كتب : صلاح الدين حسن ومحمد عمارة منذ 17 دقيقة
ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط من تقسيم فعلى وتدمير، بدا فى الأونة الأخيرة أنه ممنهج، أعاد الشارع العربى والمصرى إلى سؤال ربما لم يهتم بمعرفة إجابته فى وقت مضى: هل حقاً تمضى الولايات المتحدة الأمريكية فى تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى قيل منذ 13 عاماً مضت إنه يهدف إلى تفكيك المنطقة وإعادة ترتيبها حسب ما تقتضيه المصلحة الأمريكية والإسرائيلية؟.. حول هذه القضايا يدور حوار «الوطن» مع الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية.
■ ما مفهوم مشروع الشرق الأوسط الكبير ومتى ظهر فى الولايات المتحدة الأمريكية؟
- مفهوم الشرق الأوسط الكبير جاء أثناء إدارة جورج بوش الابن الذى تولى رئاسة أمريكا، وجاء الرئيس بوش إلى البيت الأبيض معه بمجموعة من السياسيين عُرفوا باسم المحافظين الجدد كانت لهم رؤيتهم الخاصة حول كيفية إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، وكانوا يعتبرون أن مثلهم الأعلى هو الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان الذى ينتمى للحزب الجمهورى وكان يعتمد على تعظيم القوة العسكرية الأمريكية، واعتبروا أن ما فعله فى هذا السياق وزيادة الإنفاق العسكرى خصوصاً البدء فى تنفيذ برنامج عُرف شعبياً باسم «حرب النجوم» أو «مبادرة الدفاع الاستراتيجى» التى كانت تهدف لتحقيق التفوق فى الأسلحة الصاروخية بحيث يمكن لها أن تبدأ حرباً نووية ضد الاتحاد السوفيتى وتكسبها على عكس فكرة التوازن النووى واعتبروا أن اتباع هذه السياسة من قبَل ريجان أدى لانهيار المعسكر الاشتراكى وسقوط الاتحاد السوفيتى، لذا كانوا يعولون على تعظيم القوة العسكرية الأمريكية واستخدامها للقضاء على أى تحدٍّ للولايات المتحدة سواء على المستوى العالمى أو الإقليمى، وقد اعتبروا أن أكبر تهديد فى الشرق الأوسط هو نظام صدام حسين، لذا جاء للبيت الأبيض بفكرة شن حرب على العراق، وابتدعوا فكرة «محور الشر» الذى يضم كلا من العراق وإيران وكوريا الشمالية، وقيل إن الهدف الأساسى كان العراق لذرّ الرماد فى العيون، وبدأت وزارة الخارجية الأمريكية مشروعاً يستهدف من وجهة نظرها المساعدة على نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط الكبير الممتد من موريتانيا والمغرب غرباً إلى باكستان شرقاً.
محور الممانعة انهار ولم يبق منه سوى سوريا وحزب الله وهذا لم يحل دون تدخل أمريكا فى حوار مع سوريا وإيران
■ ألم تكن لدى الإدارة الأمريكية خطة لإحلال جماعة الإخوان محل الأنظمة القائمة فى هذا الوقت؟
- كان هناك اتجاه داخل الإدارة الأمريكية يميل إلى التعاون مع الجماعات الإسلامية التى تنتهج أسلوباً سلمياً، وكان هناك اتجاه غالب يرفض التمييز بين هذه الجماعات باعتبارها تعمل ضد الولايات المتحدة، ومن ثم يجب على الأخيرة أن تحارب الإسلام السياسى بكافة تنويعاته. وظل هذا هو الاتجاه السائد فى ظل إدارة الرئيس بوش، لكن بعد تولى أوباما أصبح يميل إلى الاتجاه الآخر الذى يرى أن من الممكن للولايات المتحدة أن تقوم بمصالحة مع جماعات الإسلام السياسى التى لا تميل إلى العنف ولا تستخدمه فى سبيل وصولها للسلطة، وعلى استعداد للحوار مع الإدارة الأمريكية، وهى الجماعات التى نجحت فى الانتخابات فى مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا.
■ لكن هذا المشروع ارتبط بفكرة تقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات ضعيفة وهشة!
- الفكرة ظهرت أساساً فى مطبوعات المنظمة الصهيونية وكتبت عن هذا فى منتصف الثمانينات، ووردت على لسان بعض المحافظين الجدد خصوصاً فيما يتعلق بالعراق، وكانت السياسة الأمريكية تنحو إلى هذا الاتجاه، ومستشار الأمن القومى للرئيس بوش ذكر سيناريو احتمال تقسيم العراق إلى ثلاث دول، لكن الإدارة الأمريكية انتهت إلى بقاء العراق كدولة واحدة لأن تقسيمه ينطوى على خطر شديد على أمريكا، وأؤكد أنه ليست هناك مشروعات رسمية لتقسيم الشرق الأوسط.
