أخبار عاجلة

من فقاعات الأصول لشركات الزومبي.. الجانب المظلم لخفض معدلات الفائدة

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: يقول الملياردير وارن بافيت: "فقط ستعرف من يسبح عارياً عندما ينحسر المد"، ولكن من الصعب سماع هذا التحذير هذه الأيام في ظل موجات السياسة النقدية التيسيرية التي تغمر الأسواق المالية العالمية.

ويحاول بنك الاحتياطي الأمريكي وزملائه من البنوك المركزية دعم النمو الاقتصادي وتحفيز التضخم.

لكن تبني تلك البنوك المركزية لمعدلات الفائدة المنخفضة قد يدفع الأصول - والتي تقييماتها بالفعل مرتفعة - لأعلى، أو قد يؤدي لزيادة الطلب على العوائد الأعلى والتي تأتي مع مخاطر متصاعدة.

وفي الأسبوع الماضي، قال "سيرجيو إرموتي" الرئيس التنفيذي لمجموعة "يو.بي.إس" إن السياسة النقدية الفضفاضة قد تخلق فقاعة أصول.

وقام بعض المستثمرين الكبار أمثال "راي داليو" مدير صندوق "بريدج وتر أسوشيتيد" ورئيس مكتب الاستثمار العالمي في شركة جوجنهايم بارتنرز "سكوت مينيرد" بدق ناقوس الخطر كذلك.

وقال "مينيرد" إن الرسالة من الفيدرالي صاخبة وواضحة.

وتابع: "القلق الأساسي للفيدرالي هو النمو الاقتصادي وتوسيع الدورة الاقتصادية، وأن هذا الأمر من شأنه أن يفتح الباب أمام المركزي الأمريكي لاحتمالية خفض حاد بمعدلات الفائدة هذا العام".

وذكر: "اعتقد أننا نجهز أنفسنا لفترة من تضخم أسعار الأصول والتي لن تكون مستدامة في نهاية المطاف". 

ويستعرض تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية لثلاثة اقتصاديين الوضع في فئات الأصول الأكثر تأثراً بمعدلات الفائدة المنخفضة.

قروض الرافعة المالية

تجذب قروض الرافعة المالية مخاوف كبيرة، حيث تستخدمها عادةً الشركات ذات التصنيف الائتماني غير الاستثماري (الخردة) لتمويل كل شيء بدايةً من عمليات شراء الأسهم الخاصة وحتى توزيعات أرباح المساهمين.

والرافعة المالية "leverage" هي ببساطة تشير إلى الأموال المقترضة من قبل جهة معينة إما لتوسيع قاعدة الأصول أو لزيادة العائد المحتمل للاستثمار أو لتمويل الأصول.

وفي العادة، ينتهي الوضع بالديون - سواء كان ذلك بشكل مباشر أو عن طريق أصول التوريق - في أيدي صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين وغيرها من المؤسسات الاستثمارية التي تكمن جاذبيتها في عوائدها المرتفعة التي توفرها.

لكن قروض الرافعة المالية والتي تجاوزت التريليون دولار في الولايات المتحدة وحدها، ساعدت في زيادة مديونة الشركات.

وتقدر شركة الأبحاث "كوفينانت ريفيو" أن هذه الشركات التي تستخدم قروض الرافعة المالية لتمويل عمليات الشراء والاستحواذ، شهدت تضخم قروضها 7.7 مرة مثل مقارنة مع أرباحها قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك.

وقبل أربع سنوات مضت، كانت نسبة الدين إلى الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء تقف عند 5.5 مرة فقط.

ومع وجود الكثير من الأموال التي تلاحق معروض محدود من الديون، فإن الشركات كانت قادرة على الاقتراض بمعدلات فائدة أرخص أو الحصول على امتيازات هائلة، ما أدى لتآكل نظام المراجعة والترصيد الذي يحمي الدائنين.

وفي الواقع، فإن ما يطلق عليه "قروض التعاهد الخفيفة" يشكل الآن غالبية الديون المصدرة في السوق.

وقروض التعاهد الخفيفة أو "covenant-lite loans" تمثل نوعاً من التمويل التي يتم إصداره مع قيود أقل على المقترض وحماية أقل بالنسبة للمقرض.

الائتمان الخاص

انتشرت عملية ملاحقة العوائد العالمية كذلك داخل الأسواق التي كانت البنوك هي جههتها الوحيدة، وخاصةً إقراض الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم والتي عادةً لا يمكنها الوصول لأسواق رأس المال.

وتضخمت ما تعرف باسم "صناعة الائتمان الخاصة" إلى 766 مليار دولار تقريباً من الأصول وفي طريقها للوصول إلى مستوى تريليون دولار قريباً.

320a280849.jpg

ويمكن أن تؤدي الخسائر في الائتمان الخاص إلى التأثير سلباً على المؤسسات التي تمتلك قروض الرافعة المالية في فترة الاتجاه الهبوطي القادم، بحسب بنك "يو.بي.إس".

ومن المرجح أن يحتاج العديد من حاملي الديون الخاصة إلى السيولة في أوضاع الديون ذات الأداء الضعيف خلال فترة الاتجاه الهبوطي القادم، ما يوفر فرصة للمستثمرين الذين لديهم كميات كبيرة من النقد (الكاش)، بحسب ما ذكرته شركة "بيمكو".

شركات الزومبي

يساعد الائتمان الميسر (الأموال التي تكون تكلفة اقتراضها منخفضة) على إبقاء بعض الشركات قائمة والتي بدون هذه الديون كان من شأنها الإغلاق.

ومثل هذه الشركات تعرف بأنها غير قادرة على تغطية تكاليف خدمة ديونها من الأرباح التشغيلية خلال فترة طويلة، كما أن لديها آفاق نمو محدودة.

