وأشار مركز اتجاهات إلى أن تحليل الخطاب اعتمد على مدخلين أساسين للمعالجة المنهجية، أولهما الوصف الغرضي من خلال قراءة النصوص الواردة في الخطاب ووصف ما جاء فيها من أغراض محددة وتوجهات حاكمة عن طريق الاستشهاد ببعض المقاطع المختارة، أما المدخل الآخر فهو التحليل الغرضي الذي يميل إلى جعل التحليل عملية مركبة تتضمن أبعادا مختلفة.
وأوضح التقرير أن الخطاب الأميري السامي ركز على فئتين أساسيتين هما: فئة الموضوع، ويقصد بها القضية التي تعبر عنها المفردة سواء كانت كلمة أو عبارة أو جملة. إن فئة القضايا كما هو واضح من اسمها تعني القضية الملموسة، مثل تعميق الممارسات الإيمانية وتعزيز الوحدة الوطنية وتطوير المسؤولية المجتمعية في بناء كويت الدولة وإرساء دعائم البنية المؤسسية والحفاظ على المسيرة الديموقراطية والترحم على أرواح بناة الوطن وتماسك الدول الإسلامية. أما الفئة الأخرى فهي فئة القيم، وتضم هذه الفئة المعاني المجردة سواء كانت مرغوبة مثل الأمن والسلام والرقي والنماء والرخاء والتسامح والعفو والمحبة والتواد، أو قيم غير مرغوبة (مرفوضة) مثل بث الفتنة أو العبث بالوحدة الوطنية أو تمزيق النسيج الاجتماعي.
الممارسات الإيمانية
وأفاد مركز اتجاهات بأن سمو الأمير تطرق في خطابه، سواء في بدايته أو قرب نهايته إلى التهنئة لكل أفراد الشعب الكويتي بمناسبة قدوم شهر رمضان والعشر الأواخر منه، فضلا عن الإشارة بشكل مكثف إلى الممارسات الإيمانية والعبادات خلال الشهر الفضيل من صوم وصلاة وقيام وزكاة وصالح الأعمال، حيث تتزايد الطاعات وتتضاعف الحسنات.
القيم السامية
وأكد التقرير أن هناك منظومة من القيم السامية الحاكمة لفكر سمو الأمير، حفظه الله، وهي القيم الروحية التي يستلهمها مما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي صارت ركائز أساسية في تكوينه الفكري، وتتمثل بدرجة أساسية في الاتحاد الوطني والعلم الراقي والعمل الجماعي والتواصل الإنساني والتكافل الاجتماعي والتمسك القانوني والصفاء النفسي والتوجه الإغاثي للغير والتسامح الفكري، وهو ما دعا سموه إلى إصدار عفو أميري عمن صدرت بحقهم أحكام نهائية في القضايا المتعلقة بالمساس بالذات الأميرية، على نحو يشير إلى وجود درجة عالية من السمو للأمير فوق التجاوزات بحقه كحاكم ووالد للجميع، حتى من الأشخاص ليس فقط المنتقدة لأداء سلطاته وإنما المسيئة لذاته المصونة دستوريا وقانونيا.
الوحدة الوطنية
وأشار اتجاهات إلى أن الانشغال بالهم الوطني ومحاربة التوجه الطائفي استحوذ على الاهتمام الأول لسمو الأمير في خطابه، على نحو ما تعبر عنه الكلمات التالية مثل «يحفظ بلدنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن» و«المسؤولية الوطنية» و«تعميق وحدتنا الوطنية» و«ثوابتنا الوطنية» و«الولاء للوطن » و«يديم على الأوطان الإسلامية الأمن والاستقرار» و«يظل وطننا الغالي واحة أمن وسلام»، وغيرها من العبارات التي تعبر عن المكانة المركزية للوطن في فكر سمو الأمير، ويهدف سموه من التأكيد في خطابه على تلك العبارات إلى الدعوة الى تحقيق الوفاق الوطني والحفاظ على اللحمة الاجتماعية لمواطنيها.
الاختلافات السلمية
تطرق صاحب السمو الأمير إلى ضرورة إدارة الاختلافات القائمة بين أبناء المجتمع الكويتي بطريقة سلمية، مهما كان حجمها، وهو ما دعا سموه إلى المطالبة بـ «طرح كل قضايانا الوطنية ومناقشتها بموضوعية دونما تجريح أو اتهام عن طريق تبادل الرأي الهادف للوصول إلى أفضل الحلول لها بدلا من الاختلاف الدائم الذي لا طائل من ورائه سوى بث روح الفرقة والتعصب».
