يعد تمثال الحرية في نيويورك من أشهر التماثيل في العالم، وهو رمز الولايات المتحدة الأمريكية، ويعبر عن أهم القيم التي قامت عليها الدولة، وأساس الثقافة الأمريكية والغربية، وهي الحرية.
ويعد تمثال الحرية، الذي نُصب على جزيرة الحرية في مدخل ميناء نيويورك، أول ما لمحته أعين المهاجرين الوافدين للولايات المتحدة الأمريكية على متن السفن من أوروبا في الفترة بين 1892 و1954، وقد كان بمثابة رسالة ترحيب بالمهاجرين ووعد من الولايات المتحدة لهم بالحياة المُثلى التي تقوم على احترام حقوق الإنسان وأهمها الحرية.
وكان التمثال هدية من فرنسا للولايات المتحدة، وصممه النحّات الفرنسي فريدريك أوجست بارتولدي، ويرمز لإلهة الحرية عند الرومان وهي «ليبرتاس»، ورغم ذلك فإن بداية التمثال لم تكن كما انتهى عليه، فأصوله لا تنتمي للثقافة الغربية، وإنما للشرق، وبشكل أدق إلى مصر، وذلك حسب ما ذكر موقع «إندي 100» البريطاني.
ووفقًا لما ذكرته شبكة القنوات التليفزيونية الأمريكية «CNBC»، فإن تمثال الحرية، رمز الحرية الأمريكية، كان في بدايته تمثالًا لامرأة مسلمة، وكان في الأساس من المفترض أن يمثل «فلاحة مصرية».
ففي 1855، زار النحات الفرنسي «بارتولدي» مصر، لرؤية ودراسة التماثيل المصرية الضخمة، وبعد عدة سنوات، كانت لديه النية لصنع تمثال لمصر، على أن يُنصب في ميناء بورسعيد، عند المدخل الشمالي لقناة السويس.
ووفقًا لموقع «ناشيونال بارك سيرفس» الأمريكي، التابع لوزارة الداخلية، فإن النحّات الفرنسي صنع تمثالًا ضخمًا لفتاة ترتدي ثوبًا، وتحمل في يدها شعلة، وأطلق عليه «مصر تجلب النور لآسيا»، وكان من المفترض أن يكون التمثال لفلاحة مصرية.
ولكن رفض الخديو إسماعيل باشا فكرة إقامة التمثال في ميناء بورسعيد، نظرًا لارتفاع تكلفتها، فتم تغيير شكل التمثال من فلاحة مصرية إلى إلهة الحرية «ليبرتا»، حسب ما ذكر إدوارد برينسون، مؤلف كتاب «تمثال الحرية».
ومع ذلك، نفى جورج آدم سميث أن يكون التمثال لامرأة مسلمة، فقد قال إن الفلاحة المصرية من الممكن أن تكون مسلمة أو مسيحية أو حتى يهودية خلال تلك الفترة، ولكن الأغلبية آنذاك كانت يمثلها المسلمون، كما أن الفلاحة كانت رمزًا لمصر التي هي دولة إسلامية بالأساس.
وفي عام 1865، أراد المفكر السياسي الفرنسي، إدوار لابولاي، أن يقدم نصبًا تذكاريًا كهدية للولايات المتحدة الأمريكية، لتخليد وإحياء التفاني الأمريكي الفرنسي المشترك لقيمة الحرية، واحتفالًا بالرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن.
وتم اختيار النحّات الفرنسي بارتولدي لتصميم وصنع التمثال، لذا قام بإجراء تغييرات على تمثاله الأصلي للفلاحة المصرية، وأصبح تمثال الحرية بشكله الحالي.