مباشر - سالي إسماعيل: أشعل انهيار اتفاق منظمة أوبك مع المنتجين الحلفاء بشأن خفض إمدادات النفط فتيل حرب جديدة في الأسعار، وهو ما ظهر بوضوح في تهاوي الخام بنحو 30 بالمائة.
لكن ماذا تعني حرب الأسعار؟، وما الذي دفعنا إلى هذا المسار الذي لم يحدث منذ سنوات عديدة؟، هذه تساؤلات تفرض نفسها في الوقت الراهن.
ومن المفارقات، أن حرب الأسعار جاءت نتيجة لفشل جهود دعم سعر النفط من جانب أوبك، والتي تمثل حوالي 30 بالمائة من الإمدادات العالمية، مع تحالف من غير الأعضاء في المنظمة يضم 9 دول بقيادة روسيا.
ما المقصود بحرب الأسعار؟، يقصد بحرب الأسعار فترة من المنافسة الشديدة، يقوم خلالها المتداولون بخفض الأسعار في محاولة لزيادة حصتهم داخل السوق.
ونشهد في الوقت الحالي بذلك صدمة في الطلب بفعل الكورونا بالإضافة إلى صدمة في المعروض من جانب أوبك، بحسب ما يقوله رئيس مجموعة "جي.بي.إس" للطاقة "يوهانس بينيني" خلال تصريحات مع شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، الذي أكد أن ما يحدث حالياً يمكن أن نسميه "حرب عالمية للنفط".
لماذا نعيش صدمة في المعروض؟، يأتي هذا الوضع بعدما فشل الدول الأعضاء في منظمة أوبك ومنتجي الخام الحلفاء غير الأعضاء بقيادة روسيا، وهي المجموعة المعروفة باسم "أوبك +"، في التوافق حول شروط تنفيذ خفضاً إضافياً في إمدادات الخام نهاية الأسبوع الماضي.
وأسفر اجتماع أعضاء أوبك يوم الخميس الماضي، عن اقتراح يفيد بخفض إضافي قدره 1.5 مليون برميل يومياً تنفذه "أوبك +" حتى نهاية الربع الثاني من العام على أن يشارك الحلفاء بتقليص 500 ألف برميل يومياً.
لكن روسيا رفضت طلب أوبك بشأن تعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يومياً إضافة للاتفاق الحالي الذي يشهد تقليص 1.7 مليون برميل يومياً ويستمر سريانه حتى نهاية مارس/آذار.
لماذا لم توافق روسيا على خفض الإنتاج؟، قالت موسكو إنها تريد أن ترى التأثير الكامل لفيروس كورونا على الطلب العالمي على الخام قبل اتخاذ أيّ إجراء.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "آي.إتش.إس ماركت" لخدمات سوق النفط مؤخراً، فإنه من المتوقع أن يتراجع الطلب على النفط في الربع الأول من عام 2020 بنحو 3.8 مليون برميل يومياً عند المقارنة على أساس سنوي، وهو الهبوط الذي من شأنه أن يكون الأكبر التراجع الأكبر على الإطلاق.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية انكماش الطلب على النفط في العام الحالي لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.
ما الغرض من تعميق اتفاق خفض الإنتاج النفطي؟، كان يهدف في الأساس إلى التعامل مع التأثير السلبي لفيروس كورونا بالفعل على سوق الخام، كونه يُسفر عن تداعيات اقتصادية تؤدي بالتبعية إلى تضرر الطلب.
وفي أواخر الأسبوع الماضي، أفادت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر لم تسمها بأن اتفاق خفض الإنتاج بين أوبك والحلفاء قد انهار بعدما فشلت السعودية وروسيا في التوصل إلى حل وسط.
كيف استجاب سوق الخام؟، ترجمت هذه الاحداث والمخاوف من بدء حرب أسعار بين منتجي الخام إلى تراجع حاد في أسعار النفط؛ ليتراجع بنحو 31 بالمائة والذي من شأنه أن يكون الهبوط الأسوأ منذ حرب الخليج في عام 1991.