المسؤولية المجتمعية
وفقا لرؤية صاحب السمو الأمير، فإن الأوطان تبنى على السواعد المجتمعية، بدون فوارق تمييزية بين حكومة ومعارضة، أفراد ومؤسسات، وهو ما يتحقق عبر دفع مسيرة التنمية والعمل الدؤوب. وقد عبر سموه عن تقاطع المسؤوليات في خطابه بالقول «تستمر سواعدنا قوية لبناء وطننا الكويت ورعاية الأمانة التي حافظ عليها الأبناء والأجداد لتسليمها للأبناء والأحفاد».
المساهمة الشبابية
وقال المركز إن سمو الأمير، أشار في خطابه إلى أهمية دور فئة الشباب في المجتمع الكويتي، خلال المرحلة المقبلة، وهو ما برز في عبارات محددة منها التركيز على انعقاد المؤتمر الوطني للشباب في مارس الماضي تحت شعار «الكويت تسمع»، والانتقال من التشخيص إلى الإسراع في التنفيذ، والتحول من الشعارات والتوصيات إلى الأفعال والممارسات، لاسيما كما ذكر صاحب السمو الأمير «أن الهدف من المشروع الوطني للشباب هو الاهتمام ورعاية هذا الجيل الواعد وإشراكهم في صنع القرار».
المسيرة الديموقراطية
كما تحدث صاحب السمو الأمير أيضا في خطابه عن المسيرة الديموقراطية عبر مؤشرات محددة وهي دستور ديموقراطي ومجلس نيابي منتخب وقضاء نزيه وإعلام منفتح، لدرجة أن الكويت تصنف في الأدبيات الغربية بأنها احدى الدول «شبه الديموقراطية» القليلة في المنطقة العربية. غير أنه لا يمكن للديموقراطية السياسية أن تحقق تأثيراتها بدون الخطط التنموية والمشروعات الاقتصادية وهو ما يساور التفاؤل لسموه بالحدوث بالقول «ان يكون أعضاء مجلس الأمة عند حسن الظن بهم لتحمل الأمانة والمسؤولية التي ألقيت على عاتقهم للعمل على تحقيق طموحات المواطنين والإسراع بإنجاز الخدمات العامة المقدمة للمواطنين».
البنية المؤسسية
وسلط صاحب السمو الأمير في احدى فقرات خطابه الضوء حول التفاؤل فيما يخص إعادة النظر في علاقة السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية، بعد سنوات من عدم الاستقرار المؤسسي الذي قاد بدوره إلى التراجع الاقتصادي والتأثر السلبي التنموي، على نحو ما عبر عنه قائلا «إننا مقبلون على مرحلة جديدة خلال هذا الفصل التشريعي الجديد ستشهد فيها البلاد انطلاقة واعدة نحو آفاق من التقدم والتنمية والعمل الجاد لتنويع مصادر الدخل ومتابعة تنفيذ الخطة التنموية من خلال التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».
المكانة الجيلية
برز في نهاية الخطاب مسألة أساسية وهي الاهتمام بتواصل الأجيال داخل الأسرة الحاكمة، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الأمير جليا بالترحم على أرواح بناة الوطن في فترات سابقة وهما الشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ سعد العبد الله الصباح، فوفقا لرؤية سموه، تعد فكرة التجنيد على حب الوطن، هي الشغل الشاغل خلال الفترة المقبلة. فضلا عن تركيزه على دعم أواصر العلاقة بين فئات المجتمع، وتجسيد مكانة القادة المؤسسين والمحوريين لدى الأجيال الجديدة، التي لم تشهد لحظات المخاض الطويل من الإمارة إلى كويت الدولة، منذ ما يقرب من خمسة عقود.
تماسك الدول الإسلامية
تمثل «الدائرة الإسلامية» واحدة من دوائر الحركة الخارجية التي تحظى بالاهتمام الأميري بشكل متزايد، حيث أشار في مواضع مختلفة إلى ضرورة تحقيق الأمن والسلام في الدول الإسلامية، واستخلاص الدروس من التجارب التي تتعرض لها، وخاصة في السنوات الماضية، والتي تمثلت بدرجة أساسية في «الفتن الداخلية»، مما يفرض كما قال سموه «توخي المزيد من الحيطة والحذر لتلافي تداعياتها وآثارها».