقد مايو/آيار والانتقال إلى عقد يونيو/حزيران، وسط تأكيد محللون أن هذا العقد الأخير أصبح الآن الرقم الأهم الذي يجب مراقبته.

وكانت العقود الآجلة لخام غرب تكساس بمثابة مؤشر لصناعة النفط في الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمن، حيث مرت بموجات من الازدهار والكساد الاقتصادي والحروب والأزمات المالية، لكن لم تكن أحداث أمس مسبوقة من قبل.

بيد أن الضغوط الأخرى على سوق النفط ستظل قائمة رغم انتهاء رواية العقد الحالي لخام غرب تكساس في غضون ساعات، حيث يواجه الخام مأزقاً على جانبي الطلب والمعروض.

وتعرض الخام القياسي "برنت" إلى موجة بيعية قوية منذ بداية الأسبوع الجاري، حيث يتداول اليوم الثلاثاء عند أدنى مستوى منذ عام 2002 بعدما فقد نحو 30 بالمائة من قيمته مسجلاً 18 دولاراً للبرميل تقريباً.

وفي واقع الأمر، فإن الأسعار السالبة تعكس كذلك حقيقة أساسية بشأن سوق النفط في عصر "كورونا"؛ ألا وهي أن أكثر السلع الأساسية أهمية على مستوى العالم تخسر قيمتها بسرعة مع تخمة الإمدادات النفطية الفائضة في خزانات العالم وخطوط الأنابيب والناقلات العملاقة، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية.

وفي نهاية المطاف، فإن التجار كان يتجنبون بشدة سيناريو ضرورة التسليم الفعلي للنفط، وذلك نظراً لأنه لا يوجد من يحتاج الخام إضافة إلى أن هناك عدد أقل من الأماكن المتاحة لتخزينه، وفقاً للتقرير.

ورغم اتفاق خفض 10 بالمائة من إنتاج النفط العالمي من جانب منظمة الدول المصدرة للنفط ومنتجي الخام من خارج أوبك في وقت سابق من الشهر الجاري، إلا أن أزمة سوق الذهب الأسود آخذة في التفاقم.

وعلى أية حال، فإن التخفيضات النفطية تُعد باهتة بالمقارنة مع الانخفاض الحاد في الطلب، حيث تتصادم آثار حرب الأسعار على جانب العرض تتصادم مع أعماق تدمير الطلب في نفس الوقت، وفقاً لتحليل نشره موقع "أويل برايس" للكاتب "نيك كانينجهام".

ومن ناحية أخرى، يُمكن أن تعزى الخسائر التاريخية في سوق النفط إلى حرب الأسعار والوباء المميت والدوامة الهبوطية في النشاط الاقتصادي على خلفية مكافحة انتشار "كوفيد-19".

وفي حين أن سعر عقد يونيو/حزيران لا يبدو كارثياً تماماً، إلا أن النفط عند سعر 20 دولاراً للبرميل ليس كافياً لإبقاء معظم شركات الخام صامدة لأي فترة زمنية طويلة.

ماذا سيحدث لاحقاً؟

ورغم الانخفاض الحاد في منصات التنقيب عن النفط الأمريكي والبالغ 66 منصة في الأسبوع الماضي، مع إغلاق 33 منصة في حوض برمين وحده، ورغم البدء الفعلي لانخفاض الإنتاج، لكن هناك حاجة لمزيد من عمليات الإغلاق على المدى القصير، وسط تعرض الأسعار الفورية (سعر العقد القادم) لضغوط هائلة، بحسب تحليل "أويل برايس".

ومن المرجح أن يكون أداء الربع الثاني من هذا العام هو الأكثر اضطراباً وسيشهد عدم يقين لم تشهده صناعة النفط من قبل، كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة شلمبرجير "أوليفييه لو بوش" في مؤتمر عبر الهاتف بعد إعلان نتائج أعمالها في الأسبوع الماضي.

ويعتقد الاقتصادي "هوي لي" في شركة "أو.سي.بي.سي" أن الأسعار السالبة لا تعكس حالة السوق بأكمله كما أنها ليست نهاية العالم، نقلاً عن وكالة رويترز.

وبالنظر إلى المستقبل، يقول: "هل سيحدث هذا مجدداً؟ لن أراهن على ذلك"، مع الإشارة إلى أنه من المستبعد حل مشكلة نقص الساحة التخزينية ما لم يتحسن الطلب أو تخفض الولايات المتحدة إنتاجها النفطي.

وعلاوة على ذلك، لا يوجد سبب للاعتقاد بأن 20 دولاراً تمثل الحد الأدنى لأسعار الخام الأمريكي، نقلاً عن تقرير "كانينجهام".

ويرى خبرءا الاقتصاد في المجموعة الهولندية "آي.إن.جي" أن السؤال الرئيسي حالياً هو ما إذا كان بإمكاننا رؤية تكرار ما حدث مع قرب انتهاء عقد شهر يونيو/حزيران.

وأضاف الخبراء بالبنك الهولندي أنه من المرجح أن تكون عمليات التخزين في هذا الوقت من الشهر المقبل مشكلة أكبر، بالنظر إلى بيئة الفائض وفي حالة عدم وجود انتعاشاً في الطلب، وبالتالي يمكن أن تعود الأسعار للنطاق السالب مجدداً في الشهر المقبل.

ولايزال سعر العقود الآجلة لخام نايمكس تسليم ديسمبر/كانون الأول المقبل تتجاوز مستوى 30 دولاراً للبرميل.

وفي النهاية، لا يزال السوق تحت رحمة الوباء، حيث يعيش مليارات من السكان حول العالم وسط عمليات الإغلاق وقيود السفر لمواجهة الكورونا.

مباشر ()

مباشر (اقتصاد)