كتب : أسامة همام منذ 7 دقائق
كشف الدكتور محمد أبوشادى، وزير التموين، عن وجود مخالفات خطيرة تقدر بمليارات الجنيهات داخل جهاز تنمية التجارة الداخلية، وقال فى حوار مع «الوطن»، إن أعضاء تنظيم الإخوان سخّروا وزارة التموين لخدمة أهدافهم السياسية والدعاية لهم وتحسين صورتهم فى الشارع.
وأكد «أبوشادى» أن الوزير الإخوانى السابق، باسم عودة، تسبب فى أزمات خطيرة عرّضت الأمن القومى للخطر بوقف استيراد القمح لمدة 4 أشهر، وأحدث عجزاً منذ 3 أشهر فى الزيت، واستعان بمستشارين حاصلين على دبلوم صنايع بمرتبات تتراوح بين 10و20 ألف جنيه وحولوا لجنة المساعدات الأجنبية بمدينة نصر إلى مبيت ومكان لقضاء حاجة معتصمى رابعة.
وأوضح أن الحكومة نجحت فى التعاقد على شراء احتياجات مصر من المواد البترولية والطاقة لمدة عام، كما وضعت الوزارة خطة للقضاء على ارتفاع الأسعار.. وإلى نص الحوار:
* أنت من أبناء الوزارة وعملت سنوات رئيساً لمباحث التموين ثم قطاع التجارة الداخلية، ما الأخطاء التى وقعت فيها حكومة الإخوان بالنسبة لقطاع التموين؟
- هناك أخطاء كثيرة جداً، وأنا مؤمن بأنه لا توجد مشكلة بدون حل، بالمنطق والعلم والتفكير الجيد، دائماً وزارة التموين بها مشاكل لأن حجم الجمهور الذى يتم دعمه كبير جداً يصل إلى 68 مليون مواطن، لكن ثلاثة أرباع فئات الشعب الآن أصبحت تحتاج إلى الدعم وهذه مشكلة كبرى وتعنى أن هناك عيباً هيكلياً فى الاقتصاد القومى يجعل الدخول لا تتناسب مع مستويات الأسعار، وبالتالى قطاعات واسعة من الشعب تئن.
وبالتالى مشكلة الدعم لا بد من حلها من خلال السياسات الاقتصادية الشاملة فى البلاد؛ لأن تلك السياسات لو نجحت على أرض الواقع وحققت للمواطن الأجر العادل والكفاءة فى الإنتاج والتشغيل، سيصبح من يحتاج للدعم فئة قليلة.
* ما أبرز المشاكل التى خلفتها الحكومة السابقة؟
- رغيف العيش، وهو سلعة استراتيجية ومن المعروف أنه لا بد من وجود مخزون استراتيجى من القمح يعادل 6 أشهر، لكننى وجدت الرصيد شهرين فقط وقراراً بعدم استيراد أقماح من الخارج صادراً منذ 4 أشهر، اعتماداً على أن البيانات الصادرة من وزارة الزراعة تؤكد أننا حققنا اكتفاء ذاتياً من القمح، علماً بأن إنتاج القمح ظل مثل الأعوام السابقة، وكان لا بد لى كوزير تموين فحص تلك البيانات ومراجعتها والاطلاع على كميات التوريد فى السنوات السابقة فكان أعلى معدل توريد يبدأ من 2.5 إلى 3٫7 مليون طن وهو أعلى مستوى وصلنا له، وكان لا بد من بناء سياساتى على الاستيراد، خاصة أننا نحتاج 9٫5 مليون طن سنوياً للرغيف المدعم باستيراد الكمية الباقية.
الآن الحكومة حررت القرار الاقتصادى برصد الاحتياجات المالية لوزارة التموين وأعطت لها حرية الشراء شأنها شأن أى مشترٍ فى العالم بالدخول على البورصات العالمية للقمح بمراقبة الأسعار المناسبة والجودة العالمية وتعطى لها حرية التعاقد، الأمر الذى جعلنا نتحرر من قيود أى دولة بالشراء من التجار والشركات عبر الشاشات، واشترينا مليوناً و750 ألف طن قمح جميعها من مناشئ مختلفة من أوكرانيا ورومانيا وروسيا وأزبكستان، واستطعنا تكوين رصيد من مخزون يكفى شهرين ليؤمن احتياجات البلاد حتى آخر مارس المقبل.
