من المعروف أن مملكة البحرين شهدت على مر تاريخها صعود وسقوط العديد من الإمبراطوريات والحضارات الكبرى من أهمها حضارة دلمون والإمبراطورية البرتغالية والحضارة الإسلامية، ويعود هذا إلى كون مملكة البحرين منفردة بموقع متميز يطل على أحد أهم الخطوط التجارية في العالم منذ قديم الزمن وحتى يومنا هذا.
نتيجةً لهذا، فإن أرض مملكة البحرين تحتوي على العديد من الآثار والمعالم التاريخية الباقية من تلك الحضارات والتي تم الكشف عنها عبر القرون، وقد تم إيداع الجزء الأكبر من هذه الآثار في متاحف مخصصة تعرض قصة وتاريخ تلك الإمبراطوريات لعاشقي التاريخ. ويأتي بيت القرآن كواحد من أهم هذه المتاحف.
ويقع مجمع بيت القرآن في مدينة المنامة عاصمة مملكة البحرين، وهو مجمع تم إفتتاحه في شهر مارس من عام 1990 لكي يحفظ الآثار والقطع الفنية التي تعود إلى الحضارة الإسلامية بتصميم مبهر وساحر مستوحى من مسجد قديم يعود إلى القرن الثاني عشر والذي كان أول المساجد التي تم بنائها في مملكة البحرين. وتصل مساحة المجمع إلى أكثر من 70000 متر مربع من الأرض ويتكون بشكل أساسي من خمس أجزاء:
-
المسجد، وهو يتسع لنحو 150 مصلي.
-
المكتبة، والتي تحمل إسم مكتبة الفرقان، وهي تحفظ ما يزيد على 50000 كتاب ومخطوط قيم عن الإسلام والفن الإسلامي تمت كتابتها باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
-
قاعة محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة، وهي قاعة مؤتمرات مجهزة بأحدث تقنيات العرض وتتسع لنحو 150 فرد.
-
مدرسة يوسف بن أحمد كانو لدراسات القرآن والتي تعلم التلاوة والتجويد وغيرها من فروع دراسة القرآن.
-
متحف الحياة، وهو أكبر وأبرز جزء من المجمع بأكمله. ويتكون المتحف من دورين يحتويان على 10 صالات عرض تتضمن أكثر من 10000 مخطوط قرآني تم جمعهم من مختلف أنحاء ومدن شبه الجزيرة العربية والعالم كله، فالمتحف به مخطوطات قرآنية من مكة وبغداد والهند والصين وإسبانيا وغيرها. بل أن بعض النصوص القرآنية المعروضة يعود تاريخها إلى القرن الأول الهجري.
ومن الجدير بالذكر أن المعرض يخفظ بعض من أندر وأقيم نسخ القرآن الكريم، منها أقدم نسخة معروفة تمت ترجمتها في التاريخ والتي ترجمت في عام 955 ميلاديًا من العربية إلى اللاتينية وتم العثور عليها في سويسرا، وأول نسخ القرآن التي أمر ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان بكتابتها، وأول نسخة مطبوعة من القرآن الكريم والتي تمت طباعتها في عام 1694 ميلاديًا في ألمانيا. بالإضافة إلى كل هذا، فإن متحف الحياة في بيت القرآن يحتوي على أكبر قرآن نسخة من القرآن الكريم والتي تمت طباعتها في الهند في القرن الثامن عشر ميلاديًا وأصغر نسخة من القرآن الكريم.
بالإضافة إلى المخطوطات القرآنية القديمة، فإن المتحف أيضًا يضم قطع أثرية قيمة وحلى وقطع فخار أثرية قديمة بل أنه يضم حبوب طعام مثل حبوب الأرز والحمص التي تعود إلى القرن الرابع عشر ميلاديًا والتي تمت طباعة آيات من القرآن الكريم فوقها. أخيرًا وليس آخرًا، فإن متحف الحياة يحفظ بعض من أهم وأندر الأعمال والكتب والمخطوطات الخاصة بأهم العلماء والمفكرين الإسلاميين في التاريخ.
بسبب كل هذا، فقد كان من الطبيعي أن يعد بيت القرآن واحدًا من أشهر وأهم المتاحف الإسلامية ليس فقط في منطقة الخليج العربي بل في العالم كله. إذا كنت من محبي التاريخ عمومًا والتاريخ الإسلامي خصوصًا وتنتوي قضاء إجازتك القادمة في رحلة إلى مملكة البحرين، فإننا ننصحك بتخصيص يوم كامل من إجازتك لزيارة ذلك الصرح.