تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: إليك هذه الحقيقة المذهلة: منذ بداية العام الحالي تفوق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في الأداء على نظيره بالأسواق الناشئة بحوالي 15 نقطة مئوية كاملة.
ويوضح المستشار الاقتصادي في شركة "أليانز" العالمية محمد العريان عبر تحليل نشرته "بلومبرج أوبنيون" الطريقة الذكية للاستثمار داخل أصول الأسواق الناشئة.
وفي ظل هذا التباين بين أداء الأسهم الأمريكية والأسواق الناشئة، ومع تركيز في الأسبوع الماضي على الرياح المعاكسة التي تواجه مؤشر "ستاندرد آند بورز"، فإن المستثمرين على المدى الطويل قد يشعرون بالرغبة في تحويل مخصصات أصولهم نحو عملات وأسهم الأسواق الناشئة بحثاً عن إمكانات النمو.
لكن من الأفضل أن ننظر عن كثب في المحركات الأساسية أولاً قبل التصرف بقوة بناءً على هذه العوامل الجاذبة.
وتضاءل مدى تفوق أداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" هذا العام على نظيره بالأسواق الناشئة - صندوق الاستثمار المتداول للأسواق الناشئة آي شيرز إم.إس.سي.آي - عند المقارنة بما حدث خلال فترة زمنية أطول.
ومنذ نهاية ديسمبر/كانون الأول لعام 2012، فإن مؤشر "ستاندرد آند بورز" ارتفع بنسبة 105 بالمائة تقريباً، في حين أن مؤشر الأسواق الناشئة تراجع بأكثر من 10 بالمائة.
ومثل هذا التباين يتناقض بشدة مع اثنين من الفرضيات تم الاستشهاد بهما على نطاق واسع؛ ويتمثل أحدهما في التقارب الاقتصادي والمالي طويل الآجل بين الدول المتقدمة والنامية.
أما الآخر فيكمن في تأثير السيولة التي توفرها البنوك المركزية في الاقتصاديات المتقدمة (وخاصةً البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان) على أسعار الأصول، خاصة مع تدفقها إلى الأسواق المالية الأصغر في عالم الاقتصادات الناشئة.
وبصفة عامة، فإن ضعف أداء مؤشر الأسواق الناشئة يمكن أن يعزى إلى خمسة عوامل:
الأول: تآكل فعالية جهود الإصلاح الاقتصادي في بعض الدول بشكل فردي، مع اعتبار البرازيل نموذج بارز.
الثاني: الضغوط التي دفعت لإتباع نهج الولايات المتحدة في تشديد السياسة النقدية عندما قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بذلك في الفترة من عام 2015 وحتى عام 2018.
الثالث: التدفقات الكبيرة لصناديق الاستثمار على الأسواق الناشئة بما في ذلك "التدفقات المؤقتة" أو ما يطلق عليه "الأموال السياحية" الضخمة للغاية من قبل المستثمرين الذين كانوا أقل جذباً من خلال فهم أساسيات وتقنيات الأصول ولكنهم دُفعوا لذلك بسبب العوائد المنخفضة والتقييمات المرتفعة في موطنهم الاستثماري الأصلي.
الرابع: استمرار قوة الدولار الأمريكي، الأمر الذي جعل العديد من الشركات غير فعالة بسبب التفاوت الكبير في قيمة العملات مما يعرض البعض منهم وعدد قليل من الدول عرضة لخطر دوامة ضارة من اختلالات الأصول والخصوم.
الخامس: الحساسية الأكبر بكثير للتوترات التجارية إضافة إلى نمو الاقتصاد العالمي الآخذ في التباطؤ فضلاً عن العملية التدريجية لإلغاء العولمة، وكل ما سبق تسبب في تآكل فعالية البنوك المركزية.
ولم تشعر كل الأسواق الناشئة بنفس الآثار، حيث شهدت مؤشرات السندات السيادية المقومة بالدولار وعملات أجنبية أخرى معاناة أقل، في حين أن هؤلاء الذين يمتلكون استثمارات في الأسهم المحلية والعملة تضرروا بشدة.
