منذ أن تأسس النظام الديمقراطي في أفغانستان عام 2001 بعد سقوط حكومة طالبان على يد القوات الدولية، تسعى المرأة الأفغانية لتسجيل اسم الوالدة في بطاقات الهوية، لكن ذلك المطلب لم يلق آذاناً صاغية إلى الآن.
ولم تتكلل جهود المرأة والناشطين المجتمعيين بالنجاح لأسباب عديدة أبرزها، الأعراف المتجذرة، ولا مبالاة الحكومة والمجتمع الدولي. في العام الماضي عندما قررت الحكومة الأفغانية توزيع بطاقات الهوية الإلكترونية دشن عدد من الناشطات في المجتمع المدني، وأعضاء البرلمان حملة بعنوان "أين هويتي؟".
وقد أجبرت تلك الحملة الحكومة على اتخاذ قرار بتسجيل اسم الأم في بطاقات الهوية، لكن ذلك فجر صراعاً كبيراً في الشارع وفي الأروقة السياسية والإعلامية، ما دفع الحكومة إلى التراجع عنه مع الاكتفاء بتسجيل اسم الأم في المعلومات الأساسية المدرجة لدى إدارة الهوية، وأن يكون ذلك اختيارياً وليس إلزامياً.
وعندما أصدر الرئيس الأفغاني أشرف غني في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي قراراً بتسجيل اسم الوالدة في بطاقة الهوية، أعرب المهتمون بحقوق المرأة عن ارتياحهم الشديد، لكن الزعامة القبلية وعلماء الدين أبدوا عدم ارتياحهم لهذا القرار.
واعتبر عالم الدين والقيادي السابق في حركة طالبان وهو وزير العدل في حكومتها سيد أكبر آغا، الذي ينشط حالياً في عملية السلام، القرار أمراً خارقاً لعرف الأفغان، "لذا لا بد من أن تعيد الحكومة النظر فيه".
إن عدم ذكر اسم الأم في بطاقة الهوية جزء من الثقافة الأفغانية العامة والعرف القبلي المتجذر، حيث لا يمكن تغييره بسهولة، لا سيما في ظل عدم وجود جهة تعمل من أجل ذلك بجدية. وبموجب ذلك العرف من العيب ذكر اسم المرأة إلا لدى حاجة قصوى، بل دوماً ينسب الأفغان المرأة للرجل عند ذكرها، كأخت فلان، وزوجة فلان، وأم فلان.
يقول الزعيم القبلي محمد نادر إنه "منذ القدم ونحن متمسكون بهذه العادة ومن العيب جداً أن يعرف أحد أسماء نسائنا، إلا في حالات ملحة، كاستخراج جواز السفر. وحتى عندما نأخذ نساءنا إلى طبيب القرية نذكر اسماً مستعاراً، كي لا يعرف الطبيب الاسم الحقيقي، خشية أن يذكره للآخرين".
إعلام وحريات
والأغرب من ذلك أنه عند عقد النكاح يمانع بعض الآباء ذكر اسم البنت، أو يذكرون الاسم المستعار(عادة لا تكتب عقود النكاح في أفغانستان، بل يكتفى بالعقد الشفوي).
يحكي الناشط إنعام الله رحماني قصة عقد نكاح إحدى الفتيات في إقليم كابيسا المجاور للعاصمة، حين كان يعمل في إذاعة "الرسالة" المحلية، وفي يوم من الأيام جاء شيخ كبير زعيم قبيلة وأخذه لعقد نكاح ابنته.
يقول رحماني إن الرجل حين شرع في عقد النكاح ذكر زعيم القبيلة، اسما للبنت، لكن شاباً جالساً إلى جانبه همس في أذن رحماني، بأن هذا الاسم غير صحيح والرجل لا يريد أن يذكر اسم ابنته أمام الملأ.
وأضاف أنه وبعد إلحاح شديد ذكر الرجل اسم ابنته شريطة ألا يذكره رحماني بصوت عال، لافتا إلى أن عادة عدم ذكر اسم المرأة موجودة في كل مكان في أفغانستان حتى لدى قبائل طاجيك، التي تعتبر منفتحة إلى حد ما، مقارنة بقبائل البشتون التي تقطن في شرق وجنوب وبعض مناطق شمال أفغانستان.