وقرار وقف الاستيراد لمدة 4 أشهر أضاع على الدولة فرصة الشراء بأسعار أقل من الأسعار الحالية، واضطرنى لاستخدام القمح المحلى فى وقت غير مناسب لأن نسبة المياه فى القمح المحلى عالية ويحتاج إلى وقت للتجفيف، الأمر الذى أدى إلى إنتاج دقيق غير مطابق للمواصفات وبه رطوبة عالية وبالتالى نسبة الفاقد فى الطحن تكون أعلى، رغم أن القمح المحلى لدينا من أجود الأصناف، ونقوم بتخزينه على مدار العام، لكن القرار أضاع علينا الاستقادة من هذه الميزة.
* هل هذا يعنى أن رغيف العيش لن يكون على المستوى المطلوب خلال الفترة المقبلة؟
- المتبقى من القمح المحلى لن يكفى، وعلى المواطن أن يعلم أن سوء حالة الرغيف سيكون سببها ذلك الخلط الكبير للقمح المحلى مع القمح المستورد.
* ومتى نرى رغيف خبز جيداً؟
- حينما تنصلح الضمائر، هناك من ماتت ضمائرهم ومن استباح الاستيلاء على المال العام، ونسعى لدراسة منظومة الخبز الجديدة التى تم تطبيقها التى أنا غير راضٍ عنها ولا تحقق صالح الوطن أو المواطن، وسنعيد دراستها بهدف القضاء على الفساد الذى يعتريها، وإذا فشلنا سنتحول لمنظومة أخرى لتحسين جودة المنتج والحد من عمليات تسريب الدعم.
* لكن أين دور هيئة السلع فى توجيه الوزير من خطورة إصدار هذا القرار؟
- حكومة الإخوان كانت لا تثق بالآخرين وكانوا يأتون ببطانة ومستشارين يسمعون بعضاً فقط، وهناك مجموعة أخرى كانت تأتى من مؤسسة الرئاسة يومياً تملى على الوزير السابق السياسات ولم يكن منفرداً بقراره، وعليه تنفيذ التعليمات ولم يكن يرجع للفنيين فى الوزارة وأصابوا الجهاز الإدارى فى الوزارة بالعقم ورفضوا الاستعانة به.
* وماذا عن المستشارين الإخوان فى الوزارة؟
- وجدت 15 مستشاراً من الإخوان، منهم اثنان بلجنة المساعدات الأجنبية، امتنعوا عن العمل بعد رحيل نظام المعزول وتعدوا أيام الغياب وتم فصلهم وفقاً للقانون، وهؤلاء جاءوا من الشارع مباشرة إلى الوزارة وكان أغلبهم دبلومات تجارة وصناعة يعملون مستشارين بعقود ويحصلون على مرتبات من 10 آلاف إلى 20 ألف جنيه ويحصلون على تلك المرتبات من مشروع معونة أمريكى خاص بلجنة «الأودا الأمريكى».
حكومة «قنديل» استبعدت 2 مليون مصرى سافر معظمهم لأداء العمرة من الحصص التموينية
وكان هناك اثنان منهم بلجنة المساعدات التابعة للوزارة بمدينة نصر، أحدهما لم ينتظم فى الحضور والآخر كان يستغل المبنى ويستضيف رواد اعتصام رابعة وحوّل المكان إلى مبيت لهم ليلاً ومكان نهارى لاستغلاله فى قضاء حاجتهم واستغلاله للراحة، وهو غير مؤهل للعمل فى هذه الوظيفة وكان يعمل طبيباً بيطرياً ويحصل على مبلغ 20 ألف جنيه دون مبرر.
* ما حقيقة البلاغات المقدمة ضد الوزير السابق والرئيس المعزول بإصدار تعليمات بتهريب السولار إلى قطاع غزة عبر الأنفاق؟
- المواد البترولية كانت تهرّب إلى قطاع غزة فى زمن الإخوان والقوات المسلحة قامت بتدمير الأنفاق التى تستخدم فى تهريب البترول فتحولت الأزمة من مصر إلى غزة، وأصبحت تعانى من مشاكل فى المواد البترولية والسلع، والحكومة بذلت جهداً كبيراً بالتعاقد على شراء احتياجات مصر من المواد البترولية والطاقة لمدة عام قادم ولن تكون هناك مشكلة وقود خلال العام المقبل سواء فى الكهرباء أو الوقود.
* وزير التموين السابق حرم عدداً كبيراً من حجاج العمرة من السلع المدعمة على البطاقات بسبب سفرهم؟
- الوزير الإخوانى كان بصدد مراجعة البطاقات التموينية وتنقيتها واستبعاد من تكرر قيدهم أو توفوا وأصدر قراراً باستبعاد هؤلاء المواطنين وكل من سافروا للخارج لمدة تزيد على 6 أشهر، لكن الوزارة أرسلت خطاباً للجوازات بالحصول على أسماء هؤلاء، إلا أن الجوازات أرسلت لهم أسماء جميع من سافروا للخارج سواء مر على ذلك 6 أشهر أو يومان ولم تحدد مدة السفر وكانوا أكثر من 2 مليون مواطن، وقام على الفور الوزير بإصدار تعليمات لمديريات التموين بحذف هؤلاء المواطنين من بطاقات التموين، وعندما توليت الوزارة أعطيت تعليمات للمديريات بمنح هؤلاء المواطنين مقرراتهم إلى حين تبيان حقيقة سفرهم.
