تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: في خطابه الأول بعد تولي رئاسة وزراء المملكة المتحدة يوم الأربعاء، كرر بوريس جونسون جملة أن المملكة المتحدة ستغادر عضوية الاتحاد الأوروبي يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، بدون "إذا" أو "لكن".
وربما ينظر البعض إلى هذا الموقف على أنه غير مسؤول، إما بسبب تقييد البلاد فيما يرجح أن تكون مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي أو إما لإجبار جونسون على عدم الوفاء المعلن والمتكرر كثيراً بتنفيذ عملية الخروج في أقل من 100 يوم بعد توليه المنصب.
ويناقش الاقتصادي محمد العريان في رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" الأمريكية كيف تدعم نظرية الألعاب الخط المتشدد لرئيس وزراء بريطانيا الجديد.
وتناقش نظرية الألعاب طريقة تعامل طرفين أو أكثر في معضلة ما، سعيا لتحقيق الفوز بناء على توقع طريقة تصرف الطرف الأخر وحساب احتمالات الخسارة والفوز.
ويقول الكاتب إنه في سياق نظرية الألعاب، بدأ منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي شرح السبب في أن النهج الذي اتبعته تريزا ماي يخاطر بالتعثر في منتصف الطريق.
وقد يوفر نهج جونسون مخرجاً من الطريق المسدود أمام كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والذي يضر كلا الجانبين.
وفي ظل عدم القدرة على توحيد حزب المحافظين التابعة له، ناهيك عن تأمين أغلبية في البرلمان، انتهى الحال بـ"ماي" بعدم امتلاك النفوذ السياسي لتحويل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بعيداً عن معركة استنزاف "لا حرب ولا سلام".
وعلى هذا النحو، فكان من الأمور الحتمية فعلياً أن ينتهي الأمر بالمملكة المتحدة بالإجبار على التفاوض بشأن سلسلة من التمديدات في الموعد النهائي لتنفيذ البريكست مع شركائها الأوروبيين.
ولم يتمكن الاتحاد الأوروبي، من جانبه، من فرض البريكست المنظم على المملكة المتحدة، ناهيك عن العودة إلى الوضع الراهن (البقاء أيّ إلغاء عملية الخروج)، كما أنه لم يكن مستعداً لإجبارها على البريكست الصعب.
ورأى البعض أن عملية "البريكست البطيئة" تلك على أنها بمثابة محاولة لاكتساب مزيد من الوقت لكلا الجانبين وبالتالي الحفاظ على إمكانية تحقيق نتيجة أفضل في وقت ما في المستقبل.
ولكن صاحب هذا الأمر تكاليف ملحوظة ومتصاعدة بالنسبة لكلا الجانبين.
كما أن هذه العملية البطيئة تسببت في تقويض قدرتهم على معالجة العوائق الهيكلية أمام النمو الاقتصادي المرتفع والشامل، ليس فقط في المملكة المتحدة حيث أصبحت السياسات أسيرة لقضية واحدة، ولكن كذلك في أوروبا حيث تباطأ الاقتصاد بشكل كبير.
وأدى كذلك لمعاناة الشركات من شكوك كبيرة بشأن البيئة التي ستعمل فيها، ما أدى إلى شلل قرارات الاستثمار، كما ساهمت في تقوية الانقسامات بمناخ شديد الحساسية حيال قضايا الثقافة والهوية والهجرة.
ومن خلال انتخابه على خلفية مسألة البريكست الأقل غموضاً ومن خلال انتخابه زعيماً لحزبه بأغلبية ساحقة، شكل جونسون علامة بارزة أمام الاتحاد الأوروبي مفادها "مهما كانت النتيجة".
وإذا كان بإمكان جونسون كذلك نقل شعور بالوحدة البرلمانية التي تدعم موقفه، فيجب أن يكون قادراً على إجبار الاتحاد الأوروبي على التسوية.
وبعبارة أخرى، أن يوافق الاتحاد الأوروبي على عملية متعددة المراحل تجمع بين البريكست الرسمي يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول مع اتفاقيات تقليدية مختلفة لتقليل مخاطر عملية الخروج غير المنظم.
وفي حين أنه في وضع أفضل من سلفه، فإن نهج جونسون "كل شيء أو لا شيء" بعيد عن أن يكون خالياً من العوائق.
وفي الواقع، نحن بحاجة فقط إلى نظرة على كيفية فشل انتخابات البرلمان الأوروبي في الربيع الماضي - والتي لم يرغب أياً من الطرفين في خوضها في حين ظلت المفاوضات بحالة من الشلل - في انتزاع قرار.
وكذلك، لا يزال البرلمان البريطاني منقسماً كما هو الحال في البلاد.
وربما الإدراك الإضافي بأن تكاليف مرور الوقت لعملية البريكست البطيئة والمستمرة قد يتضح أنها أعلى من تلك المرتبطة إما بالخروج الصعب أو اتخاذ قرار بإجراء استفتاء بريطاني ثانٍ قد يكون غير معروف النتيجة.
ومن شأن ذلك العنصر الأخير أن يدفع كلا الجانبين إلى تسوية عملية ودائمة.