كتب : محمد عمارة منذ 16 دقيقة
قال الدكتور سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، إن معركة اقتلاع حكم الإخوان ستبدأ 30 يونيو، مشيراً إلى أن الرئيس محمد مرسى يحاول استدعاء أنصاره فى حماس فى إشارة منه لإمكانية اشتباكهم مع شباب حملة «تمرد»، ما يعنى أن «مرسى» مرتبك وليست لديه سياسة خارجية تنبع من الأجندة الوطنية، بل يخضع لإملاءات سياسية خارجية.
وأضاف فى حواره مع «الوطن» أن الإخوان ومرسى موجودون بدعم أمريكى، للحفاظ على أمن إسرائيل وتحويل الصراع العربى الإسرائيلى لصراع مذهبى دينى بين السنة والشيعة، والرئيس يحاول استغلال الوضع فى سوريا للتغطية على حجم الاعتراضات عليه داخل مصر.
* كيف قرأت الخطاب الأخير للرئيس محمد مرسى؟
- الخطاب الأخير يكشف مسألتين مهمتين، الأولى: هى الارتباك الشديد لدى الرئيس فى رسم أية سياسة منطقية من مصر تجاه القضايا الدولية والعربية والإقليمية، فالرئيس مرسى هو نفسه الذى قال فى موسكو إن السياسة المصرية تتطابق مع السياسة الروسية وهو يعرف جيداً حقيقة الموقف الروسى، وهو الذى قال من قبل إنه يفضل الحل السياسى على أية حلول أخرى خصوصاً العسكرية منها، وهو الذى تحدث عن مبادرة رباعية ماتت قبل أن تولد وكان تشكيلها غريباً جداً، لأنه دعا 4 أطراف (مصر والسعودية وتركيا وإيران)، وهو يعرف تماماً أن السعودية لا يمكن أن تشارك إيران لأن الأخيرة جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل، وبالتالى فالسعودية لن تحضر أية اجتماعات، فيما تصرفت تركيا بمفردها وبعلاقتها بحلف الناتو، وإيران لم تحضر أى اجتماع للرباعية، وبالتالى فإن السياسة التى اتبعها الرئيس إلى مساء اليوم كانت سياسة مرتبكة ولا تعبر عن رؤية واضحة وصريحة ومنطقية تجاه ما يحدث فى سوريا.
* وهل تؤيد القول إن الرئيس مرسى ينفذ السياسة الأمريكية فى المنطقة؟
- نعم، فالموقف الأمريكى هو الذى يحرك الرئيس الذى يفتقد الرؤية السياسية التى تنبع من المصالح المصرية والأمن القومى، لكنها تنبع من إملاءات أمريكية، فالولايات المتحدة الأمريكية انتدبت الرئيس مرسى وتنظيم الإخوان لحكم مصر لتنفيذ عدة مهام استراتيجية تتطابق مع المصالح الأمريكية فى المنطقة.
* برأيك.. ما المصالح الأمريكية التى يحاول الإخوان الحفاظ عليها؟
- أهمها أمن إسرائيل، وأدى الإخوان للولايات المتحدة خدمات تاريخية لم يسبق أن قدمها أى نظام عربى آخر، عقب الحرب التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة، ونتيجة العلاقات العضوية بين حماس والتنظيم العالمى للإخوان فى القاهرة، ضغطت مصر حتى يجرى التوصل لاتفاق، ولأول مرة تنعم إسرائيل بتخلى حماس عن تعبير المقاومة الفلسطينية، واستبدالها بكلمة «أعمال عدائية»، وقبلت أن تضع الشعب الفلسطينى إذا رغب فى المقاومة، تحت القانون الدولى، لأن حماس قبلت -برعاية الإخوان- أن توصف أعمالها ضد إسرائيل بـ«العدائية» وليست مقاومة مشروعة. من جهة أخرى، فإن الرئيس قَبِل تركيب مجسات على الحدود، ما أعطى إسرائيل الحق فى الكشف عن كل التحركات التى يجريها الجانب المصرى فى سيناء، ومن يوم توقيع الاتفاق إلى الآن تنعم إسرائيل بما لم تنعم به طوال تاريخها. وكل القيادات العليا فى إسرائيل بما فيها أفيجدور ليبرمان، وزير الخارجية السابق الذى هدد مصر بضرب السد العالى، أشاد فى تصريحات علنية بدور الرئيس مرسى فى الحفاظ على أمن إسرائيل، كذلك شيمون بيريز وباراك، ورئيس الأركان