كشفت دراسة علمية أعدها فريق من الباحثين المتخصصين فى العلوم التربوية بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، عن العنف بالمدارس الثانوية، انتهى المركز منها الأسبوع الماضى عن نتائج خطيرة بعد قياس الظاهرة ميدانياً فى المدارس الثانوية المصرية العامة والفنية.
ووضعت الدراسة تعريفاً للعنف ووصفته بالظاهرة العالمية كما هى بشكلها المحلى، ويحدث فى مراحل التعليم المختلفة، ويأخذ صوراً وأشكالاً مختلفة، وله تأثيرات سلبية على مستوى أداء الطلاب.
وأشارت الدارسة إلى أن ظاهرة العنف انتشرت فى مدارسنا وفى مجتمعنا، وذلك فى الآونة الأخيرة، وخاصة فى مدارسنا الثانوية، مشيرة إلى أن القسوة فى التعامل مع الآخرين، والتعدى محدثاً أضراراً جسدية للآخرين، وإتلاف ممتلكات وأثاثات المدرسة، والبيئة، والتلفظ بكلمات تخدش الحياء، من أهم مظاهر العنف.
ولفتت الدراسة إلى أن صور العنف تظهر فى التعامل بين الطلاب بعضهم بعضاً، أو بين الطلاب ومعلميهم والإدارة المدرسية، أو حتى فى طريقة التعامل مع أثاث المدرسة، مما يعيق الدور المنوط بالمدرسة أو يحد من فعاليتها.
وأكدت نتائج الدراسة إنه من خلال معايشة فريق البحث للمدارس كخبراء
> للتعليم أو أعضاء فى مجالس الأمناء، أو أولياء أمور أن أحد أسباب ظاهرة
> (العنف)، منها ما يدعمه عروض وسائل الإعلام المختلفة المقروءة منها، أو
> المسموعة والمرئية، والأفلام السينمائية، والدوافع النفسية (للعنف)
> الناتجة عن (التعنف) الصادر عن الوالدين، والزملاء، والاحتكاك والحراك
> المجتمعى.
وفرقت الدراسة بين مختلف مظاهر العنف، من بينها العنف بالنسبة للطالب
> نفسه ويتمثل فى أعمال الشغب والعناد والاستهتار،وتقليد بعض السلوكيات
> العدوانية واستخدام الألفاظ غير المهذبة والجارحة.
أما بالنسبة لعلاقته مع زملائه، أكدت الدارسة أن التشاجر بالأيدى والسب
> والقذف واستخدام الأسلحة البيضاء، وانتشار التدخين والسرقة من أهم
> الملامح أيضاً.
وفيما يتعلق بعلاقة الطالب بالهيئة التعليمية، رصدت الدراسة مجموعة من
> مظاهر العنف أهمها عدم احترام المعلمين والتحدى السافر لهم،وعدم
> الانضباط والالتزام.
أما علاقته مع المجتمع، قالت الدراسة إن الطلبة عمدوا إلى تكوين عصابات
> للتخريب والعنف،والسرقة.
وخصصت الدراسة فصلها الثانى عن العنف فى المدارس الثانوية، وقسمته إلى
> عدة عوامل أهمها العوامل النفسية مثل الاستعراض أمام الجنس الآخر، والرغبة فى إثبات الذات.
وكذلك العوامل الاجتماعية مثل غياب سلطة الوالدين وعدم متابعة الوالدين
> لأبنائهم، وضعف القيم الدينية لدى الأسرة، والخلافات الأسرية، وطلاق
> الوالدين، وسفر الوالدين أو إحداهما للخارج، بينما جاء نقص الوعى الدينى
> والثقافى، وشيوع مفهوم الاستهتار فى المجتمع كأهم العوامل الثقافية
> المؤثرة فى الظاهرة.
كذلك فإن انتشار البطالة، وغلاء المعيشة، والفقر من بين العوامل
> الاقتصادية، أما العوامل السياسية تمثلت فى غياب العدالة الاجتماعية، وعدم تكافؤ الفرص، وضعف دور مؤسسات المجتمع.
