تحليل.. كورونا قد يدفع سعر الذهب لصعود قوي عالمياً
مباشر - سالي إسماعيل: في أوقات الذعر من فيروس كورونا، حتى الملاذات الآمنة لا تكون بمثابة مكان موثوق.
وأنهى الذهب تعاملات شهر فبراير/شباط على خلفية مشوهة، لينهي أخر جلسات الأسبوع الماضي بتسجيل أكبر وتيرة هبوط يومي منذ عام 2013.
ومع ذعر الأسواق المالية بشأن تفشي المرض الذي يشبه الالتهاب الرئوي، تهاوت الأسهم وتراجعت أسعار الذهب كما هبطت أسعار غيرها من المعادن النفيسة، وفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون" للكاتبة "كلارا فيريرا ماركيز".
وتُعد هذه بمثابة ظاهرة نادرة بالنسبة للمعادن التي تميل لتكون أكثر إشراقاً عندما يبدو كل شيء آخر قاتماً.
وبالعودة إلى عام 2008، فإن سعر التسليم الفوري للذهب تراجع بأكثر من 25 بالمائة في الفترة بين يوليو/تموز وأواخر أكتوبر/تشرين الأول، قبل الشروع في اتجاه صعودي غير مسبوق نحو 1900 دولار للأوقية، بمجرد بدء عمليات خفض معدلات الفائدة عالمياً بشكل جدي.
وفي هذه المرة كذلك، يتم تحديد الشروط المسبقة لكي تواصل الأسعار الصعود.
وبالفعل يوم الجمعة الماضي، تعهد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" بالتصرف بالطريقة المناسبة لتخفيف أثر الفيروس على الاقتصاد، الأمر الذي يمهد الطريق أمام عمليات خفض متعددة في معدل الفائدة وربما قبل منتصف مارس/آذار (يذكر أن الفيدرالي خفض بالفعل معدل الفائدة بشكل مفاجئ بالأمس).
ومن المتوقع أن يكون هناك مزيجاً من عوائد السندات التي تقف عند أدنى مستوياتها مع تقلبات في الأسواق، إضافة إلى رغبة صناديق الاستثمار المتداولة في إبقاء آفاق الذهب مشرقة.
وشهد المعدن الأصفر ارتفاعاً مثيراً للدهشة، حيث أضاف حوالي 25 بالمائة إلى قيمته منذ بداية عام 2019 ليصل إلى أعلى مستوى في 7 أعوام في مطلع الأسبوع الماضي، مع سعي المستثمرين للحماية من التقييمات المبالغة في أسواق الأسهم وعدم اليقين حيال الآفاق المستقبلية وفي نهاية المطاف الأسهم الآخذة في الهبوط.
واستمر المعدن النفيس في الصعود مع تلاشي الثقة في الاقتصاد العالمي والتي دفعت المعادن الصناعية مثل النحاس للانخفاض.
أداء الذهب منذ مارس 2019 وحتى الآن - (المصدر: وكالة بلومبرج)
وكان يوجد عدد قليل من الإشارات المشجعة للاقتصاد العالمي، بدايةً من الأرقام القاتمة حول الأداء الصناعي في الصين.
ولا يعني ذلك أن يوم الجمعة يفترض أن يكون بمثابة صدمة أو في الواقع تهديد لسمعة المعدن كملاذ آمن.
وقام المستثمرون، حسب كافة المقاييس، بتعويض الخسائر في استثمارات أخرى، وباعوا الذهب، حيث كان صافي المراكز الشرائية يحوم قرب مستويات قياسية.
وبحلول يوم الإثنين، فإن الذهب قد عاد بالفعل إلى مستوى أعلى 1600 دولار للأوقية.
وبالتالي، فإن أهمية الهبوط تكمن في ملاحظة كيف سيستعيد الذهب لمعانه، كما أن الساحة مهيئة لأكثر من مجرد تعافي بسيط.
في البداية، مع الأخذ في الاعتبار أنه حتى قبل تفشي فيروس الكورونا في الصين، فإن تقلبات أسواق الأسهم قد زادت بالفعل من جاذبية الذهب.
وفي عصر السياسة التي تدار عبر تويتر، فإن التحوط مقابل تقلبات كهذه أصبح أمراً أكثر جاذبية، وهو الأمر الذي يرفع من قاعدة المعدن، حيث إن المعنويات دائماً أكثر أهمية من العوامل الأساسية مثل العرض والطلب.
ويضاف إلى ذلك الارتفاع في صناديق الاستثمار المتداولة، والتي تحدد على نحو متزايد الكيفية التي يتصرف بها الذهب
ويكمن المحرك الحقيقي الذي يحدد إلى أيّ مدى وبأيّ سرعة سيرتفع الذهب، في البنوك المركزية ومدى سرعة تحولها إلى سياسة نقدية تيسيرية لمكافحة الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا، الذي أغلق مناطق بأكملها في الصين وأضر سلاسل التوريد والآن ينتشر بشكل كبير خارج آسيا.
ولا يحقق الذهب فوائد وبالتالي فإنه يميل إلى فقدان جاذبية حيازته عندما تكون عوائد السندات مرتفعة، لكنه يميل للمكاسب في أوقات انخفاض تكاليف الاقتراض.
وعاود حجم السندات سالبة العائد على الصعيد العالمي إلى مستويات أعلى 14 تريليون دولار، كما أن عوائد بعض سندات الخزانة الأمريكية تبدو الآن أنها تستعد للهبوط دون الصفر.
حيازات صناديق الاستثمار المتداولة للذهب - (المصدر: وكالة بلومبرج)
صحيح أن الذهب يميل أن يؤدي بشكل جيد بعد الأزمات المالية أكثر من أيّ نوع آخر من الكوارث مثل الحروب.
ومع ذلك، فإن باول ونظرائه يستعدون لاستخدام أدوات السياسة النقدية لمواجهة هذه الأزمة.
ومن شأن ذلك أن يجعل وتيرة انتشار "كوفيد - 19" في الولايات المتحدة، بمثابة عامل محدد لكل من؛ بأيّ سرعة سيرتفع الذهب ولأيّ فترة سوف يستمر هذا الاتجاه الصعودي
ومن المستبعد أن يكون الارتفاع سلساً، حيث إن مطالبات تغطية عمليات الشراء بالهامش قد تعود للإضرار بالسعر مجدداً ولكن ليس لفترة طويلة.
وتتم عمليات المطالبات بتغطية عمليات الشراء بالهامش عندما يقوم المستثمر بالاقتراض لشراء مزيد من الأصول، ولكن عندما يتراجع سعر الأصل لحد معين يتم مطالبته إما ببيع الأصل أو بسداد فارق الهبوط.