* أزمة نقص السلع التموينية أصبحت مشكلة كل شهر.. ما السبب الرئيسى فيها؟
- سلعة الأرز كانت فيها مشاكل ولكنها انتهت الآن، ومن الطبيعى أننا الآن فى نهاية الموسم تحدث مشاكل لوجود نقص فى المحصول، فنحن نحتاج إلى 111 ألف طن شهرياً، والمحصول الجديد سيتم توريده فى شهر أكتوبر المقبل وبالتالى فلن تكون هناك أزمة.
والمشكلة الأخرى تتمثل فى عجز الزيت التموينى، فالوزارة تقوم بصرف زيت خليط من عباد الشمس وفول الصويا، وحكومة الإخوان حولته لزيت عباد فقط وقللت الكمية من 1200 جرام للفرد إلى 900 جرام، وهذا يمثل خطورة على سلعة استراتيجية وهى الزيت على المواطنين لأن الزيت السلعة الشعبية الأولى التى يحتاجها المواطن الفقير الأولى بالرعاية، والبديل فى القطاع الخاص بـ10 جنيهات للكيلو، فالدولة تدعم 7 جنيهات فى الكيلو.
ووضعنا ذلك فى خطورة استراتيجية لتوفيره محلياً، لأننا لا ننتج زيت عباد الشمس، بل يتم استيراده ومواطن استيراده بعيدة جداً عن بلادنا، فيتم استيراده من جهتين أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر قزوين، بالإضافة إلى أن مصانع إنتاج الزيوت فى مصر 21 مصنعا،ً منها 3 فقط لديها تكنولوجيا إنتاج زيت العباد وقمنا بشراء 10 آلاف طن زيت من شركات القطاع الخاص وهناك مناقصة أخرى لشراء 10 آلاف طن أخرى لزيادة المعروض.
* هل كان تنظيم الإخوان يسخر الوزارة لصالحه؟
- بالفعل كان حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان يسخرون وزارة التموين لخدمة أهدافهم السياسية من خلال توزيع السلع بمعرفة أعضاء الحزب على المواطنين للترويج لهم وكانت محاولاتهم مضنية للسيطرة على وزارة التموين باعتبارها وزارة خدمية ترتبط بشكل وثيق بالمواطنين البسطاء واستغلوا ذلك لتحقيق أهداف سياسية.
* ملفات الفساد فى التموين كثيرة وتحتاج إلى مواجهة جادة.. هل وضعتم أيديكم عليها؟
- كشفت فساداً داخل جهاز تنمية التجارة الداخلية يقدر بمليارات الجنيهات من خلال شراء أراضٍ بمختلف المحافظات عليها مشاكل وتعاملات من أشخاص آخرين وقام المسئولون فى الجهاز بشرائها دون معاينتها على أرض الواقع تقدر بالمليارات وجارٍ فحصها وإحالة المتسبب فيها للنياية العامة فى وقت قريب.
«باسم» عيّن مستشارين بـ«دبلوم صنايع» بمرتب 20 ألف جنيه.. وحوّل لجنة المساعدات بمدينة نصر إلى مبيت ودورة مياه لمعتصمى رابعة
* العلاقة بين الوزارة وجمعيات حماية المستهلك لم تكن على المستوى المطلوب؟
- حرصت منذ قدومى للوزارة على التواصل مع جمعيات حماية المستهلك وكونت منهم مجلساً استشارياً أعلى لصنع القرار والتنبؤ بالأزمات وينقل للحكومة نبض الشارع ويراقب معى كوزارة.
