لماذا ترغب فيسبوك في تدشين عملتها الخاصة؟

لماذا ترغب فيسبوك في تدشين عملتها الخاصة؟ لماذا ترغب فيسبوك في تدشين عملتها الخاصة؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: إذا كان بمقدور أيّ شركة أن تسير في طريق العملات الافتراضية، فإنها "فيسبوك".

ويقوم أكثر من ملياري شخص بعملية تسجيل الدخول إلى تطبيقات عائلة فيسبوك، وبشكل متزايد يرغبون في شراء أغراض وإرسال أموال إلى بعضهم البعض.

وفي مقابل ذلك فإن فيسبوك، بحسب العديد من الأشخاص المطلعة على مشروع "ليبرا" السري لعملاق التواصل الاجتماعي، ستقوم بمحاولة لإطلاق عملة رقمية مستقرة مرتبطة بالدولار، وفقاً لرؤية تحليلة نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز".

وحال نجاحها، فإن عملة فيسبوك قد لا تكون مقبولة فقط في المدفوعات والتحويلات داخل إمبراطورية فيسبوك ولكن أيضاً يمكن تداولها في محافظ استثمارية رقمية واستخدامها في المتاجر أو استبدالها بالعملات التقليدية.

وتمتلك فيسبوك كافة الاحتمالات التي تمكنها من دفع العملة الافتراضية في حياة الأشخاص اليومية في غضون الثلاث إلى الخمس سنوات القادمة، بحسب ما ذكره أحد المخضرمين المعروفين في مجال المدفوعات والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.

ويضيف: "لكن هناك بعض المشاكل التي يجب حلها"، متسائلاً عن مدى قدرة الشركات الصغيرة التي سوف تمتلك مخزون من هذه العملة على إضافتها في حسابتها وميزانيتها على سبيل المثال.

ورفضت فيسبوك التعليق على هذه المسألة.

السير على نفس خطوات "وي شات"

ومن غير الواضح حتى الآن ما الذي سيدعم العملة الرقمية، مع حقيقة أن العملات المشفرة المستقرة يمكن شراءها واستبدالها بالدولار بمعدل ثابت نسبته 1:1.

كما أنه من غير الواضح كيف سيتم إصدار العملة أو تخزيتها أو نقلها أو ما هو الدور الذي ستلعبه تكنولوجيا البلوكشين.

ويفسر الكثيرون هذه الخطوة على أنها محاولة في السير على نفس خطوات ما يسطلق عليه "التطبيقات الفائقة" مثل تطبيق "وي شات" الصيني، والذي يسمح للمستخدمين بإرسال الأموال والتسوق وطلب سيارات الأجرة وممارسة الألعاب دون الحاجة لمغادرة المنصة نفسها.

وبحسب تقرير سابق نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن فيسبوك قد تحفز المستخدمين على المعاملات عن طريق مكافأة مستخدميها بالعملة حال رؤية الإعلانات المعروضة على المنصة، في طريقة تشبه جمع نقاط الولاء (وهو برنامج من شأنه منح مكافآت للعملاء في مقابل سلوكيات مرغوبة بهدف الحصول على ولاء العميل).

ويتوقع الخبراء أن يشجع هذا النوع من الشبكات قاعدة مستخدمي فيسبوك الكبيرة لقضاء وقت إضافي وإنفاق مزيد من الأموال في المنصة.

ويمكن أن يعالج مخاوف المستثمرين حيال نموذج الإعلانات التجارية لفيسبوك لكنه قد يسمح أيضاً للشركة بجمع مزيد من البيانات عن المستخدمين مثل أنماط الإنفاق.

تداخل الإعلان والتجارة الإلكترونية معاً

قال مارك زوكربيرج بالفعل إنه يرى أن نموذج الإعلانات التجارية التقليدي لفيسبوك يتداخل مع التجارة الإلكترونية، حيث يكتشف المستخدمون منتجات من الإعلانات التجارية على فيسبوك وإنستجرام ثم يقومون بشراءها عبر استخدام تطبيقي ماسنجر وواتسآب للتحدث مع البائعين.