وبعد أن وصلت الموجة البيعية لمستويات كبيرة، فإن القطاعات الأكثر ضعفاً في الأداء داخل الأسواق الناشئة تبدو حالياً جذابة بمقاييس المقارنات التاريخية.
ومن المؤكد أنه لا يمكن استبعاد احتمالية حدوث قفزة في الأسعار لفئة أصول تجاوزت باستمرار من الناحية التاريخية كلا الاتجاهين الصاعد والهابط.
ومع ذلك يوجد ثلاثة قوى كبيرة سوف تقلل من تلك الاحتمالية.
الأولى: لا يوجد مخرج سهل بالنسبة لغالبية الاقتصاديات الناشئة للتعويض السريع للتأثيرات الضارة المستمرة من تباطؤ الاقتصادات المتقدمة والتوترات التجارية المطولة.
وحتى الاقتصاديات الأكثر مرونة (مثل سنغافورة) تواجه تحديات في النمو كونها تميل كذلك كي تكون اقتصادات أكثر انفتاحاً.
وعلى هذا النحو، فمن المرجح أن تواجه تلك الاقتصاديات طلبا عالميا منخفضاً على المدى القصير وشروط أقل مواتية تتعلق بالتجارة، بالإضافة إلى استثمارات أجنبية مباشرة أقل.
الثانية: العديد منهم مُقيد في استجابتهم بالسياسة المحلية الخاصة بهم وكذلك تعرضهم للضغوط السياسية والاجتماعية.
ومع نقص الإصلاحات المؤسسية والهيكلية بالفعل، فإن تكلفة الاستفادة من إجراءات التحفيز على المدى القصير بعيدة كل البعد عن أن تكون إيجابية.
وفي الوقت نفسه، ما لم تحدث أزمة مالية تجبر الأسواق الناشئة على ذلك، فإن تدابير التكيف المطلوبة على المدى الطويل ستبدو أنها تحمل تكاليف أكبر على المدى القصير من تلك التي ستكون معظم الأنظمة السياسية على استعداد لتحملها.
وبالتالي، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي تأخر استجابة السياسة وتزايد عدد الدول التي تواجه موجات من عدم الاستقرار المالي.
الثالثة: لا تزال هناك "أموال مؤقتة" منحصرة في الاستثمار في أصول، والتي من المرجح أن تتطلع إلى الخروج عندما يحدث أي تعافي كبير في الأسعار.
وتظل قاعدة المستثمرين المختصين بهذا النوع من الاستثمارات ليست واسعة بما يكفي لتعويض مثل هذا الخروج بطريقة سريعة ومنظمة.
ولا يعني ذلك أنه لا توجد فرص على المدى الطويل في الأسواق الناشئة.
ويقول الكاتب إنه مستشار لشركة "جرامرسي"، وهي مدير استثمار مخصص للأسواق الناشئة ومن بين توجهاتها المفضلة:
أولاً: الاستثمار في الأصول الرخيصة التي تأتي مع ضمانات وتحوطات طبيعية خاصة بها أو يمكن هيكلتها على هذا النحو.
ثانيا: إقراض مباشر بأسعار جذابة لمؤسسات مأمونة بضمانات غير مرتبطة (لتفادي تأثرها جميعاً بتغير عامل واحد).
ثالثاً: البحث عن فرص شديدة الاضطراب، حيث يكون سبب تفاقم انخفاض الأسعار بناءً على المخاطر الأساسية بسبب الافتقار إلى السيولة (مثل ما حدث في الأرجنتين في الأسبوع الماضي).
رابعاً: الجمع بين الفرص الطويلة وقصيرة الآجل، مع وجود المخاطر الأساسية المتنوعة والتي تتأثر بشدة بالتأثيرات الفنية على مستوى الأصول.
ومن المفترض أن يحل وقت مخصصات الأسواق الناشئة بشكل عام، بما في ذلك من خلال مؤشرات أوسع كصناديق الاستثمار المتداولة وغيرها من منتجات الاستثمار السلبي.
ولكن بالنسبة للمستثمرين الذين يميلون إلى استراتيجية الشراء والاحتفاظ فإننا لم نصل بعد لمرحلة تنفيذ هذا الفكر.
والأفضل بكثير بالنسبة لهم هو التركيز على نهج المحفظة الاستثمارية المتنوعة للغاية.