كتب : مروى ياسين منذ 14 دقيقة
اتفق عدد من الخبراء السياسيين على أن الموقف الذى أعلنه الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية من سوريا أمس الأول بتأييده الجيش الحر وقطع العلاقات تماما مع سوريا فى هذا التوقيت، خاصة بعد إعلان أمريكا تسليحها الجيش الحر ضد نظام بشار الأسد - ما هو إلا محاولة لاسترضاء الطرف الأمريكى. وأشاروا إلى أن مرسى يقدم أوراق اعتماد جديدة لدى الأمريكان فى ظل تراجع شعبيته وإعلان المواطنين التمرد عليه فى 30 يونيو الجارى، واعتبروا الخطاب الذى حمل كثيراً من الرسائل بمثابة ضربة واحدة لعصفورين، مشيرين إلى لهجة التهديد والوعيد التى بدت على الخطاب لمعارضى مرسى وللتظاهرات المتوقعة فى نهاية الشهر الجارى.
من جانبه، قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الموقف الذى أعلنه مرسى تجاه سوريا بعدما أعلنت أمريكا تأييدها للجيش الحر ودعمها له بالسلاح، ما هو إلا محاولة لاستعطاف واسترضاء الطرف الأمريكى، ووصف نافعة هذا الموقف بأنه أخرج نفسه من دائرة الطرف الذى يمكن أن يساهم بجهوده لوضع تسوية سلمية لنزع فتيل الأزمة ووضع حد لسفك الدماء، مشيراً إلى أنه كان ينبغى أن تبقى مصر هكذا وأن تحاول التسوية مثل إيران، ولكن مرسى وضع مصر فى معسكر واحد مع إسرائيل وأمريكا ضد سوريا، وهو ما يهدد المصلحة الوطنية. ولفت نافعة إلى أن مرسى ينظر إلى الموضوع من منظور جماعة الإخوان المسلمين ووضع مصر طرفاً فى قتال دائر على سوريا وصراع إقليمى تشارك فيه إسرائيل وقطر وأمريكا.
وأضاف: «إن فكرة اللجنة الرباعية التى كانت تضم مصر وإيران وتركيا والسعودية للبحث عن تسوية كانت جيدة، ولكن بانحياز مصر إلى الجيش الحر يعنى أنها وضعت نفسها خارج إطار التسوية».
فيما اعتبر الدكتور عمار على حسن، المحلل السياسى، أن الخطاب الذى أعلنه مرسى مجرد أوراق اعتماد جديدة للأمريكان، خاصة أنه أتى بعدما أعلنت أمريكا تأييدها للجيش الحر فى مواجهة نظام بشار الأسد، ولفت حسن إلى أن الخطاب الذى ألقاه مرسى فى ظل وجود عناصر إسلامية كان عبارة عن ضربة لعصفورين بحجر واحد، فهو وجه رسالة مزدوجة، واحدة إلى الأمريكان يثبت فيها ولاءه لهم ولمواقفهم، والرسالة الثانية «تخويف الشعب المصرى»، قصد بها بث الرعب فى نفوس المواطنين بتوحد الإخوان والسلفيين فى مواجهة تظاهرات 30 يونيو المنتظرة، واعتبر حسن إعلان موقف مصر بهذا الشكل ما هو إلا خطط أمريكية خليجية تذكرنا بما حدث أثناء الحرب على أفغانستان، فمصر كانت تدفع الرجال والسعودية تدفع المال والمخابرات الأمريكية عليها التوجيه والتدريب، وهى نفس اللغة التى كانت من قبل ولكنها الآن تحدث ضد سوريا، وهذه المواقف جميعها تصب فى مصلحة الجانب الإسرائيلى.
وأضاف حسن أن هذا الموقف يرضى أطرافاً سلفية وهابية، الأمر الذى يؤدى إلى تكاتف الإخوان مع السلفيين لمواجهة التظاهرات المتوقعة، لافتاً إلى أن القطاع العريض من التيار السلفى غير المنظم لم يعد يثق فى الإخوان وأصبحت لديهم تحفظات على الشيوخ الموالية للإخوان.
فيما قال الكاتب صلاح عيسى إن إعلان مرسى قطع العلاقات السورية المصرية بعد إعلان أمريكا مباشرة ما هو إلا محاولة للالتقاء مع الموقف الأمريكى، خاصة أنه لن يسفر عن أى إجراءات عملية، واعتبر الخطاب بمجمله موجهاً للجبهة الداخلية وله علاقة مباشرة بمظاهرات 30 يونيو، وبداية لحشد المؤيدين لمرسى فى الداخل خاصة السلفيين الذى كانوا يضغطون على مرسى لإعلان تأييد الجيش الحر. وأشار إلى أن الإعلان عن قطع العلاقات إجراء متأخر فى ظل اتخاذ العديد من دول الخليج لنفس الموقف من قبل. واعتبر عيسى أن مؤتمر تأييد الجيش الحر الأساس فيه هو الاستجابة للتيارات الإسلامية المتشددة فى مصر، التى ترى أن الصراع الحالى ما هو إلا صراع بين السنة والشيعة.
من جانبها، قالت السفيرة جيلان علام، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصرى للعلاقات الخارجية، إن ما حدث هو خروج على العلاقات الطبيعية بين الشعبين السورى والمصرى. لافتة إلى أن هذا الموقف قد يجعلنا نوضع فى منطقة أن مصر ترتبط بسياسات دول أخرى، وأخذ مواقف متطرفة دون أن يستدعى الموقف هذا. وذكرت أن الخطاب فى ظاهره يشير إلى تبعية مصر إلى أمريكا، ويجب أن تنأى مصر بنفسها عن هذه المواقف المتطرفة. ولمحت إلى أن مصر تعاملت مع أزمة سد النهضة الإثيوبى بأسلوب المفاوضات، فى حين أن الأزمة الإثيوبية تمس المصلحة المصرية بدرجة كبيرة، فإذا كان التفاوض هو الأسلوب فلماذا استثنينا سوريا من ذلك؟ ووصفت قرار مرسى بطرد السفير السورى بأنه بمثابة إعلان حرب، فعملية طرد السفير يذهب بالمشكلة إلى مدى أبعد بكثير، وهذا ليس موقف جامعة الدول العربية حتى تتخذه مصر بهذه الصورة، لافتة إلى أن الشعب المصرى يقدر مدى معاناة الشعب السورى ولكن الأزمة ينبغى أن تتخذ شكلاً آخر غير الذى اتخذه الرئيس فى خطابه.
أخبار متعلقة :