هل بدأت الأزمة؟، بدأ الصراع بالفعل بين الدولة العضو في أوبك "السعودية" وبين زعيم الحلفاء خارج المنظمة "روسيا" في شكل حرب أسعار النفط.
وأعلنت السعودية في عطلة نهاية الأسبوع تخفيضات كبيرة في أسعار البيع الرسمية للنفط عن شهر أبريل/نيسان - هي الأكبر منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود - مع استعداد المملكة لضخ كميات أكبر من الإمدادات من الخام تتحاوز 10 ملايين برميل يومياً، بحسب وكالة رويترز.
وتضخ الرياض في الوقت الحالي 9.7 مليون برميل يومياً لكن لديها القدرة على زيادة إنتاجها إلى 12.5 مليون برميل يومياً.
وجاء قرار السعودية بعد أقل من 24 ساعة من انهيار المحادثات مع روسيا في مقر أوبك بالعاصمة النمساوية "فيينا"، على الرغم من أنها كانت تضغط في البداية لتعميق اتفاق خفض الإنتاج من أجل دعم أسعار الخام في مواجهة تفشي الكورونا.
وعقب مغادرته الاجتماع يوم الجمعة الماضي، قال وزير الطاقة الروسي "ألكسندر نوفاك" أمام المراسلين إن هذا يعني أن منتجي "أوبك +" يمكنهم ضخ ما يريديون من الإمدادات النفطية بدايةً من 1 أبريل/نيسان المقبل.
وردت روسيا اليوم بإعلان استعدادها لوصول سعر النفط لمستوى 25 دولارا، رغم هبوط عملتها المحلية اليوم بنحو 8%.
ماذا عن الماضي؟، بالعودة إلى الوراء عبر آلة الزمن، نجد أن الأحداث الجارية تذكرنا بما حدث في عام 2014 عندما تنافست السعودية وروسيا مع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على حصة السوق في صناعة النفط.
ما نتيجة حرب الأسعار قبل 6 أعوام؟، مع تسارع الإنتاج الصخري حينذاك، تراجعت الأسعار بشكل حاد، لذا قررت أوبك ضرورة التصرف لحماية حصتها في السوق.
وأعقب هذا القرار هبوطاً في أسعار الخام إلى 27 دولاراً، وفي حين أجبر بعض منتجي الخام الصخري حينذاك على الإفلاس وتسريح مئات الآلاف من العمال، إلا أن معظم الشركات كانت أكثر مرونة بكثير مما تصورت أوبك، حيث أصبحت الولايات المتحدة في نهاية المطاف أكبر منتج للنفط عالمياً.
وبعد عامين منذ ذلك الوقت، عادت أوبك إلى استراتيجية خفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار.
ماذا نتوقع من حرب الأسعار في الوقت الراهن؟، يتوقع خسائر حادة في أسعار النفط رغم الهبوط القوي الذي شهدته الأسواق اليوم.
وحذر بنك "جولدمان ساكس" خلال مذكرة بحثية بالأمس من أن أسعار النفط قد تتهاوى إلى 20 دولاراً للبرميل حال نشوب حرب أسعار بين منظمة أوبك وروسيا.
وقلص "ستاندرد تشارترد" من توقعاتها لأسعار خام برنت هذا العام إلى 35 دولاراً للبرميل بدلاً من 64 دولاراً سابقة كما تتوقع تراجعه في العام المقبل إلى 44 دولاراً بعد أن من المتوقع في السابق تسجيله 67 دولاراً.
ويعتقد البنك الاستثماري أن انهيار اتفاق "أوبك +" من شأنه أن يؤدي إلى حرب أسعار قاسية وممتدة، ما دفعه لخفض سعر الخام إلى 23 دولاراً خلال الربع الثاني من هذا العام.
وبالنسبة لخام نايمكس الأمريكي، فخفض البنك توقعاته عن العامين الحالي والمقبل إلى 32 و41 دولاراً للبرميل على الترتيب بدلاً من 59 و63 دولاراً بموجب التقديرات السابقة.
وتوقع البنك أن يرتفع إنتاج السعودية من الخام إلى ما يقرب من 11 مليون برميل يومياً في شهر أبريل/نيسان.