كتب : سيد جبيل منذ 12 دقيقة
قالت السفيرة جيلان علام إن الإعلان الصادم عن بدء مشروع سد النهضة فشل للدولة المصرية وتهديد لقوامها، وكان واجباً على الحكومة أن تعلم بالمخططات الإثيوبية، لكنها مرتبكة ولم تُحسن التصرف فى هذا الملف الخطير. وأوضحت مساعد وزير الخارجية الأسبق أن استدعاء السفير المصرى للتشاور أبسط إجراء للتعبير عن غضب المصريين، ثم التصعيد دولياً بمخاطبة الأمم المتحدة، وعبرت السفيرة فى حوارها لـ«الوطن» عن مخاوفها من أن يؤدى موقف الحكومة المهادنة لشجيع دول حوض النيل على بناء سدود أخرى تخنق مصر مائياً.
* ما دلالة توقيت الإعلان عن بدء بناء سد النهضة بعد زيارة الرئيس المصرى لإثيوبيا مباشرة؟
- توقيت الإعلان عن السد كان مثالياً بالنسبة لإثيوبيا؛ فقد اختارت فرصة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإنشاء منظمة الوحدة الأفريقية ووجود عدد كبير من رؤساء أفريقيا للإعلان عن مشروعها الضخم، ما يجعلها دولة محورية ذات ثقل فى القارة، أما مسألة وجود الرئيس المصرى فقد انتظرت إثيوبيا حتى غادر ثم أعلنت عن المشروع، لكن النتيجة واحدة وهى أنها فرضت على مصر الأمر الواقع.
* وما الرد المناسب من وجهة نظرك على هذه الخطوة؟
- كدبلوماسية أرى أن أبسط إجراء هو استدعاء السفير المصرى فى أديس أبابا للتشاور وتصعيد الموقف دولياً، ولتكن البداية خطاباً من الرئيس محمد مرسى لسكرتير عام الأمم المتحدة، يشرح فيه حجم خطورة السد على الدولة المصرية وأن بناءه يعد انتهاكاً للعديد من الاتفاقات الدولية. ولا يجب أبداً أن نظل نستعطف إثيوبيا ونرجوها أن تعيد النظر فى هذا السد الذى يهدد قوام الدولة المصرية. طبعاً أعارض بشدة الحل العسكرى، لكن على مصر أن تحصل من إثيوبيا وجنوب السودان والسودان على ضمانات مكتوبة بأنهم لن يقوموا ببناء أى سد يضر بحصة مصر من مياه النهر؛ لأننى أخشى أن يُفهم موقف مصر الهادئ وتسويف الحكومة (الذى يشبه موقفنا من خاطفى الجنود فى سيناء) على أنه موافقة أو عدم ممانعة مصرية، ويشجع ذلك باقى الدول على بناء سدود أخرى، ما قد يؤدى لخنق مصر مائياً.
* كيف ترين ردود فعل الحكومة التى بادرت بالتأكيد أن السد لن يؤثر على نصيب مصر من المياه ودعوتنا لانتظار تقرير اللجنة الثلاثية؟
- هذه التصريحات استخفاف بعقولنا، وتوصيات اللجنة الثلاثية لا تأثير لها على قرار الحكومة الإثيوبية، ولا يعقل أن تكون صاحبة مصلحة وتتعاون مع اللجنة بمعلومات تعرقل السد الذى تعتبره إثيوبيا مسألة حياة أو موت بالنسبة لها. وأرى أن الإعلان عن بناء السد كان أمراً صادماً للشعب فقط، لكن يقيناً كانت الحكومة وسفارتنا هناك تعلم بالمخططات الإثيوبية، لكن من الواضح أن هناك ارتباكاً فى الحركة والتصرف. وللأسف تناوب عدة وزراء على «الخارجية» المصرية وتناول كل وزير الملف «من أول وجديد»، ما أثر سلباً على موقف مصر. أضف إلى ذلك أن ملف نهر النيل لم يكن يدار دبلوماسياً بالشكل المناسب فى عهد «مبارك» وكانت هناك استهانة بإصرار إثيوبيا على بناء السد وقدرتها على إتمامه، لكن الواضح الآن أننا لم نكن جاهزين بالمعلومات الكافية رغم الوجود المصرى الكثيف فى إثيوبيا.
