شهدت شوارع وميادين مدينتى رام الله والبيرة، وهما يعرفان بمركز الضفة الغربية وأشهر مدنها، أجواء احتفالات كرنفالية وزحام شديد باحتشاد الكثير من الأسر الفلسطينية بصحبة أطفالهم فى ليلة غلبت عليها مشاعر الفرح والبهجة احتفالا باستقبال عيد الفطر المبارك وامتدت هذه الأجواء حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس.
ففى مدينة رام الله، اجتمع الفلسطينيون الليلة الماضية فى الميادين الرئيسية أو ما يسمونه "دوار" الساعة والمنارة والشوارع المحيطة بهما فى مشهد مبهج فى زينة أطفال يحملون البالونات وانتشر باعة الحلوى الفلسطينية بألوانها الجميلة والمتنوعة وباعة المشروبات الرمضانية بزيهم التقليدى المميز.
وأضاف لهذا المشهد بهجة تقديم مجموعات من فرق الكشافة الفلسطينية لعروض موسيقية بآلات النفخ والآلات النحاسية فى شكل مسيرات متتالية جابت شوارع رام الله والبيرة وسط سعادة الجماهير التى اصطفت على جانبى الشوارع لمشاهدة الشباب والفتيات والأطفال الفلسطينيين فى زى الكشافة المميز لكل فرقة على حدة.
وشارك فى هذه الاستعراضات فرق كشفية من المسلمين والمسيحيين ليمثل رمزا للتآخى الإسلامى المسيحى، ويؤكد وحدة الشعب الفلسطينى فى جميع المناسبات، كما جرى تنظيم مسابقات فى المعلومات العامة للشباب وتوزيع الجوائز عليهم ابتهاجا بقدوم العيد.
وانتشرت فى شوارع المدينة العربات الصغيرة التى تبيع الذرة الصفراء الحلوة وعربات بيع البالونات بالأشكال والشخصيات المختلفة المحببة للأطفال حيث حرص الأهالى على شراء منتجات ولعب الأطفال والبالونات لإضفاء الفرحة على أبنائهم وشهدت الأسواق برغم الأزمة الاقتصادية الكبيرة بالأراضى الفلسطينية انتعاشا كبيرا لاستقبال العيد .
أما عن المشهد فى مدينة القدس الأسيرة وبعد جولة فى شوارع البلدة القديمة، فلوحظ أنه اقل بهجة من الأجواء التى كانت عليها المدينة فى أيام وليالى رمضان والتى شهدت تدفق أفواج من البشر من كافة الأراضى الفلسطينية باستثناء قطاع غزة للصلاة والاحتفال بليالى شهر رمضان المبارك وخاصة فى العشر الأواخر منه والتى شهدت تواجد أعداد كبيرة وغير مسبوقة من المصلين والمعتكفين من أبناء الضفة الغربية والذين لا يسمح لهم بدخول القدس إلا فى تلك الأيام. وبدت شوارع المدينة، التى كانت تعج بالبشر خلال أيام رمضان ، اقل ازدحاما بشكل ملحوظ بعدما بدأت أعداد الزوار للبلدة القديمة فى الانخفاض الكبير.
وذكرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن أكثر من 2,5 مليون مصل ترددوا على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، أغلبهم فى أيام الجمع وليلة القدر، مشيرة إلى أن هذا العدد يسجل انتصاراً وحضورا مشهوداً، فى الشهر المبارك، والذى أسهم فى منع الاقتحامات وتدنيس الأقصى من قبل أذرع الاحتلال الإسرائيلى و المستوطنين اليهود. وأكدت الأقصى للوقف والتراث على أن الحضور المكثف للمصلين فى شهر رمضان إلى المسجد الأقصى، شكل شحنة قوية وتعميق للعلاقة بين الشعب الفلسطينى وبين القبلة الأولى للمسلمين، ويجعله فى قلب القضية الفلسطينية، مما سيدفع إلى مزيد من التفاعل مع أى حدث قد يقع فى المسجد الأقصى، مشيرة ان ذلك لا شك سيسهم فى الانتصار لقضية القدس والمسجد الأقصى، خاصة فى ظل التهديدات ومخططات الاحتلال الإسرائيلى لاستهداف المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
وفى صباح ليلة العيد ، احتضنت ساحات المسجد الأقصى أعدادا كبيرة من المصلين، ولوحظ وجود أعداد كبيرة للغاية من المسلمين الأفارقة الذين ينتمون لعدة دول أفريقية.. وبسؤالهم عن كيف جاءوا إلى المسجد الأقصى؟ أجاب بعضهم أنهم هاجروا من بلادهم منذ عدة سنوات وجاءوا إلى إسرائيل للعثور على فرص عمل ندر وجودها فى بلادهم. فمعظم يعمل بالمحال التجارية كعمال او فى الإشغال العامة أو قيادة سيارات الأجرة.
