كتب : سلوى الزغبي منذ 12 دقيقة
تتسارع الخطى، تتزاحم الأجساد كـ"يوم الحشر"، تختلط الأقدام مع "عجلات شنط السفر"، تتسارع الأيدي للحصول على تذكرة من "شباك التذاكر".. كان هذا هو المشهد اليومي، الذي يمكن لأي زائر للقاهرة ملاحظته داخل "محطة مصر". لكن الأحداث السياسية التي تعصف بالبلاد منذ عامين ونصف، وتصاعدت عقب فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في ميداني "النهضة" و"رابعة العدوية"، أبت إلا أن تترك آثارها على المحطة مثلما تركت آثارها على كل شيء بالبلاد.
فمع فرض الحكومة، حالة الطوارئ في البلاد، قبل شهر تقريبًا، توقفت معها حركة القطارات من القاهرة للمحافظات، والعكس، لتتحول "محطة مصر"، التي كانت تعج بالبشر، إلى ما يشبه "مدينة أشباح"، لا يوجد بها سوى عدد ضئيل من أفراد الأمن.
توقف حركة القطارات، كان له أبلغ الأثر على المواطنين، الذين يترددون على القاهرة يوميًا، فمن انعدام "الراحة" إلى استغلال سائقي وسائل المواصلات الخاصة من "ميكروباصات وأوتوبيسات وسيارات أجرة"، يرتسم المشهد "الكئيب" للكثير من المواطنين.
يقابلك "شاكيا" ترتسم على وجهه علامات الضيق والضجر.. إنه "الحاج علي" الذي يرتدي رقبة صناعية تحكم نظرته للأماكن، الذي يضطر للمجيء إلى القاهرة من الأقصر، بحثًا عن العلاج "مش عارف لحد امتى هتفضل القطارات واقفة.. سواقين الأجرة بيستغلوا الظروف.. مش معقول أدفع 100 جنيه علشان آجي القاهرة، وزيهم علشان أروح.. مش كفاية عليَّ مصاريف العلاج". يضيف "أنا كنت باجي القاهرة بالقطر 50 جنيه رايح جاي.. دا غير الراحة والأمان.. القطر هو أأمن وسيلة مواصلات ممكن الواحد يركبها في مصر".
"حضرت الشنط من بالليل.. وقررت أستأذن ساعتين بدري من الشغل.. علشان أوصل زوجتي وبنتي للمحطة علشان يروحوا كفر الدوار".. بهذه الجملة افتتح محمد أحمد "موظف" كلامه لـ"الوطن"، مؤكدًا أنه لا يمكنه أن يطمئن على زوجته وابنته سوى في القطار فهو "أفضل وسيلة مواصلات"، لكنه "تفاجأ باستمرار توقف حركة القطارات ولم يجد أمامه سوى الميكروباص".
وتساءل "محمد"، كيف أطمئن على زوجتي وابنتي في الطريق الزراعي؟، فضلاً عن أن سائقي الأجرة يستغلون الظروف ويفرضون علينا ما يشبه "الإتاوة"، فتذكرة القطار لا تكلفني أكثر من 10 جنيهات، أما في الميكروباص فأجد نفسي مضطرا لدفع 25 جنيها.
وتابع "كما أن سائق الميكروباص لا يسمح لأحد بأن يشترط عليه التوجه لأي مكان، فهو يُنزل الركاب في نصف الطريق حتى يستقلوا سيارة أخرى إن أرادوا الوصول إلى أبعد ما يقرره هو، مضيفًا "القطر له محطة محددة عارف هينزله فين ومطّمن عليهم.. لكن الميكروباص مش مضمون".
"جيت من نجع حمادي في 9 ساعات ودافع 100 جنيه" قالها حسن محمد، القادم من بلدته بنجع جمادي في زيارة يوم واحد للقاهرة لقضاء مصلحة، والعودة سريعًا، مستنكرًا دفع 100 جنيه في الأتوبيس بعد أن كان يستقل القطار بتذكرة تتراوح ما بين 45 و60 جنيها، ناهيًا حديثه بـ"القطر موقف الدنيا وحالنا".
"يا إجازة ما تمت" شعار مجموعة من الشباب، قرروا استغلال هدوء الأحداث في البلد ـ نسبيًا ـ والتوجه إلى الإسكندرية لقضاء بعض الأيام قبل حلول العام الدراسي وفصل الشتاء، لكنهم اصطدموا بأن حركة القطارات مازالت متوقفة، مقررين إلغاء رحلتهم بعد معرفة أن الفرد منهم سيسافر بـ 45 جنيه في الميكروباص ذهابًا فقط، واصفين استمرار توقف حركة القطارات بـ"الخراب".
"نروح ازاي في ميكروباص؟"، تساؤل لفتاتين، يرغبان في زيارة عائلاتهما بالإسكندرية، مشيرين إلى أنهم لا يأمنان السفر في سيارات أجرة في ظل انعدام الأمان بالبلاد، متمنين أن تعود حركة القطارات، فهو الوسيلة الآمنه لهما كي يسافرا إلى محافظتهما.
أخبار متعلقة :