كتب : أحمد منعم الجمعة 31-05-2013 09:32
فى موقف مشابه، كان العمل يجرى على قدم وساق بين مسئولى دول منبع النيل.. الدول التى تعترض على عدم كفاية حصتها من مياه النيل تكاتفت أمام مصر والسودان، دولتى المصب، لإبرام اتفاقية تعيد توزيع حصص المياه على دول حوض النيل وبناء سد بإثيوبيا يحجز جزءاً من المياه زائداً عن حصة الدولة المحدد وفقاً لاتفاقية 1959، حينها أشار خبراء المياه المصريون إلى فداحة الاتفاقية المعقودة بمدينة عنتيبى، التى ستؤثر على الحصة التاريخية لمصر من المياه.. فى تلك الآونة أُسند الملف برمته إلى مدير المخابرات، الراحل عمر سليمان، كانت الأزمة تدق الأبواب، حصة مصر، رغم ضخامتها، لا تكفى، وها هى إثيوبيا تكافح لانتقاصها، ثمة أيادٍ إسرائيلية تعبث وتحرض أبناء الحبشة، لكن الجنرال كان يعى حجم المسئولية ويدرك جيداً إمكاناته «بإمكاننا ألا نجعل حجراً فوق حجر لو فكرت دولة فى بناء سد على مجرى النيل»، هكذا توعد سليمان.
تراخت القيادة السياسية فيما بعد الثورة لتعيد إثيوبيا إحياء فكرة بناء السد، الذى سيحجز خلفه مياهاً تساوى ضعف المياه الموجودة فى أكبر بحيرات منبع النيل «بحيرة تانا».. حولت إثيوبيا منذ أيام مجرى النيل فى خطوة أولى لبناء «سد النهضة» بينما اكتفت مصر «النهضة» بمباركة المشروع فى السر والتململ ومصمصمة الشفاه فى العلن.
عندما أُسند ملف مياه النيل وسد «الألفية» الإثيوبى إلى اللواء عمر سليمان عام 2010 تعامل الرجل بحسم حسبما يتضح من وثائق ويكيليكس المسربة، حيث وفق سليمان العلاقات مع السودان لتسمح باستقبال قوات الكوماندوز المصرية التى ستقوم بدك السد حال بنائه وفشل كل السبل الدبلوماسية فى التفاوض مع الدولة الأفريقية.
فى الآونة الأخيرة استطاعت إثيوبيا النفاذ إلى السودان لإقناعها بعدم فتح أراضيها أمام القوات المسلحة المصرية فى مقابل مدّها بالكهرباء والخدمات، بينما غابت التحركات المصرية عن كافة دول حوض النيل حتى عن السودان التى كانت تؤيد الموقف المصرى من اتفاقية «عنتيبى» وتعلن التزامها باتفاقية 1959.
التهديد الصريح الذى وجهه سليمان إلى الحكومة الإثيوبية أنه «لو مضت دول المنبع قدماً فى توقيع اتفاقية عنتيبى والتأثير على حصة مصر من المياه ستكون قد أضرت بالأمن القومى المصرى وخرقت مبادئ القانون الدولى، وسيحق فى حينها لمصر أن تتدخل عسكرياً فى إثيوبيا سراً أو علناً».. ذلك التهديد أثنى ميليس زيناوى، رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل، عن إعادة التفكير فى بناء السد إلا بعد رحيل سُليمان عن المخابرات العامة، بعدما لاحظ حقيقة الوضع الذى تعانيه الدولة المصرية.
عمر سليمان، المتوفى فى يوليو 2012، محسوب ضده موقفه من الثورة المصرية وقبوله منصب نائب رئيس الجمهورية فى يناير 2011 وقتما كان الشارع المصرى يشهد حالة من الغليان، لكن أحداً لا ينكر حسمه فى التعامل الحاسم بخصوص ملف مياه النيل.
أخبار متعلقة :