منذ أن تأسس النظام الديمقراطي في أفغانستان عام 2001 بعد سقوط حكومة طالبان على يد القوات الدولية، تسعى المرأة الأفغانية لتسجيل اسم الوالدة في بطاقات الهوية، لكن ذلك المطلب لم يلق آذاناً صاغية إلى الآن.
ولم تتكلل جهود المرأة والناشطين المجتمعيين بالنجاح لأسباب عديدة أبرزها، الأعراف المتجذرة، ولا مبالاة الحكومة والمجتمع الدولي. في العام الماضي عندما قررت الحكومة الأفغانية توزيع بطاقات الهوية الإلكترونية دشن عدد من الناشطات في المجتمع المدني، وأعضاء البرلمان حملة بعنوان "أين هويتي؟".
وقد أجبرت تلك الحملة الحكومة على اتخاذ قرار بتسجيل اسم الأم في بطاقات الهوية، لكن ذلك فجر صراعاً كبيراً في الشارع وفي الأروقة السياسية والإعلامية، ما دفع الحكومة إلى التراجع عنه مع الاكتفاء بتسجيل اسم الأم في المعلومات الأساسية المدرجة لدى إدارة الهوية، وأن يكون ذلك اختيارياً وليس إلزامياً.
وعندما أصدر الرئيس الأفغاني أشرف غني في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي قراراً بتسجيل اسم الوالدة في بطاقة الهوية، أعرب المهتمون بحقوق المرأة عن ارتياحهم الشديد، لكن الزعامة القبلية وعلماء الدين أبدوا عدم ارتياحهم لهذا القرار.
واعتبر عالم الدين والقيادي السابق في حركة طالبان وهو وزير العدل في حكومتها سيد أكبر آغا، الذي ينشط حالياً في عملية السلام، القرار أمراً خارقاً لعرف الأفغان، "لذا لا بد من أن تعيد الحكومة النظر فيه".
إن عدم ذكر اسم الأم في بطاقة الهوية جزء من الثقافة الأفغانية العامة والعرف القبلي المتجذر، حيث لا يمكن تغييره بسهولة، لا سيما في ظل عدم وجود جهة تعمل من أجل ذلك بجدية. وبموجب ذلك العرف من العيب ذكر اسم المرأة إلا لدى حاجة قصوى، بل دوماً ينسب الأفغان المرأة للرجل عند ذكرها، كأخت فلان، وزوجة فلان، وأم فلان.
يقول الزعيم القبلي محمد نادر إنه "منذ القدم ونحن متمسكون بهذه العادة ومن العيب جداً أن يعرف أحد أسماء نسائنا، إلا في حالات ملحة، كاستخراج جواز السفر. وحتى عندما نأخذ نساءنا إلى طبيب القرية نذكر اسماً مستعاراً، كي لا يعرف الطبيب الاسم الحقيقي، خشية أن يذكره للآخرين".
إعلام وحريات
والأغرب من ذلك أنه عند عقد النكاح يمانع بعض الآباء ذكر اسم البنت، أو يذكرون الاسم المستعار(عادة لا تكتب عقود النكاح في أفغانستان، بل يكتفى بالعقد الشفوي).
يحكي الناشط إنعام الله رحماني قصة عقد نكاح إحدى الفتيات في إقليم كابيسا المجاور للعاصمة، حين كان يعمل في إذاعة "الرسالة" المحلية، وفي يوم من الأيام جاء شيخ كبير زعيم قبيلة وأخذه لعقد نكاح ابنته.
يقول رحماني إن الرجل حين شرع في عقد النكاح ذكر زعيم القبيلة، اسما للبنت، لكن شاباً جالساً إلى جانبه همس في أذن رحماني، بأن هذا الاسم غير صحيح والرجل لا يريد أن يذكر اسم ابنته أمام الملأ.
وأضاف أنه وبعد إلحاح شديد ذكر الرجل اسم ابنته شريطة ألا يذكره رحماني بصوت عال، لافتا إلى أن عادة عدم ذكر اسم المرأة موجودة في كل مكان في أفغانستان حتى لدى قبائل طاجيك، التي تعتبر منفتحة إلى حد ما، مقارنة بقبائل البشتون التي تقطن في شرق وجنوب وبعض مناطق شمال أفغانستان.