وتمثل تلك الشركات حالياً حوالي 6 بالمائة من أسهم الشركات غير المالية المدرجة في الاقتصاديات المتقدمة، طبقاً لبنك التسويات الدولية.

وبلغت نسبة الشركات الأمريكية صغيرة الحجم التي لا تحقق أرباحاً 32 بالمائة بنهاية شهر مايو/آيار الماضي، ما يمثل أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، بحسب البيانات المتاحة من شركة "لوثود ويدين كابيتل مانجمينت".

وشركات الزومبي "zombie firms" هي المؤسسات التي تحقق خسائر أو تكون على حافة هاوية الإفلاس لكنها تستمر في العمل، وبالتالي يكون خفض الفائدة أمر إيجابي بالنسبة لها والعكس صحيح.

الديون السيادية

صعدت كذلك بعض السندات الحكومية الأكثر خطورة في أوروبا إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي الوقت الحالي، تشهد اليونان، التي نفذت أكبر عملية إعادة هيكلة للديون في التاريخ قبل بضعة سنوات فقط، تكاليف اقتراض عند مستويات قياسية متدنية، حيث تراجع العائد على سنداتها الحكومية لآجل 10 سنوات دون 2 بالمائة في الأسبوع قبل الماضي.

فيما شهدت إيطاليا انخفاض العائد على سنداتها الحكومية لآجل عامين داخل النطاق السالب في وقت سابق من هذا الشهر، كما أن العائد على الديون مستحقة السداد بعد 10 سنوات تقلص بمقدار النصف تقريباً من مستوى يزيد عن 3 بالمائة في وقت سابق هذا العام.

وفي حين أن المخاطر السياسية في كلا البلدين قد هدأت إلا أنهما لا يزالان يحملان أعباء ديون ضخمة كانت أثارت مخاوف المستثمرين في الماضي، وهو ما ظهر مع ارتفاع العوائد على السندات الإيطالية قفزة في شهر مايو/آيار من العام الماضي مع تلاشي السيولة.

الائتمان الأوروبي

حتى بعض سندات الخردة (الدرجة غير الاستثمارية) تتداول الآن عند مستويات تجعل المستثمرين مضطرين لدفع أموال مقابل امتياز حيازة تلك الديون (العوائد السالبة).

ويبلغ عدد مثل تلك الأوراق المالية المقومة باليورو والتي تتداول مع عائد سالب الآن 12 ورقة مالية، طبقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرج.

أما في بداية العام الحالي لم تكن هناك ورقة مالية واحدة تتداول بعائد دون الصفر.

16c164be36.jpg

ويسعى كذلك ما يطلق عليهم "المستثمرين السائحين" - والذين يشترون عادةً الديون ذات التصنيفات الائتمانية المرتفعة - للحصول على أصول منخفضة الجودة أكثر بحثاً عن العائد الأفضل.

وجذبت الصناديق الأوروبية ذات العائد المرتفع تدفقات نقدية داخلة لمدة سبعة أسابيع متتالية بإجمالي تدفقات تصل قيمتها إلى 3.5 مليار يورو (3.9 مليار دولار).

لكن التزاحم على شراء سندات الخردة يتعارض مع البيانات الجديدة بشأن القطاع والتي تشير إلى زيادة في عمليات التخلف عن السداد.

الأسهم

يتداول مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" للأسهم الأمريكية عند مستوى يوازي 17 مثل الأرباح المتوقعة مستقبلاً، حتى مع الصورة الباهتة للأرباح والمخاوف التجارية المستمرة.

وفي حين أن المضاعفات قد تبدو مرتفعة لكنها لا تقترب من ارتفاعات الفقاعات، حيث أن نفس المقياس كان أعلى 25 مثل قبل انفجار فقاعة "دوت كوم".

c4c0994176.jpg

لكن  بعض خبراء "وول ستريت" البارزين يحذرون من أن المخاطر تتراكم في بعض القطاعات.

ووصف "ماركو كولانوفيتش" من بنك "جي.بي.مورجان تشيس" أداء التقلبات المنخفضة مقابل أسهم القيمة بأنه أكثر أهمية من أيّ فقاعة تقييم مقارنة في التاريخ الحديث.

وأشار "روب أرنوت" مؤسس شركة الأبحاث التابعة "إل.إل.سي" إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى تحمل في طياتها مكاسب محتملة.

وسجلت أسهم مجموعة فانج (فيسبوك وأمازون ونيتفلكس وألفابت المالكة لجوجل) مكاسب بنحو 1167 بالمائة منذ عام 2013، وهي وتيرة صعود  أعلى 10 مرات من مكاسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500".

الملكية العقارية

كشف تحليل صادر عن وكالة "بلومبرج إيكونوميكس" هذا الشهر أن أسواق العقارات في كندا ونيوزيلندا هو الأكثر عرضة لعملية تصحيح في أسعار المنازل.

وتُشكل أستراليا والنرويج والسويد والمملكة المتحدة كذلك مصدراً للقلق، طبقاً لبيانات مؤشر الفقاعة العقارية والتي تأخذ في الاعتبار أسعار المنازل نسبة إلى الإيجار والدخل بالإضافة إلى الأسعار المعدلة حسب التضخم وائتمان الأسر.

0a20c03d28.jpg

وفي الوقت الحالي، تشمل المدن التي تظهر خصائص تشبه الفقاعة في جميع أنحاء العالم هونج كونج وميونيخ وتورونتو وفانكوفر ولندن وأمستردام، وفقاً لبحث أجراه بنك "يو.بي.إس".

وفي العديد من المناطق، ارتفعت الأسعار من قبل مجموعة من المستثمرين تستغل العقارات المؤجرة بحثاً عن عوائد أفضل.

مباشر (اقتصاد)