وفى مقابلة مع رويترز قال الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله الشيعى المدعوم من إيران إن حلفاء الأسد من إيران وروسيا وحزب الله سيقفون إلى جانب الرئيس السورى حتى النهاية، ويقاتل أفراد الجماعة الشيعية اللبنانية إلى جانب الرئيس بشار الأسد ضد المسلحين المعارضين الذين تدعمهم قوى غربية وإقليمية.
وقال قاسم إن إعادة السيطرة الكاملة على حلب ثانى أكبر المدن السورية حيث تجرى معركة حاسمة حاليا ليس هدفا فوريا، وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنه ليس للأسد مستقبل فى سوريا بعد أن شن حربا على شعبه فى حين تعارض روسيا وإيران كليا تغيير النظام وتصران على أن الأسد رئيس شرعى بالرغم من إنه يحكم دولة تقلصت بسبب مكاسب المسلحين.
ويخشى التحالفان الروسى والأمريكى من أن يؤدى رحيله المفاجئ إلى تدمير ما تبقى من سوريا بعد أكثر من خمسة أعوام من الحرب الأهلية ليرث تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة دولة هشة، وقال قاسم إن هناك احتمالا أن يحدث تقسيم لسوريا وجارها العراق اللذين يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أراض فيهما.
وأضاف أنه فى ضوء ما يجرى على الأرض "لا أستبعد أن يكون أحد الطروحات هو إيجاد حالة تقسيمية فى هذين البلدين (سوريا والعراق) لكن هل تنجح أو لا تنجح.. أعتقد أن القوى التى تريد وحدة سوريا وحدة العراق إلى الآن قادرة على أن تمنع فكرة التقسيم لكن ماذا يمكن أن يحصل فى المستقبل؟ يجب أن نبقى قلقين من احتمال أن تجر بعض الدول هاتين الدولتين أو إحداهما إلى التقسيم بعناوين مختلفة. هذا القلق قائم ولكن علينا أن لا نستسلم له."
وأشار إلى أن الأسد هو حائط الصد الأفضل فى وجه التقسيم، أضاف "ومع الرئيس الأسد يمكن ان يكون الحل منطقيا ومعقولا فى إيجاد ضوابط سياسية تأخذ من خلالها المعارضة حصة والنظام حصة ويكون هناك تنسيق يعيد إنتاج ترتيب الوضع وإنتاج السلطة من جديد فى سوريا.. سجل لديك لا حل فى سوريا من دون الأسد ومهما حاولت الأطراف المختلفة تستطيع أن تطيل الأزمة وأن تعقد الحل لكن لا تستطيع أن تنتج حلا من دون الرئيس الأسد."
*التزام وثيق
قال قاسم إن تدخل الطيران الروسى منذ سبتمر أيلول الماضى بعد أن خاضت إيران وحزب الله وميليشيات شيعية عراقية الحرب لإبقاء الأسد فى سدة الحكم أدى إلى إرباك مخططات واشنطن والقوى الإقليمية السنية كالسعودية وتركيا وفتح الباب أمام حل سياسي.
وقال قاسم إن "التدخل الروسى أحدث إضافة إيجابية لمشروع صمود الدولة السورية فى مواجهة المشروع الأمريكي. وهنا ساهمت العلاقات الإيرانية -الروسية مع سوريا بهذا الإنجاز الميدانى لأن الاتجاه الإيرانى هو أيضا داعم لبقاء الرئيس الأسد وداعم للحل السياسى فالتقى الروسى مع الإيرانى على مشروع واحد يقول بالحل السياسى فى سوريا وبقاء الرئيس الأسد وترك الخيار للشعب السورى مستقبلا أن يحدد خياره."
واندلعت الحرب فى سوريا بعد أشهر من انتفاضة سلمية متزامنة مع ثورات الربيع العربى فى بلدان عدة تطالب بالتغيير الديمقراطى عام 2011. وقبل تدخل إيران وحزب الله وروسيا إلى جانب الأسد بدا أن قبضته على الحكم تتراخى. واعتبر دبلوماسيون وخبراء فى الشرق الاوسط أن دعمهم كان حاسما لبقائه فى السلطة، وفى الحرب التى تقترب من عامها السادس فى سوريا قتل أكثر من 250 ألف شخص وهجر أكثر من 6.6 مليون داخل البلاد وأجبر 4.2 مليون آخرين على النزوح للخارج لتنشأ أزمة نزوح كبيرة فى الدول المجاورة وأوروبا.
