خاضت المرأة الأميركية كفاحا طويلا لنيل حقها في التصويت، وتصدرت هذا الكفاح ناشطات بارزات استطعن في النهاية تكليل جهودهن بإقرار تلك الحقوق، وما تلى ذلك من مسيرة جديدة تمكنت فيها من تحقيق النجاحات تلو الأخرى.
وتحتفل الولايات المتحدة بـ"يوم مساواة المرأة" في السادس والعشرين من أغسطس، الذي يحيي ذكرى حصول النساء على الحق في التصويت، عام 1920، عندما تم إقرار التعديل الـ19 من الدستور. وكان الكونغرس قد أقر هذا التعديل في 4 يونيو 1919 ثم صادق عليه في 18 أغسطس 1920، ووثقه وزير الخارجية آنذاك، بينبردج كوربير، في الـ26 من الشهر ذاته.
وأعطى هذا التعديل النساء حق الإدلاء بأصواتهن في الانتخابات بمختلف أنحاء البلاد، وفي نوفمبر 1920، تمكنت أكثر من ثمانية ملايين امرأة من الإدلاء بأصواتهن بالفعل لأول مرة.
ولم تصادق على التعديل 12 ولاية فور اعتماده، واستغرق ذلك الأمر أكثر من 60 عاما، وكانت ولاية ميسيسبي آخر الولايات وذلك في 22 مارس 1984.
وينص التعديل أنه "لا يجوز للولايات المتحدة ولا لأية ولاية فيها حرمان مواطني الولايات المتحدة من حق الانتخاب أو الانتقاص لهم من هذا الحق بسبب جنسهم".
وبناء على قرار للكونغرس الأميركي اتخذه سنة 1971، أصبح 26 أغسطس يوم المساواة للمرأة الأميركية.
وجاء في القرار المشترك لمجلسي الكونغرس في 1973: " تم تحديد 26 أغسطس كـ" يوم مساواة المرأة "، والرئيس مفوض ومطلوب منه إصدار إعلان إحياء ذكرى ذلك اليوم من عام 1920 والذي تم فيه ضمان حق التصويت للمرأة الأميركية لأول مرة".
مسيرة الكفاح
مر نضال المرأة الأميركية بعدة محطات قبل الوصول إلى هذا النجاح. بدأت حركة حقوق المرأة في مؤتمر سينيكا فولز، عام 1848، الذي يعد أول مؤتمر كبير عن حقوق المرأة في أميركا، وتم فيه عرض تقرير انتقد وضع المرأة في المجتمع الأميركي وطالب صراحة بإعطائها حق التصويت. نظمت الحدث الناشطة السنوية، لوكريشيا موت، التي كانت تدعو إلى تعليم المرأة والمساواة في أماكن العمل، ووضع اسمها ضمن أبرز الناشطين في الحركة النسوية الأميركية.
وبعد نحو عقدين من الزمن، اتسعت الحركة النسائية، وتم تشكيل تنظيم نسائي كبير اسمه "المنظمة القومية الأميركية لحق المرأة" سنة 1890 بقيادة الناشطة النسوية البارزة سوزان أنتوني.
وفي 3 مارس 1913، تجمعت آلاف النساء في عاصمة البلاد واشنطن للمطالبة بإقرار تعديل دستوري يضمن حق التصويت للمرأة، وأقمن عرضا كبيرا في شارع بنسلفانيا قرب البيت الأبيض، شارك في الآلاف على الأقدام وعلى ظهور الخيل.
"مسيرة حق المرأة في الاقتراع" في واشنطن نظمتها الناشطة البارزة، أليس بول، عشية تنصيب الرئيس، وودرو ويلسون، على أمل كسب تعاطف الحشود الكبيرة في المدينة التي توافدت لتنصيب الرئيس.
وبمرور السنوات، بدأ السياسيون يدركون بشكل متزايد أهمية النساء الأميركيات كفئة انتخابية مهمة. وفي 21 مايو 1919، وافق مجلس النواب الأميركي على تعديل يمنح المرأة حق التصويت، ثم وافق مجلس الشيوخ عليه حتى تم إقراره رسميا في أغسطس 1920.
ورغم وفاة أبرز الناشطات في الحركة قبل تمرير التعديل، إلا أن إرثهن لايزال باقيا في أذهان العديد من النساء المشاركات في الحركة السياسية كناخبات ومسؤولات منتخبات.
تكليل النجاح
ودفع هذا التعديل بالأميركيات إلى الواجهة السياسية والعسكرية، إذ شهدت السنوات التي أعقبت هذه المحطة ظهور أسماء نسوية بارزة على الساحة في الولايات المتحدة.
ومنذ اعتماد التعديل قبل 101 عام، يدعم السياسيون بشكل متزايد القضايا الاجتماعية التي تستميل الناخبات، ومنها ما يتعلق بتحسين الصحة العامة والتعليم.
وقد وجدت دراسات أنه مع حصول النساء الأميركيات على حق التصويت، انخفضت معدلات وفيات الأطفال وزادت معدلات الالتحاق بالمدارس.
وتشير الأرقام إلى أن النساء يصوتن بقوة في الاستحقاقات الانتخابية مقارنة بالرجال، ففي انتخابات 2016، أدلت 73.7 مليون أميركية بأصواتهن مقارنة بـ63.8 مليون أميركي، بحسب بيانات مركز النساء الأميركيات في السياسة (CAWP).
وتمكنت النساء من الفوز بالعديد من الانتخابات المحلية وعلى مستوى الولايات وحتى منصب نائب رئيس البلاد.
وفي عام 2019، أصبحت نيفادا أول ولاية أميركية تشغل النساء فيها غالبية المقاعد التشريعية في الولاية.
وتشير الوثائق إلى أن نيلي تيلوي روس من ولاية وايومنغ كانت أول امرأة تحكم ولاية في 1925.
وأصبحت هاتي أوفيليا كاراوايوف من أركنساه أول امرأة تُنتخب لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي في عام 1932.
وأصبحت مارغريت تشيس سميث، أول امرأة تخدم في مجلسي الكونغرس، وقد ساهمت في عام 1948 بإقرار قانون منح المرأة أدوارا أكبر في الجيش الأميركي.
وتعتبر باتسي تاكيموتو مينك أول امرأة ملونة وأول امرأة آسيوية تنتخب في الكونغرس.
وصعدت الأميركية السوداء باربرا جوردان كأول امرأة سوداء تنتخب في الكونغرس من الجنوب.
وكانت هيلاري كلينتون أول امرأة تشغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن نيويورك، وأول امرأة من نيويورك تعمل في لجنة القوات المسلحة بالمجلس. وأصبحت في عام 2016 أول امرأة يتم اختيارها لتكون مرشحة رئاسية لحزب كبير.
أما النائبة الديمقراطية عن كاليفورنيا، نانسي بيلوسي، فأصبحت في 2007 أول امرأة تُنتخب لرئاسة مجلس النواب. ومن خلال هذا المنصب، لعبت أدوارا بارزة، من أهمها إقرار قانون الرعاية الصحية "أوباما كير" في 2010، وكانت خصما بارزا للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ولعبت دورا كبيرا في محاولة عزله من منصبه.
واستطاعت المرأة الأميركية الوصول إلى منصب نائب رئيس البلاد، أهم منصب في الولايات المتحدة، بفوز سيناتورة كاليفورنيا، كامالا هاريس ، التي أصبحت أيضا أول امرأة تشغل هذا المنصب.
أخبار متعلقة :