أخبار عاجلة

ثقافة اليوم التالى

ثقافة اليوم التالى ثقافة اليوم التالى

مرة أخرى يفعلها المصريون بعد أقل من شهر، أثبتوا للعالم أنهم قادرون على الفعل الذى يبهر العالم عندما يشعرون بأنهم أصحاب القرار. خرجت الملايين الذين اختلفت تقديراتهم ما بين الثلاثين والخمسة وأربعين مليونا، خرج هؤلاء ليؤكدوا رغبتهم فى الحياة فى وطن يضعون هم شروط العيش فيه ولا يفرضها عليهم تيار أو جماعة. خرجوا ليرفضوا الإرهاب ويؤكدون أن الجيش جيشهم وأن القيادة التى تقوده هى من أبنائهم وثقوا فيه وفوضوه وجيشه ليتخذ من الإجراءات ما يرى دفاعاً عنهم وعن حلمهم الذى بدأت ملامح تكوينه وتحقيقه.

مرة أخرى أعود وأؤكد ما سبق لى تأكيده، أن هذه الملايين لا يملك شخص أو قوة أن يدعى أنه من حركها أو قادها، ولا يمكن لتيار أو حزب أو قيادة سياسية أن تمتلك القدرة على تحريك هذه الجماهير إذا ما قرروا ذلك. لقد سبق أن توصلنا إلى هذه الحقيقة التى أترك تقييمها لكم، الجماهير تجاوزت من يدعون قيادتها، النخبة فقدت قدرتها، أو بمعنى أصح انكشفت حقيقتها أمام الشارع الذى كانوا يدعون قيادتهم له. ملأت بعض الشخصيات، التى احتلت مواقع النخبة طوال الأشهر الثلاثين الأخيرة، الفضاء التليفزيونى وسودوا مئات الآلاف من صفحات الصحف، وبدا بعضهم كأنه القائد المنتظر الذى سوف يجمع الناس حوله ليتقدم بهم إلى الأمام فى اتجاه تحقيق حلم المصريين، لكن الحقيقة، التى اكتشفها الشارع مبكرا، أن كل هذه القيادات المفتعلة لم تكن تمثل إلا نفسها وبعضاً ممن حولها، يسألنى صديقى ونحن نتناقش فى ليلة رمضانية من ليالى القاهرة التى استعادها المصريون: «الليبراليون آخدينا على فين؟» وأشعر بأن السؤال يضعط على نقطة الأزمة والضعف التى واجهناها من قبل ومواجهتها مرة أخرى، الليبراليون وأولئك الذين قيدوا أسماءهم فى كشوف الليبراليين هم من ملأوا الدنيا ضجيجاً ولم نر منهم فعلاً أو تأثيراً على الأرض، هم من أفسدوا التجربة الماضية وتسببوا من بين أسباب عدة فى وصول الإخوان إلى احتلال الحكم فى ، بل إن بعضهم ساند ونظر من أجل وصولهم، والبعض الآخر نافق وحاول التسلق على ظهورهم، أولئك الذين أطلقت عليهم من قبل تعبير الليبراليين المتأسلمين، اليوم يعود هؤلاء ليمارسوا بنفس الطريقة، عادوا ليختلفوا على الغنائم كما حدث وظل يتكرر منذ غزوة أحد.

علمت أن بعضهم قاتل قتالاً عنيفاً خلال الأسابيع الماضية من أجل أن يشغل منصباً وزارياً، وأن البعض كان يضغط من أجل دفع بعض حلفائه أو معاونيه ليحصل على موقع وزارى قد يفيده إذا ما قرر المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، أو هو يسدد فاتورة لهذا الحليف على حساب الوطن. ولم لا فشعوره كبير أنه هو من يقود الشارع. المقصود بثقافة اليوم التالى هو الإجابة عن هذا السؤال: «وماذا بعد؟»، والإجابة عنه من المفترض أن تكون مهمة النخبة أو قيادة الجماهير، التى لا نمتلكها للأسف، لقد حققت الجماهير المعجزة مرتين فى أقل من شهر، ولم نجد بعد من يجيب عن سؤال «وماذا بعد؟»، بل انشغل البعض بالحصول على جزء مما اعتبره غنيمة، والبعض الآخر انشغل بطنطنة الحديث لإثبات قيادته. أما البعض الثالث الذى أصبح فى موقع القيادة فقد ظل يمارس السياسة كأنه مازال ناشطاً سياسياً مثل الدكتور محمد البرادعى، الذى يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية، إن كنتم لا تتذكرون، ونسى أنه تجاوز حدود التأثير من خلال التويتر وأصبح يملك قدرة الفعل التنفيذى.

وبمناسبة الحديث عن الدكتور البرادعى فأنا لا أعلم ماذا يفعل فى مصر الآن؟ كما أعلم فإنه مسؤول عن العلاقات الخارجية، ونحن نعانى خلال هذه الفترة من توتر فى هذا المجال بسبب عدم فهم العالم الخارجى لما حدث ويحدث فى مصر، ظننت أن مكانه الآن بعض عواصم العالم يشرح لها ما حدث لا أن يكون قابعا فى القصر الرئاسى يكتب تغريداته تعليقاً على الأحداث. لقد كان يسافر قبل ذلك أكثر كثيراً وهذا دوره الآن. أيضاً نتعرض لموجة هجوم من أعلام الغرب ناتجة عن عدم معرفتهم بالصورة الحقيقية أو بسبب نشاط أكثر تكثيفا من قبل جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية ونكتفى بأن نرد على هؤلاء فى الغرب فى صحافتنا وإعلامنا المحلى وبلغتنا العربية، وأسأل: أين أدوات الرئاسة وبقية مؤسسات الدولة المنوط بها توضيح الصورة؟ الشارع تخطى من يدعى قيادته، الجماهير تجاوزت أفكار من يحتل مواقع النخبة زوراً وبهتاناً، التحديات تتجاوز الأساليب التقليدية التى مازالت تمارسها إدارة جديدة للبلاد بأساليب قديمة.

mailto:menawy@gmail.com

SputnikNews