وفسرت الدراسة عدداً من العوامل التربوية والتعليمية التى أثرت على
> الظاهرة، مثل اعتداء الطلاب على بعضهم البعض، وانتشار الدروس الخصوصية، وانعدام الثقة بين الطلاب ومدرستهم ومعلميهم.
كما ساهمت العوامل الإعلامية فى شيوع الظاهرة مثل برامج العنف والرعب
> والجريمة، وتقليد وتقمص السلوك العدوانى، والعنف فى برامج الإنترنت، وضعف البرامج الدينية والثقافية، والأفلام التى لا تتماشى مع طبيعة وثقافة
> المجتمع.
وأوصت الدراسة بعدة مقترحات لعلاج ظاهرة العنف لدى طلاب التعليم الثانوى، على عدة مستويات أهمها المناهج الدراسية عن طريق التأكيد على المفاهيم الدينية، والتأكيد على القدوة الحسنة، وتشجيع البحث العلمى، وتوجيه الأنشطة المتنوعة وفقاً لرغبات الطلاب.
على مستوى الإدارة المدرسية، أوصت الدراسة، بعمل لوحة اللوائح والعقاب،
> والتوعية بمخاطر العادات السيئة، والاهتمام بالأنشطة والمسابقات والندوات، والتدريب الصيفى، وتفعيل دور أولياء الأمور.
وفيما يتعلق بالمعلم، أوصت الدراسة بالمساواة فى التعامل مع الطلاب، وبث
> روح الحب والتعاون مع الطلاب، وزيادة قدرته على السيطرة للفصل، وممارسة
> حصص الرياضة وزيادة حصص التطبيقات العملية، والاهتمام بمظهره ومستواه
> العلمى.
وشددت الدراسة أيضاً على ضبط الامتحانات، وتخصيص درجات للسلوك تؤثر فى المجموع فى نهاية العام.
كما طالبت الدراسة الأسر بزيادة المراقبة لأبنائهم، والتعاون بين الأسرة
> المدرسة لتغيير بعض المفاهيم الخطأ عن العنف، وخلق قدوة حسنة فى المنزل،
> مشددة على ضرورة الحد من برامج العنف فى وسائل الإعلام، والتأكيد على
> احترام المؤسسة التعليمية، وترسيخ قيمة القدوة الحسنة وهيبة الهيئة
> التعليمية.
وخرجت الدراسة بمجموعة من التوصيات العامة لعلاج الظاهرة أهمها تفعيل
> اللوائح والقوانين المدرسية عن الانضباط وقواعد العقاب، وتفعيل دور
> الأنشطة التربوية المختلفة فى المدارس، وعمل الندوات والمسابقات عن ظاهرة
> العنف والتدخين والسرقة، جعل درجات السلوك والمواظبة شرطاً ضرورياً لدخول الامتحان النهائى، والتركيز على التدريب الصيفى والعملى، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع "الدينية والثقافية" والمجتمع المدنى فى مواجهة ظاهرة
> العنف، وتفعيل دور مجلس الأمناء فى التوعية من مخاطر ظاهرة العنف على
> الفرد والمجتمع، وتفعيل دور الإخصائى الاجتماعى فى علاج مشكلات الطلاب، وامتناع الهيئة التعليمية عن ممارسة جميع صور العنف "البدئى أو اللفظى"،
> والتركيز على القدوة الحسنة فى المناهج الدراسية، وإشراك الأسرة مع
> المدرسة فى حل مشكلات أبنائهم، والاهتمام بالمفاهيم التى تنبذ العنف
> والجريمة والتخريب والإدمان والسرقة فى المناهج الدراسية، والتأكيد على
> دور وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة فى مواجهة ظاهرة
> العنف لدى الطلاب، والاهتمام بمظهر المعلم وسلوكه ومستواه العلمى فى
> الفصل.