يقول زرمت خان، أحد سكان إقليم بكتيا في الجنوب لـ"العربي الجديد" إننا نختار أسماء جميلة لنسائنا، ولكن المشكلة الأساسية أن تلك الأسماء إذا عرفت لدى الجميع تستخدم بطريقة غير صحيحة، لأن مجتمعنا ليس مجتمعاً مثقفاً.
ما الدوافع؟
إن الدافع الأساسي هو الأعراف القبلية السائدة، لكن ثمة دوافع أخرى توطد تلك الأعراف وتجعلها باقية إلى الأبد، تشير إليها الناشطة ملاله مولوي زاده، إذ تقول إن المعضلة الأساسية أن دور المرأة في المجتمع منذ القدم محدود وثانوي وهو عادة لا يتجاوز جدران المنزل.
وتضيف "ليست المرأة الأفغانية في المجتمع سوى ملك للرجل. وكي تظل دوماً مرتبطة به، لن يُسمح بأن تكون مستقلة في جميع أدوار الحياة، سواء كانت زوجة أو أختاً أو أماً.
بدورها توضح الناشطة هاجر جيلاني أن الأفغان يظنون أن خروج اسم المرأة إلى العلن يؤدي إلى ارتفاع نسبة العنوسة، إذ لا تُزوج عادة في القبائل الأفغانية أي بنت يشتهر اسمها بين القبائل، "وهو أمر غريب للغاية" على حد قولها.
ووفقاً لها فإن الجهل وحرمان المرأة من التعليم أيضا من الأسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة المتجذرة في أفغانستان، بل وفي مناطق الشمال الغربي من باكستان، التي تقطنها القبائل البشتونية.
دعوات للتغيير
ومع أن الظاهرة متجذرة وعميقة، ولها أبعاد اجتماعية وثقافية، غير أن ثمة دعوات لتغييرها، بدأت تلوح في الآونة الأخيرة.
يقول حبيب الله الطالب الجامعي في مدينة جلال أباد شرق البلاد "إننا كجيل مثقف لا نهتم بتلك العادات القديمة ولا بد من تغييرها، لأن المرأة نصف الرجل، كما يقال، بالتالي لا يمكن للمجتمع أن يتحسن دون تحسن حالة المرأة، ولا يمكن لبلادنا أن تخرج من المأزق الحالي دون أن تلعب المرأة دورها فيه".
كما يشير الطالب إلى دور الحكومة، قائلاً إن الحكومات الأفغانية المتعاقبة، تحديداً منذ ما بعد 2001 لم تلعب دورها الأساسي من أجل تغيير هذه الثقافة، وهي دوما تذعن للضغوطات القبلية.
ودعا حبيب الله علماء الدين والمثقفين والأدباء إلى القيام بدورهم في تحسين حالة المرأة، قائلاً "لتكن البداية بمنح الهوية لهن، ما سيخفف الكثير من الضغط عن عاتق الرجل، لأن المرأة الأفغانية عنيدة يمكنها أن تلعب الدور في جميع ميادين الحياة شريطة أن تكون لها هوية"، موجهاً الدعوة أيضاً إلى وسائل الإعلام كي تؤدي دورها بهذا الخصوص.
ما الأضرار؟
إن من أضرار هذه العادة أن المرأة تبقى دوماً محتاجة إلى الرجل، وتبقى دون هوية، كما أنها تحد من دور المرأة المختزل في المطبخ.
إن منح المرأة الأفغانية هويتها بداية على الطريق كي تنال جميع حقوقها من التعليم والصحة وغيرها، كما تقول الناشطة مريم أشرف.
وتضيف الناشطة "في كثير من الأحيان تكون المرأة بلا رجل في بيتها، خاصة وأن الحرب المستعصية قضت على أسر بأكملها، بالتالي ثمة أسئلة حول مستقبل النساء اللواتي فقدن رجالهن جراء الحرب، إلى من ينتسبن، في وقت يكون مجرد ذكر اسم المرأة عيباً في المجتمع الأفغاني.
في المحصلة، تقول أشرفي "هناك علاقة وطيدة بين حرمان المرأة من حقوقها في الحياة كالصحة، والتعليم، واختيار شريك الحياة وغيرها، وبين حرمانها من الهوية، وإن تغيير هذه الثقافة بداية طريق أمام المرأة للحصول على حقوقها وتحسين حالها.
أخبار متعلقة :