الحالى الذى أكد أن العلاقات الأمنية زادت بعد قيام الثورة ومجىء الرئيس مرسى. والآن الرئيس وجماعته يحولون الصراع العربى الإسرائيلى لصراع مذهبى بين السنة والشيعة بما يخدم مصالح أمريكا، وهنا ينبغى أن نقول إن أوباما قرر عدم الزج بأية قوات فى الصراعات الإقليمية الجديدة ويستخدم وكلاء بالنيابة عن أمريكا، لذلك فهو يستخدم الإخوان، والرئيس مرسى استغل الوضع فى سوريا والتحول الذى حدث فى موقف أمريكا بدعمها المعارضة السورية، ليحتل الرئيس مرسى الموقع المميز بالنسبة للإدارة الأمريكية، خصوصاً فى ظروف تجتمع فيها الأمة المصرية لنزع شرعيته، هو حاول أن يتحدث مع أمريكا بأنه يلعب دوراً مهماً فى المنطقة، وفعل الحركة الاستعراضية بقطع العلاقات مع سوريا واستدعى عدداً كبيراً من مشايخ السنة فى المنطقة ليقول لأمريكا بأنه مستعد لتنفيذ المهمة الثانية بعد أن خدم إسرائيل، ودعا للجهاد فى سوريا، وهو بذلك يحرف الأنظار عن مشكلاته مع شعبه ويحاول أن يستميل الدعم الدولى والأمريكى حتى يستمر فى حكمه، أيضاً فى هذه الظروف استدعى مرسى المكتب السياسى لحركة حماس، بعد أن كانت الاتصالات سرية، وجرى الكشف عن جزء كبير منها، وهى رسالة واضحة بأنه يمكن أن يستعين بأعوانه فى حماس لمواجهة حركة تمرد ومواجهة تصعيد الموقف لسحب الثقة منه، وعلى الرغم من أن بعض قيادات حماس كانت ممنوعة من دخول مصر لقضايا تتعلق بالأمن القومى، فإن الرئيس تدخل شخصياً حتى يسمح لهم بالدخول، فى رسالة واضحة بأن الجناح العسكرى لحماس حاضر بدعوة من المرشد العام، خصوصاً بعد دعوة كبار الجهاديين لاجتماع مع الرئيس قبل أيام قليلة، وكل هذا يعكس رسالة لإمكانية مواجهة مقبلة مع «تمرد»، وأحذر الإخوة فى حماس أن الشعب لن يجعل أحداً يفلت منه هذه المرة.
* وكيف ترى وضع الرئيس قبل وبعد الخطاب بالنسبة لـ30 يونيو؟
- الرئيس مرسى كما هو واضح كان يشعر بقلق بالغ وكل من ينتمى للمتأسلمين احتشدوا فى أسيوط، واليوم الرئيس يستنفر السنة العرب بعد تدخل حزب الله، ويدّعى أنه زعيم السنة العرب وينتدب نفسه لخدمة الولايات المتحدة، ليصرف الأنظار عن المشكلات الضخمة التى ورط مصر فيها مثل سد النهضة الإثيوبى، وعلى المصريين ألا يلتفتوا لدائرة خارجية تلهيهم عن قضاياهم.
* وكيف ترى دعوات الجهاد التى أطلقت للدفاع عن سوريا؟
- كل من ذهب إلى سوريا سيعودون مثلما عاد المجاهدون فى ألبانيا وكوسوفو، وسيكوّنون جماعات إرهابية، وهناك 9 مصريين قتلوا فى سوريا ولا نعرف عنهم شيئاً، باختصار الرئيس مرسى جاء بدعم أمريكى، وحين ذهب إلى طهران كان يقدم أوراق اعتماده، وكان يقصد أن يبعث برسالة أنه ممثل السنة فى المنطقة، على الرغم من أن الإخوان شقوا وحدة الصف المصرى، وعمدوا أن يأخذ الاستقطاب فى التصاعد، والشعب لن ينجر لأية صراعات إقليمية، خصوصاً فى ظل محاولات الرئيس لاستخدام ملف سوريا، للفت النظر عن 30 يونيو. الشعب يدعوه الآن للتحدى وأن يعود مرة أخرى لصناديق الانتخابات وبضمانات دولية حتى لا يتكرر مشهد التزوير مرة أخرى.
* وكيف ترى مظاهرات 30 يونيو؟
- على الثوار أن يوحدوا مطالبهم وشعاراتهم حتى بعد 30 يونيو، لأن الإخوان لن ينصاعوا للأغلبية ولا علاقة لهم بالديمقراطية، والمعركة ستبدأ يوم 30 من أجل إنهاء واقتلاع الإخوان ومنع أخونة الدولة وتفكيك أعمدتها. إن الإخوان جرّفوا الثورة وسرقوها، لأنهم تنظيم عالمى لن يقبل طواعية رغبة الشعب، فالصراع قائم وطويل وشاق.
أخبار متعلقة :