* الحديث عن الأسعار حديث كل مواطن وكل مسئول لكن الوزارة فشلت فى ضبط الأسعار بالأسواق؟
- يحكمنا التوجه الرسمى فى مصر بنظام «السوق الحرة» لكن للأسف نطبقها أكثر من الرأسمالية بمعنى أن الحرية فوضى وعرض وطلب وأن الدولة لا تتدخل فى النشاط الاقتصادى، هذا خطأ، لأن هناك نوعاً من الاقتصاد الحر يسمى اقتصاد السوق الذى يراعى المستهلك والبعد الاجتماعى وهذا يسمح لى بالتدخل من خلال أدوات كى لا أترك المواطن فريسة لجشع الرأسمالية، ووضعنا آليات للتدخل فى السوق دون الإخلال بآلياته، وفى نفس الوقت تحقيق التوازن السعرى بحماية المواطن من غول الأسعار من خلال تفعيل دور المجمعات الاستهلاكية كأدوات للحكومة وقطاع الأعمال العام لإحيائها مرة أخرى، وتوفير كافة السلع فيها بأسعار مخفضة، وإحياء دور التعاون الاستهلاكى الذى يستهدف الخدمة ولا يستهدف الربح الذى يمتلك 3 آلاف و600 منفذ فى صعيد وريف مصر واجتمعنا معهم وطالبتهم بالالتزام بأقل هامش ربح وتوفير السلع على مدار العام، واخترعنا آلية التخفيضات الدورية فى العشر الأواخر من كل شهر فى المجمعات الاستهلاكية وتوسعنا فى ذلك بإشراك شركتى الجملة لأن لها فروعاً على مستوى الجمهورية، كما أن رئيس شعبة البقالة فى الغرفة التجارية طلب اشتراك المحلات التجارية فى تلك التخفيضات.
أيضا هناك آلية المعارض الموسمية بالتنسيق مع الغرف التجارية واتحاد الصناعات فى جميع محافظات مصر يتم إقامتها فى وقت واحد.
«الوزير الإخوانى» عرّض الأمن القومى للخطر بوقف استيراد القمح لمدة 4 أشهر
* هل يمكن للدولة التدخل بفرض تسعيرة جبرية فى ظل اقتصاديات السوق الحرة؟
- التسعيرة الجبرية تؤدى إلى مشاكل كبيرة وهناك مقولات تؤكد أن مناخ الاستثمار يتأثر بالدولة التى تقيد الأسعار وبالتالى تطرد المستثمرين وهذا مبرر منطقى يعوق الاستثمار فى مصر، لكن القانون يسمح لوزير التموين بوضع تسعيرة جبرية وهناك المادة 10 فى القانون 3 لسنة 2005 والخاصة بالممارسات الاحتكارية تجيز لمجلس الوزراء تسعير بعض السلع بعض الوقت.
* لكن الرقابة على الأسواق غائبة؟
- الرقابة تغل يدها فى جزئية التسعير، لأن مفتش التموين لا يملك آلية لتخفيض السعر، بل الرقابة على المنتجات واستبيان مدى مطابقتها للمواصفات الصحية.
* العشوائيات فى التجارة زادت وتفاقمت وعلى رأسها الباعة الجائلون، ماذا تفعل الوزارة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة؟
- ظاهرة الباعة الجائلين من أخطر الظواهر التى تهدد التجارة والاقتصاد وأنها تفاقمت خلال الأشهر الماضية وانتشرت بشكل كبير وأصبحت تهدد المجتمع وحل هذه المشكلة لن يكون بالحلول الأمنية والمطاردات للبائعين الجائلين فى الشوارع والميادين، وإنما الحل يجب أن يكون شاملاً وكاملاً لإيجاد حل حقيقى لهذه الظاهرة، لأن ظاهرة الباعة الجائلين مرتبطة بالبطالة، والباعة الجائلون لجأوا للبيع على الرصيف لعدم وجود فرص عمل مناسبة لهم وعددهم أصبح يزيد على 3 ملايين بائع، والحل يجب أن يكون على كافة المستويات ومن خلال التعامل مع القطاع الخاص والغرف التجارية والغرف الصناعية ومنظمات الأعمال للحد من العشوائيات التى أصبحت تهدد الصناعة والتجارة.
* ما الآليات التى تمتلكها الوزارة لمواجهة العشوائيات؟
- يوجد جهاز تنمية التجارة الداخلية سيكون له الأولوية خلال المرحلة المقبلة ويقوم بعمله الكامل فى تطوير التجارة وتحديثها بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية لتحويل التجارة العشوائية إلى تجارة منظمة والعمل بشكل رسمى خاصة أن حوالى 50 ٪ من التجارة تعمل بشكل غير رسمى وأصبحت تؤثر على المصانع والشركات المرخصة وأن الجهاز سيقوم خلال المرحلة المقبلة بحل مشاكل الأراضى للمشروعات التجارية وإعطاء الأولوية للمشروعات اللوجستية والتخزين والنقل التى تخدم التجارة والاستفادة من الميزات التنافسية لبعض المحافظات والتى يمكن أن تساعد على زيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة.
والأولوية خلال المرحلة المقبلة لتيسير إجراءات التسجيل التجارى وترخيص المشروعات بما يساعد على جذب استثمارات جديدة من الخارج وإنشاء مشروعات الشباك الواحد بالتنسيق مع الغرف التجارية لسرعة إنهاء الإجراءات.
أخبار متعلقة :