كتب : محمد أبوعمرة ومحمد الأبنودى منذ 9 دقائق
أبدى عدد من خبراء المياه مخاوفهم من تأثر المفاوضات حول سد النهضة مع إثيوبيا بعد ما أطلقوا عليه «خطاب الدم» للرئيس محمد مرسى، مساء أمس الأول، أمام عدد من أنصاره، مؤكدين أن المجتمع الدولى سوف يقتنع بما ترسخ فى ذهنه من صورة سيئة عن تنظيمات الإسلام السياسى، وسيقف مع إثيوبيا خوفا من تغول مصر على جيرانها.
وأكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، أن الخطاب موجه إلى الجبهة الداخلية وتحديدا المعارضة، ولا يحمل استراتيجية للتحرك، أو أى نداءات للحكومة الإثيوبية، والرسالة التى حرص على توصيلها هى أن مصر لن تفرط فى حقوقها المائية، وهناك مؤامرة تحاك من الخارج واضحة أو تحاك لمصر، وفى نفس الوقت دعم الإسلاميين له.
وأضاف أن التحرك السياسى غير كافٍ، والدليل على ذلك عدم التوصل إلى اتفاق مشترك مع السودان وتباين الآراء الداخلية فى الحكومة السودانية حول السد الإثيوبى، ولفت أيضاً إلى تأخر تحرك وزارة الخارجية كمفاوض أساسى مع إثيوبيا.
وأشار «علام» إلى أنه كان الأولى بالرئيس مرسى أن يوضح فى خطابه أن القضية معقدة للغاية، ولن تحل إلا عن طريق تفاوض شاق وتدخل من المجتمع الدولى، ولا بد من التمهيد لأجواء هذا التفاوض.
وأكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة، أن أجهزة الاستخبارات العالمية لاحظت حرص الرئيس على عدم حضور خبراء المياه والقانون الدولى والأمن القومى، مقابل حضور قتلة الرئيس «السادات» والمتهمين فى أحداث دموية خلال العقود الماضية، وهو الأمر الذى أظهر مصر بالدولة الدموية التى لا تريد الخير لجيرانها.
وأضاف أن الرئيس مرسى حاول أن يكون جاداً أو حاسماً، لكن الخطاب كان بعيدا عن الاحترافية التى يجب أن توجه بها الخطابات من وإلى زعماء العالم، لافتا إلى أن العالم معترض من الأساس على حكم الإسلام السياسى فى مصر ومن الممكن أن يقف مع إثيوبيا نكاية فى هذا التيار.
وأوضح أن الخطاب كان موجها إلى الجبهة الداخلية وتحديدا ما تنوى المعارضة تنظيمة فى نهاية الشهر الجارى ولم تكن به رؤية واضحة لحل الأزمة؛ لأن من ينوى القتال لا يهدد أو يعلن الحرب.
واستشهد «نور الدين» بقيام النظام السابق من خلال جهاز المخابرات بوقف تمويل بعض الدول لسدود إثيوبيا، وهو ما كان يشتكى منه رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل ميليس زيناوى فى أحاديثه لرؤساء الدول.
وتابع «نور الدين»: إن من كتب الخطاب كان لا بد أن يركز على المبررات قبل أن يركز على التهديد بالدم، وأن يتبنى آراء العالم المتقدم فى شأن هذه المشروعات التى تهدد البيئة والحقوق والأمن الإقليمى.
وأضاف الدكتور ضياء الدين القوصى، مستشار وزير الموارد المائية الأسبق، أن الخطاب كان مفاجئا؛ لأنه انتقل فجأة من اللين التام إلى الدم، وهو أمر لن يتركه الإثيوبيون أثناء التفاوض، وسوف يؤثر على زيارة وزير الخارجية القادمة إلى أديس أبابا.
وأوضح أن المهمة ثقيلة رغم أن الحق مع مصر من الناحية القانونية، لكن لا بد أن يكون هناك مفاوض قوى، وأن تدرس القضايا المماثلة لقضية السد الإثيوبى، وهى كثيرة ومن بينها الأزمة التى كانت بين الأرجنتين وباراجواى فى 2009، والتشيك والمجر فى نهر الدانوب.
واستنكر «القوصى» عدم لجوء «مرسى» إلى جامعة الدول العربية حتى الآن لوقف التمويل الخليجى لإثيوبيا، ومنظمة الوحدة الأفريقية للضغط على حلفاء إثيوبيا لمنع النزاع الإقليمى الذى تلوح أفقه للعالم الآن.
وقال الدكتور هانى رسلان، رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجى: إن خطاب «مرسى» دفع بموقف مصر من أزمة مياه النيل إلى تصعيد خطر وغير مبرر وقد لا يستطيع الوفاء به فى الأيام المقبلة حينما قال: «إن مياه النيل إذا نقصت قطرة واحدة فدماؤنا هى البديل».
وأضاف «رسلان» أن هذه لغة غير معتادة فى خطابات الرؤساء، وهذا يعنى أنه مستعد للذهاب إلى الحرب إذا حدث أى تعثر فى المفاوضات، ويعنى أيضاً أنه يضع السلطات الإثيوبية فى موقف حرج؛ إذ يطلب منها نوعا من الإذعان، على الأقل بالنسبة للمواقف الإثيوبية المعلنة حتى الآن.
وأشار رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجى إلى أن هذه الطريقة فى العمل لن تقود إلا إلى الفراغ، ما لم تكن هناك تدخلات أمريكية أو وعود بإجراء معين فى وقت قريب قد يكون مرحليا أو شكليا، مضيفا أن من يتحدث بهذه اللغة لا يذهب إلى مفاوضات، وكان الأحرى به حسم الأمر دون كل هذا الضجيج.
وأكد «رسلان» أن مثل هذه التصريحات تقضى على المفاوضات بين إثيوبيا ومصر قبل أن تبدأ، مشيرا إلى أن مصر لها دور كبير فى حفر الآبار وتطوير المجارى المائية فى دول حوض النيل.
أخبار متعلقة :