ويوضح مؤسس والرئيس التنفيذي لفيسبوك أنه "يوجد تقارب مستمر بين الإعلانات والتجارة، قائلاً: "مع مساعدة المنتجات التي نقوم بتصميمها للشركات في التحول نحو الأفضل، فإنها ستكون أكثر قيمة بالنسبة لهم وبالتالي سيترجم ذلك إلى عروض أعلى بالنسبة للإعلانات".

وبالفعل يسمح فيسبوك لبعض العلامات التجارية الكبرى بالبيع مباشرةً عبر منصته من خلال شراكة مع "باي بال"، وهي ميزة تم الإعلان عنها في وقت سابق من هذا العام.

وخلال مؤتمر مطوري فيسبوك بالشهر الماضي، أطلقت الشركة الأمريكية مجموعة كبيرة من المنتجات والتحديثات الأخرى المصممة لتسهيل التفاعل بين الشركات والمستهلك.

وبحسب تقديرات "دويتشه بنك"، فإن سعي الشركة لزيادة التجارة الإلكترونية عبر "إنستجرام" يمكن أن يساهم بما يصل قيمته إلى 10 مليارات دولار في صافي الإيرادات عن عام 2021.

ويرى "روب نورمان" كبير المسؤولين الرقميين في "جروب إم" سابقاً أن محور دمج المراسلات والتجارة الإلكترونية وعمليات الشراء داخل تطبيق تعمل على تقليل الاعتماد على إيرادات الإعلانات كما يعمل على تهدئة الخطاب السلبي حيال نموذج أعمال فيسبوك.

ويتوقع المحللون أن تقوم الشركة بإنشاء تصميمات جديدة للإعلانات مقابل رسوم إضافية.

وستكون فيسبوك بذلك قادرة على جمع بيانات وتحليلات بشأن عادات إنفاق المستهلكين، ما يساعدها في تحسين عملية استهداف الإعلانات في المستقبل.

ومن المحتمل أن يتضمن ذلك تحديد كيفية عثور مستخدم على علامة تجارية معينة في الفترة التي أدت إلى عملية الشراء.

لكن يتخوف بعض المعلنين من فقدان السيطرة على البيانات التي يمكنهم الوصول إليها بشكل مباشر.

ويوضح "ماركو ريميني" كبير مسؤولي التطوير عالمياً في الوكالة الإعلامية "مايندشير" أنه إذا كنت تنفذ عملية مالية من خلال الموقع الخاص بهم، فإن فيسبوك سوف تمتلك سيطرة أكبر في المعاملة والبيانات.

وتابع: أن فيسبوك تمثل قناة مبيعات قوية لكن ما مقدار القوة التي نرغب في التخلي عنها؟.

وبشكل متزايدة، تقوم شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى بتجربة المنتجات المالية، ففي شهر مارس/آذار أعلنت آبل البطاقة الائتمانية الخاصة بها بالشراكة مع "جولدمان ساكس".

وفي العام الماضي، أطلقت شركة أوبر "أوبر كاش" وهو نظام الدفع الائتماني الخاص بالتطبيق، كما دشنت بعض الشركات محافظ جوالة خاصة بها مثل "آبل باي" و"أمازون باي" و"جوجل باي".

عقبات التكنولوجيا واللوائح التنظيمية

تساءل بعض خبراء الصناعة عما إذا كانت المدفوعات القائمة على تكنولوجيا البلوكشين يمكنها الوصول إلى نطاق تنافسي وما إذا كان يمكنها معالجة المدفوعات تمشياً مع النمو المحتمل، لكن غالبية مشاريع البلوكشين كانت صغيرة حتى الآن.

ويمكن لشركة فيزا، إحدى أكبر شبكات الدفع في العالم، معالجة ما يصل إلى 65 ألف معاملة في الثانية الواحدة.