وقال قاسم إن الحملة العسكرية التى شنتها القوات الحكومية وحلفاؤها على مدى شهور فى حلب التى يسيطر عليها المعارضون لم تستهدف بشكل كبير استعادة عاصمة سوريا الاقتصادية بقدر ما سعت لفصل المعارضين المسلحين عن إدلب التى تعتبر معقلهم الرئيس فى الشمال الغربى وخنق خطوط الإمداد من تركيا.
وحلب التى يقطنها أكثر من مليونى شخص حاليا منقسمة منذ سنوات بين مناطق تخضع لسلطة المعارضة ومناطق تابعة للدولة، أَضاف "وبحسب معلومات بأن الخطة الاساسية التى كانت تسعى إليها الدولة السورية مع الحلفاء المختلفين هى قطع الطريق بين المدينة وبين إدلب أما موضوع تحرير حلب فهو مشروع آخر قد لا يكون مطروحا بشكل سريع وقد يحصل بفعل التداعيات التى أصابت المسلحين."
وتصف جماعة حزب الله الشيعية ذات الذراع العسكرية القوية دورها بأنه جزء من النضال ضد التهديد الإقليمى المتنامى والذى يشكله متشددون سنة تصفهم بأنهم تكفيريون بسبب فكرهم الراديكالى العنيف وموقفهم المتصلب، وأشعل الصراع فى سوريا جذوة منافسة إقليمية قديمة بين حكومة إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية المحافظة أحد داعمى المسلحين ضد الأسد.
وقال قاسم إن الولايات المتحدة إحدى القوى الوسيطة التى تعمل على حل الأزمة منشغلة بانتخابات الرئاسية فى نوفمبر تشرين الثانى وليست مستعدة للقيام بأى عمل حتى يتولى الرئيس السلطة العام المقبل.
وقال "باتت الإدارة الأمريكية مقتنعة أن فترة ما قبل انتخابات الرئاسة فى أمريكا هى فترة الوقت الضائع التى يمكن انتظارها وبعدها عندما يستلم الرئيس الامريكى الجديد (مهامه) وبعد شهرين من استلامه أى حوالى شباط (فبراير) 2017 تتضح معالم إمكانية الحل أو إطالة الأزمة أكثر. بناء عليه كل ما يطرح الآن من خطوات تتحدث عن حل سياسى هى عبارة عن تمرير للوقت وإبراز وجود حركة."
أضاف "على هذا الأساس الأزمة طويلة إلى شباط 2017 بالحد الأدنى وبعد ذلك يجب أن نقرأ الظروف الموضوعية فى وقتها وعندها يمكن أن يستشرف الإنسان إمكانية الحل أو تمديد الأزمة."
وقال إن تضحيات حزب الله الذى خسر مئات المقاتلين فى سوريا هى تضحيات مستحقة ولولاها لكانت القوات المتشددة مثل الدولة الإسلامية قد سيطرت على سوريا وامتدت إلى لبنان.
وقال "فى تصورنا ان ما قدمناه فى سوريا هو أقل بكثير مما كنا يمكن أن نقدمه لو لم نذهب إلى سوريا كنا سنقدمه فى بيوتنا وشوارعنا وفى كل لبنان وعلى حساب المقاومة. مع أهمية التضحيات التى قدمت لكن هى أقل مما كان يمكن أن يكون."
أضاف "نحن منعنا امتداد الأزمة إلى لبنان وهذا إنجاز كبير ومنعنا أيضا قدرة التكفيريين على تعطيل جسر المقاومة وكذلك أسسنا لقدرة على صمود سوريا فى الموقع المتقدم فى العمل المقاوم. هذه إنجازات كبيرة تستحق كل تضحية."
وحذر من إن تنظيم الدولة الذى يتم استهدافه من قبل طائرات التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة سيزيد من هجماته فى أوروبا وأماكن أخرى مضيفا أن للتنظيم المتشدد استراتيجية توسعية وسيستخدم كل ما هو متاح لتحقيق أهدافه.
وقال إن "التحالف الدولى ضد داعش ليس جديا بل هو تحالف كاذب لأنه لم يحقق أى انجاز ولم يقض على أى مجموعة بشكل متكامل بينما عندما تدخل الروس من الأيام الأولى أحدث بلبلة طويلة عريضة فى صفوف داعش. هذا يعنى أن الأمريكيين لم يكونوا جديين وهم ليسوا جديين حتى الآن."
أضاف "نعم الالآم الاوروبية كبيرة وستزداد أكثر فأكثر. لن تترك داعش فرصة فى كل دول العالم من دون استثناء إلا وستقوم بها عندما تستطيع."