من: سالي إسماعيل
مباشر: خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات الفائدة الأمريكية بات الاحتمال الأقرب للتنفيذ على أرض الواقع خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وتأتي هذه التكهنات مع إشارات حول التباطؤ الاقتصادي المحتمل إضافة للتصعيد في الأمور التجارية بين الولايات المتحدة وشركاؤها التجاريين الرئيسيين، ناهيك عن قلق البنك المركزي من مسألة التضخم.
ويرى الاقتصادي محمد العريان خلال رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" الأمريكية أن الأسواق تقوم في الوقت الحالي بتسعير احتمالات خفض متعدد في معدلات الفائدة خلال العامين الحالي والمقبل (3 مرات بحلول نهاية 2020) في سياق النهج الحذر للغاية، مشيراً إلى رفض الفيدرالي لهذا الأمر قد تعتبر الأسواق بمثابة خطأ في السياسة.
ويضع بنك "جي.بي.مورجان تشيس" احتمالية خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر/أيلول المقبل واجتماع ديسمبر/كانون الأول 2019.
وفي السابق، كان البنك الأمريكي يرى أن هناك فرصة متساوية لخفض أو رفع معدل الفائدة في الولايات المتحدة.
كما يتوقع "جي.بي.مورجان" أن ينمو اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 1 و1.5 بالمئة في الربعين الثاني والثالث من هذا العام على الترتيب.
وكانت القراة الثانية لتقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكبر اقتصاد حول العالم تم تعديلها بالخفض لتصبح 3.1 بالمئة في أول 3 أشهر من 2019 على أساس سنوي مقابل 3.2 بالمئة بالأرقام الأولية ومقارنة مع 2.2 بالمئة نمو مسجل في الربع الأخير من العام الماضي.
وتتوالى الإشارات التي تحذر من ضعف الأداء الاقتصادي أو اتخاذه اتجاه هابط في الفترة المقبلة، حيث تراجع النشاط الصناعي بالولايات المتحدة في شهر مايو/آيار الماضي بعكس المتوقع وسط انكماش هذا القطاع حول العالم بشكل عام.
وشهد الأسبوع الماضي انخفاضاً كبيراً في عوائد سندات الحكومة داخل الاقتصاديات المتقدمة مع تكالب المستثمرين على شراء تلك الديون للتحوط من التوترات التجارية والجيوسياسية.
وأثار انعكاس منحنى العائد بين سندات الحكومة الأمريكية لآجل 10 سنوات وبين أذون الخزانة التي يحل موعد استحقاقها بعد 3 أشهر، مخاوف حدوث ركوداً اقتصادياً في غضون عام أو عامين قادمين.
وتأتي هذه التطورات بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيقوم بفرض تعريفات جمركية على كافة الواردات من المكسيك بدءاً من 10 يونيو/حريزان الجاري، في تصعيد للمأزق التجاري.
ويضاف هذا الأمر إلى الموقف المتأزم بين واشنطن وبكين حول الأوضاع التجارية، بعدما قرر دونالد ترامب زيادة التعريفات على سلع صينية وسط ردود انتقامية من الجانب الآخر واتهامات تتعلق بالتسبب في فشل المفاوضات.
ولا يستطيع الفيدرالي الاستجابة لكل تغيير في الخلاف التجاري كونه سريع التطور، بحسب ما ذكره رئيس بنك الاحتياطي في ولاية سانت لويس "جيمس بولارد".
لكن بولارد حدد إشارات داعمة لخفض معدلات الفائدة من بينها احتمالات تباطؤ الاقتصاد مع التكهن بأنه قد يكون أكثر حدة من المتوقع بسبب عدم اليقين المستمر في التجارة كما ألمح إلى التضخم الذي يقف دون المستهدف البالغ 2 بالمئة مع انعكاس منحنى العائد.
وينصح خبير بشركة "نوميرا" المستثمرين بمراقبة لهجة الفيدرالي بشأن التضخم في اجتماعه المقبل والمزمع عقده في في 20 يونيو/حريزان، لافتاً إلى أنه حال التمسك بأن أسبابه لا تزال مؤقتة يشير إلى أنهم قلقون بالفعل بشأن احتمالية حدوث تسارع للتضخم.
وأكد أن الفيدرالي لن يتحرك لخفض معدلات الفائدة ما لم يحدث شيئاً مثل انكماش اقتصادي في البلاد.
ومن المتوقع أن يواجه العالم ركوداً اقتصادياً في أقل من عام حال التصعيد التجاري بين أكبر اقتصادين حول العالم، بحسب كبير الاقتصاديين في بنك "مورجان ستانلي".
وتزايدت فرصة خفض معدلات الفائدة الأمريكية لمرة واحدة على الأقل بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل إلى 80 بالمئة بعد أن كانت 63 بالمئة.
وبحسب بيانات رسمية، فإن مؤشر إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة، وهو المؤشر المفضل لدى الفيدرالي لقياس التضخم وبالتبعية تحريك معدلات الفائدة، تم تعديله بالخفض خلال الربع الأول بالقراءة الثانية.
لكن مؤشر أسعار إنفاق المستهلكين الأمريكيين في المقابل تسارع خلال شهر أبريل/نيسان الماضي على أساس سنوي مقابل الشهر السابق له.
وبحسب مذكرة صادرة عن شركة "إيفركور" نشرتها وكالة بلومبرج الأمريكية، فإنه من المتوقع أن يقوم المركزي الأمريكي بخفض معدلات الفائدة 3 مرات بدءاً من شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
جدير بالذكر أن الفيدرالي تحول في لهجته المتشددة المتبعة منذ عام 2015 بعدما رفع معدل الفائدة 9 مرات منهم 4 زيادات في العام الماضي فقط إلى خفض توقعات السياسة النقدية لعدم تنفيذ خطوات بالرفع في هذا العام بأكمله.
وفي الوقت الذي أكد فيه "مارك كابانا" رئيس استراتيجية معدلات الفائدة في "بنك أوف أمريكا" قناعة السوق على نحو متزايد بأن هناك خفضاً قادماً في الفائدة، لكنه تساءل عن الموعد الذي سيتم فيه ذلك وحجم هذا الخفض.
وكل ما سبق يشير إلى أن البنك المركزي قد يستجيب في نهاية المطاف لرغبة الرئيس الأمريكي الذي طالما انتقد سياسة الفيدرالي المتشددة.
وكان ترامب طالب في أكثر من مناسبة خفض معدلات الفائدة، مشيراً إلى مخاوفه بشأن نهج الفيدرالي وتأثيره على أداء الاقتصاد الأمريكي.