■ البعض يرى أن ما يحدث محاولة للقضاء على محور الممانعة فى الشرق الأوسط ليظل تابعاً للولايات المتحدة الأمريكية؟
- طبعاً.. محور الممانعة انهار ولم يبق منه سوى سوريا وحزب الله، وإلى حد ما إيران، وأعتقد أن حماس لها موقف مختلف من حزب الله، لأن محور الممانعة يعادى الولايات المتحدة، ومن ثم فالولايات المتحدة تعاديه، وهذا لم يحل دون تدخل أمريكا فى حوار مع سوريا وإيران، وجرى حوار بالفعل برعاية كلينتون الذى التقى بالرئيس السورى السابق حافظ الأسد، وبكل تأكيد فإن أمريكا تتبادل الحوار مع أى طرف.
إدارة أوباما رأت أن من الممكن أن تتصالح مع جماعات الإسلام السياسى التى لا تميل إلى العنف وعلى استعداد للحوار
■ إذا رفض الإخوان قبول «خارطة الطريق»، ومن ثم اضطر الجيش إلى إقصائهم؟
- إذا كان باستخدام العنف فهذا سيؤثر على المشهد السياسى، ووقوع قتلى يشوه صورة مصر، واعتقال قيادات الإخوان يبدو أنه لا يتفق مع قواعد الديمقراطية لأنهم لم يحاكموا أولاً واتهاماتهم غير جادة خاصة اتهام مرسى بالتخابر، وبالنسبة لى فإن هروب مرسى مشروع لأنه لم يكن مسجوناً بل كان معتقلاً سياسياً، ومعاملته الآن مهينة لأنها لا ترقى لمستوى المسجون.
■ ألا تحرك أمريكا الأحداث بشكل يخدم مصالحها ومخططاتها؟
- الولايات المتحدة لم تصنع الثورة فى سوريا مثلاً. الذى صنع الثورة هو الشعب السورى، ودور أمريكا ليس قوياً فى سوريا، بل الدور الأساسى لتركيا والسعودية مقابل الدورين الإيرانى والروسى. الولايات المتحدة كانت مترددة جداً فى تقديم السلاح للمعارضة، وقيل فى البداية إنها ستقدم للمعارضة سلاحاً غير قتالى، وانتهى الأمر إلى أنها لن تقدم أى سلاح لأنها كانت تخشى أن يصل إلى «نصرة الإسلام»، وهو التنظيم الذى يقال إنه مرتبط بالقاعدة، وهى الآن مترددة فى توجيه ضربة لسوريا يقال إنها رد على استخدام السلاح الكيماوى.
الأخبار المتعلقة:
د. عمار على حسن يتساءل: «الفوضى الخلاقة».. هل هى قابلة للتطبيق فى مصر؟
«رالف بيترز»: حدود أفريقيا والشرق الأوسط هى الأكثر عشوائية وتشوهاً فى العالم
الفنان صلاح السعدنى: تكاتف لصد العدوان
عبدالله السناوى: ارتباك ضياع الحلم
الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان : خلق نظم استبدادية
جمال طه يكتب: «ديفيد ساترفيلد» واستكمال الدور التخريبى للسفارة الأمريكية فى القاهرة
برنارد لويس.. محو الحدود الحالية بـ«أستيكة» وتقسيم المنطقة إلى 52 دولة
جهاد الخازن: أمريكا وإسرائيل كانتا تخططان بدعم الإخوان لتحويل مصر إلى أفغانستان جديدة
الدكتور حسن نافعة: مشروع متناقض
مظهر شاهين : الهدف: دويلات متحاربة
محمد العدل: المصريون أسقطوا المخطط
سياسة «أوباما» فى سوريا كما صاغها «دانيال بايبس»: لا تحسم المعركة وادعم الخاسر لإطالة أمد الصراع
سعيد السريحى: ثورة 30 يونيو أربكت مشروع «الشرق الأوسط الجديد»
«جيورا إيلاند».. حل أزمة «حق العودة» على حساب الأرض المصرية
أحمد أبوالغيط: مصر تخوض معركة كبرى ضد الغرب.. وستنتصر
«سايكس - بيكو»: «حدود» على عجل.. وبالقلم الرصاص
معتز بالله عبدالفتاح يجيب عن السؤال: الغرب والإخوان: لماذا التقيا ولماذا سيفترقان؟
مكرم محمد أحمد: 30 يونيو مفاجأة مزدوجة
عبدالرحمن الأبنودى: المؤامرات لن تنتهى
د. حسن أبوطالب يرصد القصة الكاملة: الفشل الأمريكى من «الكبير» إلى «الموسع الإسلامى»
المؤامرة.. هكذا يريدون «الشرق الأوسط الجديد»
التعليقاتسياسة التعليقات
لا يوجد تعليقات
اضف تعليق
تم إضافة تعليقك بنجاح وسيتم مراجعتة بواسطة إدارة الموقع
أخبار متعلقة :