تعرض النساء لسوء المعاملة يجعل المجتمعات أكثر فقرا وأقل استقرارا، بحسب رأي فاليري هوتدسون الأستاذة في كلية الزراعة والميكانيك جامعة تكساس، وتوافقها الرأي دونا لي بوان وبيربيتوا نيلسن، الباحثتين في جامعة "بريغهام يونغ" في ولاية يوتا الأميركية.
ولا يؤدي اضطهاد النساء إلى الإضرار بحقوق وأوضاع المرأة فقط، بل إن الرجل أيضا متضرر من هذا النظام الاجتماعي الذي يؤثر بالسلب على الدولة برمتها.
العراق نموذجا
وتسلط صحيفة "إيكونوميست" (economist) البريطانية -في هذا التقرير- الضوء على أوضاع النساء في العراق، حيث إن بعض المدن العراقية تعتبر ليبرالية جدا مقارنة بمعايير الشرق الأوسط، ولكن في الأرياف والمناطق القروية يسود نظام أبوي صارم جدا، حيث النظام الاجتماعي المبني على سلطة الرجل، أما النساء فإنهن يلزمن المنازل، ويتم تغييبهن عن الاجتماعات القبلية.
وتشير الصحيفة إلى أنه في إحدى القبائل جنوبي العراق يعتبر الرجال أن المرأة التي تتجرأ على قيادة سيارة بنفسها ستذهب للقاء رجل، وهذه الاحتمالية للتفريط في شرفها هي كافية لتسمح لأقاربها الذكور بقتلها ودفنها في رمال الصحراء.
سيطرة الرجل
وتشير الصحيفة إلى أن هذه القواعد الاجتماعية تطورت في عهود سابقة قبل ظهور الدولة الحديثة، التي تتولى ضبط الأمن والنظام.
وفي الدول الغنية والليبرالية اختفت فكرة سيطرة الرجل منذ وقت طويل، إلا أنها لا تزال شائعة في بلدان أخرى.
وقد تم نشر بحث جديد أنجزته الأستاذات الجامعيات هودسون وباون ونيلسن تحت عنوان "النظام السياسي الأول: كيف يشكل النوع الاجتماعي الحوكمة والأمن القومي في العالم".
في هذا العمل تم تصنيف 176 بلدا في إطار مقياس من 0 إلى 16، تبعا لمعايير متعلقة بسيطرة الرجال وتبعية المرأة للذكور في عائلتها.
كما تم الاعتماد على مؤشرات، مثل غياب المساواة في المعاملة داخل القوانين العائلية، وحقوق الملكية، والزواج المبكر للفتيات، وانتقال المرأة للعيش مع قبيلة زوجها، وتعدد الزوجات، والعنف ضد النساء، ونظرة المجتمع لهن.
مؤشرات إيجابية
وأظهر هذا البحث أن الديمقراطيات الغنية توجد فيها مؤشرات إيجابية، حيث حققت السويد وسويسرا وأستراليا أفضل النتائج وحلت في المستوى 0، بينما حقق العراق ونيجيريا واليمن وأفغانستان أسوأ نتائج في المرتبة 15. والدولة الوحيدة التي جاءت في المرتبة الأخيرة 16 هي جنوب السودان.
120 بلدا حول العالم!
إلا أن هذه النتائج المفزعة لا تقتصر على الدول الفقيرة، وبشكل عام تعتقد القائمات على هذه الدراسة أن 120 بلدا حول العالم لا يزال يعاني هذه الظواهر المسيئة للمرأة.
في الوقت نفسه، تعاني بلدان مثل العراق من النظام القبلي الذي يسيطر على الدولة، وتتجنب السلطات التدخل فيه. وهذا الأمر يؤدي إلى انتشار الفساد والمحسوبية، بسبب توجه أبناء القبائل في بعض الوزارات لتوظيف أبناء عمومتهم رغم افتقارهم لمؤهلات، وفق ما تذكر الصحيفة.
وعندما تصبح الدولة غنيمة في أعين الناس فإنهم يتقاتلون عليها. وقد عانى العراق 5 انقلابات بين سنة استقلاله عام 1932 ووصول صدام حسين للسلطة عام 1979، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أن كل هذه الأمور لا يمكن بالطبع أن يكون سببها الوحيد هو النظام الأبوي السائد في هذا البلد، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن تحميل كل المسؤولية للأطراف الأجنبية.
مؤشر التنمية البشرية
كما توصلت الباحثات من خلال هذه الدراسة إلى وجود أدلة على الارتباط الوثيق بين هذا النظام الاجتماعي الأبوي وانتشار الفقر.
إذ إن مظاهر سيطرة الرجال وتبعية المرأة لهم ترافقت في العديد من الدول والمناطق في العالم مع افتقاد الأمن الغذائي، وضعف فرصة الحياة عند الولادة، وغياب التعليم والصحة، والحصول على نتائج ضعيفة في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.
كلفة كراهية النساء.. المجتمعات التي تسيء معاملة المرأة أكثر فقرا وأقل استقرارا
" وكالة أخبار المرأة "