كتب : رضوى هاشم ووفاء الصعيدى منذ 7 دقائق
هاجم خبراء إعلام خطاب الرئيس محمد مرسى فى مؤتمر نصرة سوريا أمس الأول باستاد القاهرة، وقالوا إن الخطاب حمل رسائل معادية للمعارضة فى الداخل، وزاد من حالة الاحتقان فى الشارع قبل مظاهرات 30 يونيو، وأكدوا أن الخطاب يثير الفتنة بين المواطنين ويدعو لاستخدام العنف، كما أن الحشد الذى ظهر فى الاستاد وجلوس أعضاء الجماعة الإسلامية فى الصفوف الأولى يعكس الشكوك حول وقوع حرب أهلية ومذبحة ضد المتظاهرين.
أكد الدكتور عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن خطاب مرسى فى استاد القاهرة يستوجب المحاكمة لأنه يثير فتنة بين المواطنين ويدعو فصيلا لاستخدام العنف ضد الفصائل الأخرى، وهو أمر مجرم قانونا، فالخطاب اعتمد على الاستعلاء والعجرفة بل والادعاء بأنه لا يحدث الأهل والعشيرة بل يخاطب كافة فئات الشعب رغم أن الرئيس فى مؤتمر حشد له جميع أنصاره وأهله وعشيرته ووضع فى الصفوف الأولى منه القيادات الجهادية والتكفيرية وراح يخطب فيهم مدعيا أنه لا يحض على العنف، فى الوقت الذى يشير فيه كل ما حوله إلى أن العنف آت لا محالة وأن تلك الحشود مستعدة للموت فداء له ولمنصبه ظنا منهم أن ذلك سيحول دون تظاهرات 30 يونيو، لكن على العكس فإن الخطاب سيكون له مردود عكسى لأنه أثار من كانوا لا ينوون الخروج وجعل المعارضين أكثر إصرارا على المضى قدما نحو ثورة جديدة لإسقاط الرئيس.
وتابع: «ظهر الرئيس فى خطابه كما لو أنه مغيب عما يجرى على أرض الواقع، فهو يتحدث عن نهضة وتنمية تحققت على أرض مصر خلال عام من توليه الرئاسة فيما يؤكد الواقع كذب كل تلك الادعاءات، ومن الواضح أن مرسى يسير على نهج مبارك باعتماده على تقارير مزيفة يسوقها إليه من حوله تؤكد استقرار الوضع وتزايد شعبيته وهو ما انعكس بوضوح فى خطابه المتعالى أمس الأول الذى تغافل عن حقيقة أن هذا المؤتمر تم الحشد له منذ ما يقرب من أسبوع وأن مؤسسة الرئاسة وتنظيم الإخوان والأحزاب الإسلامية المناصرة للرئيس قامت بحشد الأنصار من مختلف أنحاء الجمهورية وبكل ما أوتيت من قوة ومن أموال حتى يظهر المشهد على ما رأيناه، وخير دليل الهتافات التى خرجت قبل ظهور الرئيس، كما أن التليفزيون المصرى وقع فى خطأ بنقل وقائل المؤتمر قبل وصول الرئيس فظهرت حالة الحشد والتلقين والتنظيم التى سبقت خطاب مرسى.
أما فيما يتعلق بنصرة سوريا وهى الهدف الأول من المؤتمر فقال مكاوى «من الواضح أن الهدف من المؤتمر لم يكن سوريا ولا نصرتها ولكن كان الهدف تخويف الداعين لتظاهرات 30 يونيو بوضع القيادات الجهادية فى مقدمة الصفوف والتأكيد على أنهم من أنصار الرئيس وأن هناك الآلاف من مؤيديه، أما سوريا فقد خرج علينا الخطاب بقرارات هزيلة لا ترقى لمؤتمر بهذا الحجم ومن الواضح أنها مجرد حجة للخروج فى مؤتمر يخطب فيه مرسى وهو ما يعكس حالة الخوف غير المسبوقة لدى مؤسسة الرئاسة والإخوان من تلك التظاهرات على عكس ما يريدون إظهاره».
وانتقد مكاوى استخدام مرسى للدين لتكفير كل من يعارضونه وجعل الإسلام وسيلة لتحقيق أغراض سياسية وتطويعه لتحقيق مآرب خاصة بطريقة لم يعهدها الشارع المصرى من قبل.
من جانبه قال الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لـ«الوطن»، إن تحليل خطاب مرسى يأتى فى جملة واحدة وهى «خطاب إعلان الحرب»، مؤكداً أن مرسى أراد إعلان الحرب بامتياز على الشعب المصرى بالنظر إلى الأجواء التى أحاطت به، وبالنظر أيضاً إلى الكلمات التمهيدية التى سبقت كلمة الرئيس وهى الاستعاذة بالله من يوم 30 يونيو وتكفير المشاركين فى هذا اليوم.
