تمثل خطوة عدد غير قليل من الأحزاب العراقية النافذة في البلاد بترشيح نساء فقط في الدوائر الانتخابية التي قررت خوض التنافس فيها، في الانتخابات المبكرة المقرر أن تجرى في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تحولاً واضحاً في تأثير كوتا النساء التي فرضت في الدستور العراقي، الصادر في 2005 على المعادلة الانتخابية.
وقد دفع تقسيم قانون الانتخابات الحالي البلاد إلى 83 دائرة، وتحديد عدد مقاعد النساء في البرلمان لضمان وجود امرأة في كل واحدة، ببرلمانيات للاعتقاد أن الآلية الجديدة لقانون الانتخابات، وما تبعها من تغيير في توجهات الأحزاب حيال النساء، قد يزيدان من حصتهن في البرلمان المقبل.
تمثل خطوة عدد غير قليل من الأحزاب العراقية النافذة في البلاد بترشيح نساء فقط في الدوائر الانتخابية التي قررت خوض التنافس فيها، في الانتخابات المبكرة المقرر أن تجرى في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تحولاً واضحاً في تأثير كوتا النساء التي فرضت في الدستور العراقي، الصادر في 2005 على المعادلة الانتخابية.
وقد دفع تقسيم قانون الانتخابات الحالي البلاد إلى 83 دائرة، وتحديد عدد مقاعد النساء في البرلمان لضمان وجود امرأة في كل واحدة، ببرلمانيات للاعتقاد أن الآلية الجديدة لقانون الانتخابات، وما تبعها من تغيير في توجهات الأحزاب حيال النساء، قد يزيدان من حصتهن في البرلمان المقبل.
ووفقاً للدستور العراقي فإن عدد كوتا مقاعد النساء في البرلمان يجب ألا يقل عن 25 في المائة من العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب البالغ 329 مقعداً. وكان تأثير النساء ضئيلاً في التجارب الانتخابية السابقة، التي هيمنت عليها التحالفات الكبيرة التي كانت تمنح الأولوية لقادتها البارزين في الدعاية الانتخابية، وتتعامل مع أغلب المرشحات من النساء بقدر أقل من الاهتمام لغرض سد فراغ الكوتا. ونتيجة لذلك فإن أغلب البرلمانيات السابقات وصلن عن طريق التحالفات، إذ لم يكن يمتلكن القدرة على المنافسة والفوز لوحدهن.
إلا أن قانون الانتخابات الحالي، الذي ستجرى بموجبه الانتخابات المقبلة، منح المرأة دوراً أكبر، حين قسم مقاعد كل محافظة إلى دوائر، محدداً حصة النساء فيها لضمان وجود امرأة في كل دائرة انتخابية، ما دفع بعض الأحزاب، التي تعتقد أنها غير قادرة على المنافسة مع المرشحين الرجال، إلى زج نساء فقط في بعض الدوائر الانتخابية لضمان الحصول على مقعد. وهذا ما عمدت إليه الأحزاب الكردية، حين زجت بـ 4 مرشحات في 4 دوائر في محافظة ديالى شرقي العراق، لتركيز أصوات الناخبين الأكراد نحو النساء المرشحات، سعياً للفوز بـ 4 مقاعد بالمحافظة، بعد أن وجدت القوى الكردية أن التنافس على مقاعد الرجال مع القوى العربية أمر صعب، وقد لا يأتي بنتيجة.
وقال مسؤول إعلام "الاتحاد الوطني الكردستاني" في مدينة خانقين بمحافظة ديالى إبراهيم حسن، أخيراً، إن حزبه سيخوض الانتخابات بمرشحة واحدة، هي سوزان منصور كرم، ضمن الدائرة الانتخابية لخانقين. وبين، في تصريح صحافي، أن الاكتفاء بمرشحة واحدة يعود لأسباب فنية، وللقراءة المستفيضة لواقع المنافسة والحظوظ الانتخابية.
وأكدت النائبة انتصار الجبوري أن فرصة النساء في قانون الانتخابات الحالي أكبر من السابق. وقالت "نحن كنساء يكفينا فخراً تقسيم العراق إلى 83 دائرة انتخابية، أي بعدد مقاعد كوتا النساء في مجلس النواب، وهذا الأمر يزيد من ثقة النساء بأنفسهن، لأن السياسيين لم يجدوا حلولاً لتقسيم الدوائر الانتخابية إلا في كوتا النساء". وأشارت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن القوى السياسية بدأت تعول على كوتا النساء، متوقعة حصول النساء على مقاعد خارج حصتها في الكوتا. وتابعت "يمكن أن تفوز في كل دائرة انتخابية امرأتان وليس واحدة، إذ يمكن لامرأة أن تنال مقعداً وفقاً لحصتها المضمونة بالكوتا، وتفوز أخرى بمقعد ثانٍ من خلال منافستها للرجال".
