شبكة عيون الإخبارية

علاء الدين إدريس:البحث العلمي في سلعة ترفيهية.. والحكومة تجنى عليه

الرئيس التنفيذى بمؤسسة الخير: منظومة المعرفة هى السبيل الوحيد للنجاة

كتب : هدى رشوان تصوير : محمود دبيس منذ 28 دقيقة

«تنمية الإنسان - مهمتنا الأساسية». شعار اتخذته مؤسسة «مصر الخير» للتعبير عن أهدافها التنموية التى تركز على الإنسان من خلال مجالات أساسية منها: «الصحة والتكافل الاجتماعى ومناحى الحياة والتعليم»، وفى محاولة لزيادة معرفتنا بالمشروعات والبرامج التابعة لقطاع المعرفة، الذى يضم كلاً من برامج التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى وحدة المنح الدراسية ومبادرة المجمعات التقنية والمهنية، التقينا بالدكتور علاء الدين إدريس، الرئيس التنفيذى للمعرفة بالمؤسسة، ليشرح لنا ما تضمه هذه البرامج من مشروعات تعمل على بناء وتنمية المجتمع واستعادة دور المجتمع المدنى فى بناء الإطار القومى للمعرفة، للنهوض بالمجتمع العلمى والتعليمى فى مصر.

* لماذا توجه مؤسسة «مصر الخير» جزءا من طاقتها ناحية التعليم والبحث العلمى؟

- مع الأسف، الكثير يعتبر البحث العلمى فى مصر سلعة غير مطلوبة أو سلعة ترفيهية، والمنظومة نفسها ترفضه ولا تعتمد عليه خطط الدولة فى بناء الاقتصاد، فعلى سبيل المثال، جميع البرامج الرئاسية التى تقدم بها مرشحو الرئاسة تحدثت عن البحث العلمى والتعليم كشىء ترفى دون رؤية حقيقية، ولا تنم عن اهتمام أو فهم عميق لأهمية دور كل منهما فى تقدم البلاد أو ربطهما بالمنظومة الاقتصادية. ويجب أن يدرك كل راغب فى الإصلاح والنهوض بهذا الوطن أن منظومة المعرفة بشقيها، التعليمى والبحثى، هى السبيل الوحيد للحياة والنجاة.

المصريون بالخارج قوة علمية ضاربة.. ونتعاون مع 120 عالماً منهم.. وعلينا الاستفادة من التجارب التعليمية فى ماليزيا وكوريا

* ما رأيك فى إنشاء المجلس الوطنى للتعليم والبحث العلمى؟

- إنشاء المجلس أمر جيد فى حد ذاته، ومطلوب جداً فى هذه المرحلة، لكن للأسف الشديد، لا توجد معايير علمية واضحة حتى الآن، يجرى بها اختيار أعضاء هذا المجلس، وما لدينا من معلومات عن المعايير الموضوعة حالياً غير مبشرة. فلا يصح مثلاً أن تأتى المعايير الموضوعة لهذا المجلس بكوادر هى نفسها التى أوصلتنا لهذه الأزمة المعرفية، وترتيبنا المخزى بين دول العالم فى جودة منظومتنا التعليمية «139 من بين 144 دولة»، وهناك خلط بين نوعية المهارات المطلوبة، مثل ذلك الخلط بين منظم ومقدم الخدمة للعملية التعليمية وأيضاً بين الباحث ومدير البحث واستراتيجى التقنية.

* ما الحل لإنقاذ البحث العلمى فى مصر؟

- فى الكونجرس الأمريكى هناك ما يشبه لجنة التعليم فى الشورى، تتكون من 72 عضواً، من بينهم 6 أعضاء يتغيرون بتغير الرئيس والـ66 الباقون يقومون ببحث الأولويات ودراسة الاستراتيجيات، وإذا ما قارنا هذا الإطار بحالة التفكك والتوزيع الضار للمسئولية، بالذات فى مجال البحث، ندرك مدى احتياجنا إلى كيان على المستوى القومى، وعلى درجة عالية من الجدية والبعد عن العراك السياسى. وينصح فى مصر بالاستعانة بالتجارب التعليمية فى ماليزيا وكوريا اللتين حققتا طفرات، والاستفادة من الخبرات المصرية فى الخارج.