* ما حجم خطورة السد على مصر من وجهة نظرك؟
- بداية، هذا المشروع فشل للدولة المصرية وتهديد لقوامها، فستتأثر حصة مصر من المياه بشكل درامى، فقد كان نصيب مصر من المياه عام 1959 عندما كان عدد سكان مصر نحو 20 مليوناً 55 مليار متر مكعب، الآن وعدد سكان مصر 84٫5 مليون لم تزد الحصة على 55 مليار متر مكعب، ما يعنى انخفاض نصيب المواطن من المياه بشكل كبير، وهذا الانخفاض سيتضاعف مع بناء السد؛ لأنه سيقلل على وجه اليقين من حصة مصر المحدودة. الغريب أنه مع تراجع قدرة مصر على عرض وجهة نظرها والدفاع عن حقوقها فى مياه النيل أصبح من المألوف أن أسمع من دبلوماسيين أفارقة تعاطفاً مع وجهة نظر إثيوبيا، ويدعون مصر إلى ترشيد استخدام المياه ولا يتكلمون عن خطورة السد على مصر. لاحظ أيضاً أن الدلتا ستعانى مخاطر مضاعفة مع بناء السد؛ فالدلتا ستعانى نقص المياه، إضافة للنحر الذى يأكل أراضيها الخصيبة. هذا السد كارثى لنا وهو لا يثير فقط قلق مصر، فقد حذر نائب وزير الدفاع السعودى مؤخراً من تأثير السد السلبى المحتمل على تحركات طبقات الأرض فى منطقة الزلازل، ما قد يؤثر على شبه الجزيرة العربية، خصوصاً أن سد النهضة سيحتاج إلى عدة سدود أخرى لتدعمه.
* وماذا عن موقف دول حوض النيل الأخرى؟
- هذه الدول فى حاجة ماسة للكهرباء التى سيوفرها السد؛ فجنوب السودان، على سبيل المثال، دولة وليدة، وفى أمس الحاجة للكهرباء، ونفس الأمر بالنسبة للسودان؛ حيث إن معظم أراضيها مسطحة، وليس لديها مشروعات لتوليد الكهرباء وكذلك كينيا وأوغندا. وإثيوبيا من ناحيتها تسعى لتسويق المشروع العملاق باعتباره مصدراً للكهرباء التى تعانى من نقصها كل دول حوض النيل، ومنها مصر، وفى المقابل يُمكن لهذه الدول أن تستغل الكهرباء فى مشروعات زراعية وتصدر لإثيوبيا التى تصلح أراضيها السحيقة بين الجبال للزراعة.
* مصر فى عهد «مبارك» كانت تعول على عرقلة جهود إثيوبيا للحصول على تمويل لبناء السد، خصوصاً من البنك الدولى، فكيف تجاوزت أديس أبابا هذه العقبة؟
- زمان كان لا بد أن تذهب هذه الدول للبنك الدولى الذى كان يرفض تمويل أى مشروع على النيل، دون موافقة باقى دول حوض النيل، ما فعلته إثيوبيا أنها استغنت عن البنك الدولى وذهبت للإيطاليين والصينيين للمساهمة فى تمويل المشروع الذى يحتاج لـ5 مليارات دولار، وتسعى لطرح صكوك داخلية وخارجية لتوفير جزء من التمويل. الطريف أن رئيس وزراء إثيوبيا الراحل ميليس زيناوى سبق أن دعا مصر أثناء زيارة الرئيس مرسى الأخيرة لإثيوبيا للمشاركة فى تمويل السد.
* سبق لمصر أن حاولت إقناع إثيوبيا بالعدول عن المشروع عن طريق الدبلوماسية الشعيبة فى أعقاب الثورة، فلماذا لم تنجح؟
- هذه قضية خطيرة تحتاج إلى ما هو أكثر من مبادرات شعبية، وقد ثبت أن وعود رئيس الوزراء الإثيوبى السابق زيناوى للوفد المصرى لم تكن إلا شراءً للوقت، وأن المخطط الذى رسمته الشركة الإيطالية الذى صممت السد منذ 7 سنوات لم يتغير منه حرف واحد.
أخبار متعلقة:
السفير المصرى بـ«أديس أبابا» للحكومة الإثيوبية: نتمسك بتعهدكم بـ«عدم الإضرار بمصالحنا»
وزير الرى يعترف لـ«الوطن»: دخلنا مرحلة الفقر المائى.. وحصة مصر ستتأثر خلال فترة ملء خزان سد النهضة
عضو بـ«اللجنة الوطنية»: التقييم أثبت تضرر مصر والسودان
نقيب الفلاحين: سنتظاهر أمام «الاتحادية» إذا نقصت المياه
الإخوان يلجأون للمواجهة بـ«الدبلوماسية الشعبية والكنيسة»
نقيب السياحيين: «سد النهضة» سيقضى على السياحة النيلية.. والفنادق العائمة ستباع «خردة»
أمريكا تكتفى بـ«حث» مصر وإثيوبيا على تقليل الآثار السلبية لتغيير مجرى النيل
أخبار متعلقة :