"للبيع بـ50 ألف جنيه بدون فصال".. كانت هذه أغرب وأحدث حيل النصب، استخدمها أحد رواد موقع الفيس بوك، للترويج لنسخة مُقلدة من كتاب "شمس المعارف" أشهر كتب التعاويذ واستحضار الجن، وما إن نشر تدوينته على صفحة تهتم بقصص الرعب وتحتوي نحو مليون مشترك، توالت عشرات التعليقات على تدوينته والغريب أن عددا كبيرا طلب التواصل معه لشراء الكتاب.
وكما دفعت التكنولوجيا الشباب لدخول لتلك العوالم، دفعت أيضا النصابين والدجالين لاستغلال جهلهم وشغفهم للإيقاع بهم في شباك النصب واستنزاف أموالهم
"نساعدكم على جلب الحبيب والزواج ورد المطلقة في 3 أيام... التواصل على الفيسبوك وسكايب"، اقتباس صغير من إعلان انتشر على موقع التواصل الاجتماعي على الفيس بوك، بعد أيام من القبض على شبكة لمروجي العلاج بالسحر والشعوذة على الفضائيات ومنهم "الشيخ حسن الكتاتنى" "وأم خديجة المغربية".
"أنا بدي يصير فيني جن".. كانت هذه رسالة إحدى الفتيات العرب المشاركات على صفحة مصرية تهتم بقصص الرعب والجن والسحر، يقول "مصطفى أبوضيف" أدمن الصفحة التي يتخطى عدد المشاركين بها ـ100 ألف شخص، إن مثل تلك الرسائل تصلهم باستمرار من أشخاص يٌريدون الدخول بإرادتهم لعالم الجن والسحر.
وأضاف مصطفى: "لما قررنا نعمل الصفحة كان كل الغرض منها إننا نكتب قصص من تأليفنا عن عالم الجن والرعب، بس اكتشفنا إن معظم الشباب والبنات عندهم فضول كبير في الدخول للعالم ده والتعامل معه وجها لوجه"، مضيفا: "في صفحات كتير زي صفحتنا، وناس كتير تستغل الصفحات دي ومواقع التواصل بصفة عامة عشان تستقطب الشباب وتدخلهم في العالم ده، وللأسف الشباب بيكونوا مرحبين وهما مش متخيلين مدى خطورة الموضوع ده".
وبحسب إحصائية صدرت مؤخرا عن مركز الدراسات الاجتماعية والجنائية، فإن مُريدي الدجالين، ينفقون أكثر من 15 مليار جنيه سنويا على أعمال السحر والدجل رغبة منهم في جلب الحظ أو العمل او الإنجاب أو حل المشاكل الأسرية أو شفاء أحد المرضى. وأشار المركز إلى أن 50% من النساء المصريات مؤمنات بقدرة السحر على حل مشاكلهن الزوجية والحياتية.
وأكدت الإحصاءات أن عدد العاملين بهذه المهنة يصل إلى 350 ألف مشعوذ ومشعوذة، ويستفيد من ورائهم عدد آخر من المهن مثل "العطارين".
"أنا عاوزة معلومات عن الجن والسحر، عاوزة أعرف أسرارهم".. رسالة وصلت الصفحة من فتاة مصرية لم يتجاوز عمرها 20 سنة، الفتاة بررت طلبها قائلة: إنها تهتم كثيرا بكتب الجن، وتواصلت مع أحد هؤلاء الشيوخ فأخبرها أن أحدهم يرافقها ويسمى "الجن العاشق"، لذلك فهي تريد أن تتعلم الكثير من أسرارهم، زاعمة أنها باتت ترى رفيقها الجني وتتعامل معه.
أدمن صفحة مماثلة على الفيس بوك، روى لـ"مصراوي" جزءا من أغرب الرسائل التي تلقتها الصفحة، وقال: "كان فيه بنت بتقول إن مامتها حد كلمها تبع شيخ من اللي بنشوف إعلاناتهم في التليفزيون والنت، وبعتت له رسالة على صفحته الشخصية على الفيس بوك، وحاولت تتواصل معه بس هو طلب منها تحوله 200 جنيه رصيد قبل الرد على مشكلتها".
ويقول العميد عماد عكاشة، رئيس الإدارة العامة لمكافحة الآداب، إن عدد من تعرضوا للنصب من مصر وخارجها خلال الفترة من ديسمبر 2016 وحتى فبراير 2017 ( 3 أشهر فقط)، وصل إلى 3095 شخصا دفعوا أكتر من مليون و395 ألف جنيه مصري، و 27 ألف دولار و50 دينارا كويتيا.
وحول أسباب انتشار الظاهرة بين العرب على مواقع التواصل، يقول دكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، :"إن الأمر ليس سوى ثقافة موروثة منذ قديم الأزل، لا علاقة لها بدين أو مستوى تعليمي"، مضيفا: طبقا للإحصاءات فأكثر الدول العربية شُهرة في هذا المجال "المغرب، ومصر، وليبيا، والسودان"، أما باقي الدول فإن فئات معينة فقط هي التي تعترف بمثل تلك الأمور الخرافية مثل السُنة في العراق وسوريا والأردن.
واستطرد "فرويز": الشعوذة والدجل ليس لها واقع ديني بينما يعتمد فيها ممارسوها على استغلال جهل الشعوب، وما يؤسف له أن نسبة كبيرة جدا من مُريدي هؤلاء النصابين من المثقفين ودكاترة الجامعة والأطباء.
وأكمل أستاذ الطب النفسي:" أجريت مناظرة مع هؤلاء الدجالين، خلال لقائي مع الإعلامي طوني خليفة، ادعى أحدهم أن معه مجموعة من الجن، وحين طلبت منه أن يطلقهم علي، رفض بحجة أنهم لن يمسوني طالما أنني غير معترف بهم، ومن هنا أثبت مدى كذبه ونفاقه أمام الجمهور.