وبحسب قانون الانتخابات، فإن عدد الدوائر في جميع المحافظات العراقية هو 83، على أن يكون في كل واحدة بين 3 و5 مقاعد، بينها واحد لامرأة على الأقل، على أن تكون حصة النساء في كل محافظة ربع عدد المقاعد أو أكثر. ورجحت الجبوري، وهي نائبة عن محافظة نينوى، حدوث تغيير في المعادلة الانتخابية بسبب اهتمام الأحزاب بالنساء تحضيراً للانتخابات المقبلة. وأكدت أن المرأة تحظى بفرص للفوز، لأسباب عدة، بينها "أنها عملت أكثر من الرجل، وأن سمعتها من ناحية النزاهة أفضل أيضاً، وكذلك فإن فرصتها في الفوز أكبر لوجود احتمالات بحصولها على مقاعد خارج الكوتا". ولفتت إلى أن بعض الدوائر الانتخابية ستشهد قيام أحزاب بالتحشيد لمرشحات نساء دون الرجال للظفر بمقعد الكوتا، مضيفة "سمعت أن بعض الأحزاب لديها نية لدعم نساء، خصوصاً في ظل وجود مرشحين رجال كثر في الدوائر الانتخابية، وبالتالي سيكون هناك تشتت للأصوات". وتابعت "مثلاً، لدينا دائرة انتخابية بمحافظة نينوى خصص لها 5 مقاعد، ويوجد فيها 106 مرشحين رجال، و18 من النساء"، مبينة أن "وجود أكثر من 100 مرشح من الرجال سيتسبب في تشتت أصوات الناخبين". وتوقعت أن يزيد عدد النساء في البرلمان المقبل عن الـ 100، موضحة أن "ثقة الشارع بالمرأة بدأت تتصاعد".
وأكدت النائبة أمل مرعي أن بعض الأحزاب تحاول الاستفادة من كوتا النساء للحصول على مقاعد في البرلمان المقبل، موضحة، لـ"العربي الجديد"، أن سبب ذلك يعود إلى أن الأصوات المخصصة لفوز النساء أقل من تلك التي يتطلبها الرجل. ووفقاً للكوتا التي وردت في دستور 2005 فإن للنساء حق الحصول على ربع المقاعد البرلمانية، مهما كان عدد الأصوات التي حصلن عليها في الدوائر الانتخابية، بخلاف الرجال الذين يتطلب منهم الحصول على أعلى نسبة من الأصوات. وأضافت مرعي "قد تحصل امرأة على مقعد في دائرة انتخابية بـ 5 آلاف صوت، بينما الرجل يحتاج إلى 7 أو 8 آلاف، لذا فإن القوى السياسية انطلقت نحو ترشيح نساء نظراً لوجود فرصة أكبر لفوزهن". وأشارت إلى أن فرصة المرأة كانت موجودة في السابق، لكن ليس كما هي الآن، متوقعة حصول المرأة على دعم أكبر من الأحزاب التي بدأت تعول عليها في الدوائر الانتخابية. ولفتت إلى أن الجماهير أيضاً بدأت تعي دور النساء اللائي يمكن لبعضهن الحصول على مقاعد برلمانية خارج الكوتا، موضحة أن "زيادة عدد مقاعد المرأة في البرلمان المقبل قد تتم على المدى البعيد إذا استمرت القوى السياسية في دعمهن".
في المقابل، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني أن تركيز الأحزاب على النساء لن يكون في جميع الدوائر الانتخابية. وأكد، لـ"العربي الجديد"، أنه سينحصر ضمن الدوائر التي تجد فيها القوى السياسية نفسها غير قادرة على المنافسة مع الرجال، وهذا ما حدث في محافظة ديالى وبعض دوائر كركوك وصلاح الدين والأنبار، ما دفعها للتفكير بتوجيه جماهيرها نحو مقاعد النساء. وأشار إلى أن هذا الأمر سيتكرر في محافظات أخرى أيضاً، وخصوصاً في بغداد، التي ستشهد قيام قوى مهيمنة على جانب الرصافة من العاصمة بزج نساء في دوائر جانب الكرخ، والعكس صحيح، مشيراً إلى أن ذلك يندرج ضمن إطار القدرة على التكيف مع الواقع الذي فرضه قانون الانتخابات.
العراق: كوتا النساء تفرض معادلة انتخابية جديدة
بغداد - براء الشمري - " وكالة أخبار المرأة "