* كمؤسسة مجتمع مدنى، ما الدور الذى فعلته «مصر الخير» لإصلاح منظومة الدولة للبحث العلمى؟

- فى «مصر الخير» أنشأنا المركز المصرى لتقدم العلوم والتكنولوجيا للابتكار «إيكاستى» والغرض منه العمل على توفير المناخ التشريعى والتنفيذى للنهضة العلمية، وهو يعمل على حفز منظومة الدولة لوضع استراتيجية قومية تخص البحث العلمى فى مصر، علاوة على التقييم والمتابعة لكل ما يخص البحث العلمى فى مصر، إضافة إلى دوره فى إبراز متابعة قوانين البحث العلمى والدستور، وهو أول مركز مصرى تابع للمجتمع المدنى يراقب فى أدائها حيال البحث العلمى، من خلال تقارير مستقاة من مصادر غير حكومية، على سبيل المثال، مراقبة ماذا تم فى الزيادة الموعودة لميزانية البحث العلمى من 200 مليون إلى400 مليون فى هذه السنة المالية والتى تنتهى 30 يونيو؟ ولا يوجد مؤشر على أن البحث العلمى حصل حتى على 200 مليون، ولذا يجب أن يكون هناك دور للمجتمع المدنى فى مراقبة الصرف على البحث العلمى فى مصر.

* إذا كنا ندرك أن تقدم أى بلد يعتمد على النهضة المعرفية وأن التعليم مكون أساسى ورئيسى لهذه النهضة، فأين «مصر الخير» من قضية التعليم؟

- يستهدف برنامج التعليم محاصرة المشكلة من خلال سد 3 منابع أساسية للأمية، وهى الإتاحة والتسرب وجودة العملية التعليمية. حيث تعمل «مصر الخير» على إنشاء مدارس تعليم مجتمعى فى مختلف المحافظات شمال وجنوب الصعيد التى لا توجد بها مدارس أو توجد بها أعداد كبيرة من المتسربين من التعليم. كما تحاول المؤسسة رفع جودة العملية التعليمية من خلال تطبيق منهجية القرائية الذى يشمل مبادئ القراءة والكتابة والحساب لتلاميذ الصفوف العليا بالمرحلة الابتدائية. وتعمل «مصر الخير» أيضاً على تطوير منهجية التعليم الألكترونى، حيث يمكننا الوصول إلى مناطق وتلاميذ لن تستطيع المدارس التقليدية الوصول إليها. ولدينا برنامج للتعليم الفنى، حيث يوفر فرص منح لدراسة التعليم التقنى بتخصصات عدة بدولتى إيطاليا وفرنسا ودول أخرى لتبادل الثقافات وتحسين صورة التعليم الفنى بمصر. كما تعمل على توفير فرص منح لطلبة الدراسات العليا لرفع كفاءة الكوادر البشرية ورفع مستوى التعليم العالى.

إنشاء المجلس الوطنى للتعليم أمر جيد ومطلوب لكن لا توجد معايير علمية واضحة حتى الآن يجرى بها اختيار أعضائه

* هل للفئات المهمشة عناية خاصة فى اهتمامات «مصر الخير» التعليمية؟

- كمؤسسة مجتمع مدنى نهتم بالفئات المهمشة التى لا تحصل على ما تستحق من الخدمات، وهم كبار السن والمعاقون والأطفال المعرضون للخطر والأيتام، وهؤلاء يمثلون حوالى 23 مليون مواطن، أى إن ربع الشعب المصرى ليس لديهم فى مصر والمنطقة العربية منظومة تعمل على تأهيل وتخريج كوادر قابلة لسد احتياجات تلك الفئات المهمشة، حيث يقدر الخبراء أن لكل 40 ألف معاق فى مصر مقدم خدمة نوعية واحدا فقط، والذى قد تم تأهيله بنظام متآكل ومتهالك، ولذلك نسعى من خلال هذه الجامعة أن يكون هناك نظام تعليمى، يخرج منتجا بشريا يجمع بين العلوم الطبية والعلوم الإنسانية، وعلى قدر كبير من الكفاءة العملية التى تؤهله للتعامل مع احتياجات تلك الفئات المهمشة بشكل عام. كما تهدف هذه الجامعة إلى أن تصبح منارة للتميز البحثى وقبلة للريادة الأكاديمية فى علوم الإنسان، حيث تهدف الجامعة إلى خلق ناتج معرفى متميز ومتفرد فى مجال البحث العلمى لعلوم الإنسان، يواكب المعايير الدولية ويساعد صانعى السياسات ومتخذى القرار فى المنطقة العربية على دمج الفئات المهمشة بصورة أكثر عدالة أثناء وضع السياسات الوطنية والإقليمية.

