صندوق النقد يحلل لغز الأجور والتضخم في أوروبا

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: هل يساهم ارتفاع الأجور في تأجيج التضخم؟، في أوروبا كان هذا هو الحال من الناحية التاريخية.

لكن العلاقة بين نمو الأجور والتضخم قد تعرضت للضعف في السنوات الأخيرة وسط انخفاض توقعات معدل التضخم وقوة أرباح الشركات والضغوط التنافسية القوية.

وترتفع تكاليف العمالة (أو ما يعرف بالأجور) بوتيرة قوية، وبشكل خاص بالدول الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، لكن مع ذلك من الأمور المثيرة للدهشة أن معدل التضخم يكاد لا يسجل أي صعود.

ويسلط تقرير نشرته مدونة صندوق النقد للاقتصادي في القسم الأوروبي بالصندوق الدولي "ريتشارد فارغيز" الضوء على هذا اللغز بين الأجور والتضخم في أوروبا استناداً لتقرير التوقعات الاقتصادية الإقليمية.

ويوضح الرسم البياني التالي أن العلاقة بين الأجور والأسعار في أوروبا قد ضعفت بشكل كبير للغاية في السنوات العشر منذ الأزمة المالية العالمية.

وبشكل أكثر تحديداً، فإن تأثير نمو الأجور على معدل التضخم الأساسي كان يمثل فقط ثلثي قوته في الفترة السابقة للأزمة.

 

ما السبب الذي قد يكمن وراء هذا التحول؟ يشير تحليلنا - صندوق النقد - إلى أن العديد من العوامل من المرجح أن تكون لعبت دورها في ذلك الأمر.

أولاً: الشركات تكون أكثر تردداً في زيادة الأسعار كرد فعل لزيادة تكاليف العمالة عندما يكون معدل التضخم منخفضاً وتكون التوقعات الراسخة المتعلقة بالتضخم جيدة.

وبعبارة أخرى، تنظر الشركات إلى ارتفاع تكاليف الأجور باعتباره أمر مؤقت، وبالتالي تقوم بالحد من زيادات الأسعار في ظل توقعاتهم بأن المنافسين سيقومون بالشيء نفسه.

ثانياً: يشير تحليلنا إلى أن استراتيجيات تسعير الشركات تعتمد إلى حد كبير على تعرضها للمنافسة سواء محلية أو خارجية كانت.

ومن شأن ذلك أن يفسر السبب في أن القطاعات، التي تواجه منافسة خارجية أكثر، مثل التصنيع أقل احتمالية لزيادة الأسعار كرد فعل على نمو الأجور مقارنة مع القطاع الخدمي على سبيل المثال.

وأخيراً: فإن ربحية الشركات تُعد بمثابة عامل آخر هام، حيث وجدنا أن مسار تحول نمو الأجور إلى التضخم يكون أقل بكثير عندما تكون أرباح الشركات قوية.

لماذا؟ لأن الشركات القادرة على تحقيق أرباح يمكنها استيعاب تكاليف الأجور المرتفعة دون زيادة الأسعار وخاصةً إذا كانت ترغب في الحفاظ على حصتها بالسوق.

ومع اقتراب توقعات التضخم من مستويات متدنية تاريخياً، وتزايد الضغوط التنافسية والهوامش الربحية بشكل ملحوظ، فلا ينبغي أن يكون من المفاجئ ضعف العلاقة بين نمو الأجور والتضخم في أوروبا.

كما من المرجح كذلك ألا يتسبب النمو القوي للأجور في إثارة التضخم في المستقبل القريب.

وتشير هذه النتائج إلى أن السياسة النقدية في العديد من الدول الأوروبية يجب أن تظل تيسيرية لفترة أطول حتى يرتفع معدل التضخم إلى هدفه بشكل دائم.

ومع ذلك، يجب أن يكون صانعي السياسات على أهبة الاستعداد لعدم الاستقرار المالي الذي قد ينشأ عندما تؤدي فترة ممتدة من معدلات الفائدة المنخفضة لزيادة شهية الإقبال على المخاطرة.

مباشر (اقتصاد)