ويشير زميل باحث في جامعة مانشستر متروبوليتان "ريتشارد ويتل" إلى أن الأمور اللوجستية - كم عدد العملات المعدنية التي ستكون موجودة وما هي الآثار المترتبة على ذلك - من موقف الشركة ككل، يحتم على الشركة أن تنظر بجدية في ماهية ما قد يكون أكثر ربحية.

ويسلط آخرون الضوء على العقبات التنظيمية بحجة أن فيسبوك ليست مستعدة للمستويات العالية من الفحص الذي ستواجهها.

ومعالجات المدفوعات بحاجة إلى الحصول على ترخيص في معظم الولايات القضائية التي يعملون فيها على سبيل المثال، وذلك قد يستغرق أحياناً سنوات.

وفي الولايات المتحدة، يُولي المنظمون لقوانين الأوراق المالية اهتماماً كبيراً لمشاريع البلوكشين.

ويؤكد "ريتشارد كروك" الرئيس السابق للتكنولوجيا الناشئة في رويال بنك أوف سكوتلاند ومدير شركة التكنولوجيا المالية الناشئة "لاب 577"، أنه في كل مرة يدخل فيها فيسبوك أو الشركات المماثلة عتبة المجال التنظيمي فإنهم يغادرون سريعاً، كون فكرة التنظيم والعمل وفقاً للقواعد نفسها الخاصة بالبنوك يجعل الأمر "غير مجدي اقتصادياً بالنسبة لهم"

وتخطط الشركة لتشفير البيانات المالية للمستخدم بقدر الإمكان، لكنها قد تحتاج لمشاركة بعض البيانات المجمعة والتي يمكن تحديدها مع الهيئات التنظيمية وهيئات إنفاذ القانون، على حد قول شخص مطلع على المشروع.

ويوظف الفريق أشخاصاً ذات صلة بقواعد الامتثال، حيث تم تعيين "جيف كارترايت" في شهر مايو/آيار الجاري والذي كان يشغل منصب مدير المخاطر التنظيمية في منصة العملات الإلكترونية الأمريكية "كوين بيس".

المشروع يحتاج لشركاء

ويقول "دانيال مورفي" مسؤول في معهد "ميلكين" للأسواق المالية: "هناك كذلك مخاوف أوسع بشأن المنافسة".

وتساءل: "ما مدى الرغبة في أن تتوسع شركة واحدة بشكل أفقي عبر قطاعات متعددة؟".

ويتوقع المحللون أن تتعاون فيسبوك مع شركات المدفوعات الأخرى، والتي قد تساعد كذلك في توفير بعض التراخيص والتكنولوجيا والبنية التحتية للمشروع.

وتوجد إشارات بأن فيسبوك تحاول القيام بذلك، فبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، أجرت الشركة مناقشات مع "فيزا" و"ماستركارد" و"فيرست داتا" في محاولة لجمع استثمارات بقيمة مليار دولار للمشروع، على سبيل المثال.

ويقول محللون إن أيّ شراكات من شأنها أن توفر المصداقية للمشروع في وقت تواجه فيه فيسبوك ردود فعل عامة وغرامات وتحقيقات في انتهاكات للبيانات بما في ذلك فضيحة كامبريدج أنالايتكا.

وتقول "ليزا إليس" محللة المدفوعات في شركة الأبحاث "موفيت ناثانسون" وخبيرة البلوكشين إنه إذا حاولت فيسبوك القيام بإنشاء عملة خاصة بها بنفسها فمن المتحتمل أن تفشل.

وأرجعت ذلك إلى أن احتمالية نجاح فيسبوك في كافة جوانب المدفوعات - إدارة الامتثال التنظيمي والأمن وبناء ثقة المستهلك - ضعيفة للغاية بجهودها الذاتية.

وتضيف: "إذا كانوا سيتقدمون حقاً بطريقة تعاونية، اعتقد أن هذا النوع من المبادرات لديه قدر كبير من النجاح المحتمل".

مباشر (اقتصاد)