وانتقد «خليل» تطرق الرئيس فى خطابه إلى الشأن الداخلى، بالرغم من أن الهدف الرئيسى للخطاب كان نصرة سوريا، مشيراً إلى أن قرار استدعاء القائم بالأعمال المصرى من سوريا له هدفان، الأول هو مغازلة الشارع المصرى المتعاطف مع الشعب السورى، والهدف الثانى هو رسالة إلى الولايات المتحدة التى وافقت على تسليح المعارضة السورية بأنه «رجلها فى المنطقة»، على حد وصفه.
وتابع «خليل» أن هناك تشابها بين هذا الخطاب، وحديث الرئيس المخلوع حسنى مبارك الذى سبق الثورة الذى قال فيه عبارته الشهيرة «خليهم يتسلوا»، حيث أكد أن تكفير المشاركين فى مظاهرات يونيو يشبه كثيراً عبارة مبارك التى كانت جارحة للوجدان المصرى، لذا ستكون ردود الأفعال شديدة الحدة والقوة، طبقاً له.
ووصف «خليل» تكرار دعوات مرسى لإجراء حوارات مجتمعية مع المعارضة المصرية بـ«المضحكة»، مؤكداً أن جموع الشعب يفهم أن الرئيس مرسى ليس بيده أى شىء وأن كل القرارات بيد جماعته، مستنكراً الاتهامات التى وجهها للمعارضة والداعين للنزول يوم 30 يونيو ووضعهم جمعيا فى سلة الفلول، مضيفاً: «وكأن من يشتكى من ارتفاع الأسعار واختفاء الوقود وحالة التردى المعيشية التى أصبحت موجودة فى كل بيت مصرى، هم الفلول».
وأضاف «خليل»: تقديرى الشخصى أن نبرة مرسى فى الخطاب كانت مؤشرا لحالة القلق والرعب الواضحة لديه ولدى جماعة الإخوان المسلمين من مظاهرات 30 يونيو المقبل، لأن طريقة إلقائه الخطاب تدلل على أنه فى محنة، كمان أن الأجواء العامة التى لحقت الخطاب تلخصها عبارة «رئيساً فى محنة».
فى سياق متصل، أكد الدكتور فاروق أبوزيد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن خطاب الرئيس لم يكن منظماً بدليل أنه تطرق فيه للشأن الداخلى ولمظاهرات 30 يونيو، رغم أنه خصص لنصرة سوريا، مؤكداً أنه يثير كثيرا من المخاوف بأن المطالبين بالجهاد فى سوريا أرادوا إبلاغ رسالة بأن نفس الجهاد سيتم يوم 30 يونيو، مما شكك المواطنين فى نوايا السلطة بأنها تعد لمذبحة فى هذا اليوم.
وانتقد «أبوزيد» تكرار استخدام الرئيس مرسى للخطابات التلقائية وعدم التزامه بالخطابات المكتوبة والمنظمة، قائلاً: «التلقائية تثير له ولجماعته مشاكل، كما أنه كان خطاباً مستفزاً وموجها فقط لأهله وعشيرته، وأعلن فيه أنه ليس رئيساً لكل المصريين».
ومن الناحية الشكلية، انتقد «أبوزيد» أيضاً حق حزب الحرية والعدالة للحشد داخل الاستاد، مؤكداً أن هذا يعطى الحق لكل القوى السياسية لاستخدام الاستاد بكل حرية.
وتعجب أستاذ الإعلام من أن يتم قطع العلاقات مع سوريا، فى الوقت الذى ما زال فيه السفير الإسرائيلى موجودا فى القاهرة، مشيراً إلى أن هذا دمر مصداقية النظام بأن الإخوان يقودون حربا ضد اليهود لتحرير القدس، وأن هذا يكشف أن فكرهم زيف وكذب وتضليل، وأن فلسطين لا تعنيهم، على حد قوله.
واعتبر «أبوزيد» قرار مقاطعة سوريا بأنه تصفية حسابات بين سوريا وجماعة الإخوان بسبب الخلافات التى نشبت سابقاً بين الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد وتنظيم الإخوان، مؤكداً أن هذا سيدعم الحرب الطائفية بين السنة والشيعة.
وأوضح «أبوزيد» أن مضمون الخطاب أصاب جموع الشعب المصرى بالقلق الشديد، لأن فحوى الخطاب والحشد تعكس إمكانية حمل السلاح لقتال المعارضين، مؤكداً: «ستحدث حرب أهلية يتحملها مرسى وتنظيم الإخوان».
أخبار متعلقة :