* تعمل «مصر الخير» على تخريج كوادر مهنية مصرية تخصصية قادرة على اقتحام سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية، فما طريقتكم لتناول ذلك؟

- مصر لديها وفرة فى مواردها، التى إذا خصصت على نحو فعال، يمكن أن تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، فوفقا لأبحاث السوق التى أجرتها مؤسسة «مصر الخير»، تم اكتشاف أن عدداً من التخصصات التى تشكل حجر الزاوية غير موجودة فى النظام الصحى لدينا، وهذا نتيجة تغاضى المعاهد التقنية الموجودة حالياً عن المشكلة، ومن هنا اتخذت مؤسسة «مصر الخير» على سبيل المثال قرار إنشاء معهد «إدراك» للعلوم الصحية، حيث يؤهل الطلاب من خلال برنامج (بعد الحصول على الثانوية العامة مباشرة) للحصول على شهادة دبلوم فوق المتوسط فى مجالات العلوم التقنية الصحية والتى تشمل فنى صيانة أجهزة طبية وسكرتارية طبية ومسعفين وفنى أطراف صناعية وتركيبات ومساعد طبيب أسنان. كما سيوفر فرصة للدراسات العليا التى ستشمل فنى أشعة وفنى معامل ومعاون صحى وفنى أطراف صناعية وتركيبات وفنى تغذية والتى ستمكن الطلاب من التوغل فى هذا المجال.

وسوف يتم إنشاء المعهد، الذى يتكون من مبنى تعليمى ومبنى طبى، على أرض بمدينة السادس من أكتوبر وهى أرض هبة من جمعية قوافل الخير وسيعتبر أول معهد تعليمى صديق للبيئة، ويعمل على توفير الطاقة واستغلال الطاقة الشمسية.

* كيف يتم التواصل بين «مصر الخير» والمصريين فى الخارج؟

- نرى دائما أن هناك قوة ضاربة غير مستغلة وهى المصريون فى الخارج، لذلك قمنا بالتعاون مع عدد من الشخصيات المصرية البارزة لإنشاء مؤسسات غير هادفة للربح، منتسبة لمؤسسة «مصر الخير» وتحمل اسم المؤسسة فى أمريكا وإنجلترا وكندا. لم أطالب المصريين فى الخارج بتبرعات مالية وإنما الطاقة العلمية والذهنية التى يمكن توظيفها كدعم فنى ومراقبة علمية، من خلال مشروعات «مصر الخير» العلمية، كما نهدف إلى خلق محور لتلقى أفكار لمشروعات ومبادرات جديدة فى حاجة إلى دعم مادى أو فنى داخل مصر.

وعلى سبيل المثال هناك احتياج لخبرة خاصة فى مشروع تقوم به «مصر الخير» الآن ليس لها من يقدمها فى مصر وهى «الحوكمة الإكلينيكية» والتى تستهدف المراقبة على تطبيق قواعد الممارسة الطبية فى مصر، وقد تمكنا من الحصول على تلك الخبرات دون مقابل، من خلال مجموعة من الأطباء المصريين المقيمين فى بريطانيا.

أقمنا مركزاً للابتكارات العلمية والتكنولوجية لتوفير مناخ تشريعى وتنفيذى للنهضة العلمية وتشجيع الدولة على وضع استراتيجية للبحث العلمى

* كم من العلماء والخبراء من المصريين فى الخارج يتعاونون مع «مصر الخير»؟

- على الأقل 120 عالما فقط، من خلال مؤسسة إنجلترا، ما بين علماء وأطباء وأساتذة جامعة ومتخصصين، وجميعهم مقبلون بشكل رائع على التعاون فى إطار التطوع، والبعض منهم يتدخلون فى المشروعات من خلال قنوات مفتوحة، وكل ما يهم هؤلاء الاهتمام والمتابعة ورؤية نتيجة هذه المساعدة، بالإضافة إلى أنه بدون طلب المساعدات المالية هم يبادرون لاستكمال المشروعات من خلال إرسال نقود زكاة لا يعرفون كيف يتصرفون بها فى الخارج أو أموال يريدون التبرع بها لتنمية بلدهم.

علينا أن نتذكر دائماً وبصفة خاصة فى هذه المرحلة الحرجة أن العنصر البشرى والابتكار والإبداع وشحذ الطاقات الذهنية المصرية بالداخل والخارج والإيمان بقدراتها هى السبيل الوحيد للخروج مما نحن فيه من تراجع تعليمى وعلمى غير مسبوق على مر تاريخ هذه الأمة العظيمة وأن المجتمع المدنى عليه أن يتحمل الدور الأكبر فى هذا التحول وهى بالفعل ينمو وينهض وسيكون قادرا على هذه المهمة بإذن الله.

DMC

أخبار متعلقة :