و قد بدأ الوافدون فى قصد المسجد من قبيل بزوغ فجر يوم العيد حيث فتح المسجد أبوابه أمام الرواد فى الساعة الثالثة والنصف من فجر أول يوم عيد الفطر المبارك وحملت واجهة المصلى القبلى لافتات لتهنئة المصلين بحلول عيد الفطر المبارك.
وعلقت على واجهة المصلى القبلى لافتاتين أحدهما تقول "تتقدم الحركة الإسلامية فى بيت المقدس بأحر التهانى بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك" وحملت اللافتة شعار "جماعة الإخوان المسلمين"، بينما علقت على جانب آخر لافتة تهنىء فيها حركة التحرير الوطنى فتح الشعب الفلسطينى والأمة الإسلامية بحلول عيد الفطر المبارك وتتعهد بالسير على خطى الشهداء حتى تحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية. وعلقت على سطح المصلى الرئيسى أعلام خضراء( أعلام الحركة الإسلامية) بالإضافة إلى العلم الفلسطينى وعلم حركة فتح بشعارها ولونه الأصفر، فى مشهد يعكس حالة الانقسام الحاد الذى تشهده الساحة الفلسطينية حاليا بين حركتى فتح وحماس.
وفور انتهاء المصلين من أداء صلاة الفجر فى باحات المسجد الأقصى المبارك، انطلقت فى أرجاء المسجد التكبيرات والتهليلات التى تعلن بدا مراسم أيام العيد. ودعا إمام المسجد الأقصى فى صلاة الفجر بتوحيد صفوف المسلمين فى الأقطار العربية ولم شمل الشعبين المصرى والفلسطينى وتحرير الأسرى من سجون المحتلين وكذلك تحرير المسجد الأقصى العزيز على قلوب جميع المسلمين.
ومع اقتراب ساعة صلاة العيد، بدأت أعداد الوافدين التى اشتملت على عائلات فلسطينية بصحبة أطفالهم فى أبهى وأجمل صورهم بملابس العيد فى ملئ ساحات المسجد الأقصى على امتداده وقامت المؤسسات الراعية لمهرجان طفل الأقصى الحادى عشر لهذا العام بتوزيع الهدايا والبالونات على الأطفال لإشعارهم ببهجة العيد وتعزيز قيمة مرابطتهم وحفاظهم على مسجدهم المبارك.
وعقب أداء صلاة العيد، انتشر الوافدون فى كل أرجاء المسجد الاقصى وساحاته لالتقاط الصور التذكارية فى جميع أركانه الجميلة تحت شمس القدس المشرقة مع ذويهم لتكون بمثابة ذكرى لهم تحثهم على شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك أول قبلة للمسلمين أجمع كلما استطاعوا ذلك. وبدت اسواق القدس فارغة من روادها وأغلقت معظم المحال التجارية أبوابها، وأنخفض أعداد الباعة الجائلين الذين ملئوا اسوار القدس من داخلها وخارجها طوال الشهر المبارك لتعود المدينة المقدسة إلى عزلتها الشديدة وتعسرها التجارى الذى عانت منه بشدة قبل أيام الشهر الفضيل بسبب قيود وحصار الاحتلال الإسرائيلى المفروض عليها وعلى أماكنها المقدسة .