قال عدد من المعارضين السوريين، اليوم الأربعاء، إن الأحداث الجارية فى مصر صرفت الاهتمام والأنظار عن الثورة فى بلدهم، وما يرتكبه نظام بشار الأسد بحق الشعب السورى من قتل وتنكيل.
وفى تصريح خاص لوكالة الأناضول للأنباء قال جبر الشوفى، عضو الأمانة العامة للمجلس الوطنى السورى المعارض، إن "الحدث المصرى طغى على جزء كبير من المشهد السورى وممارسات نظام الأسد الهمجية تجاه الشعب، وهذا الأمر طبيعى كون مصر لها أهمية ودور كبيران على الساحتين الإقليمية والعربية".
وأطاح الجيش المصرى بالرئيس المقال مرسى يوم 3 يوليو الجارى، وأسند رئاسة البلاد بشكل مؤقت إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلى منصور.
ومنذ الإطاحة بمرسى تشهد محافظات مصرية مظاهرات يومية لمؤيدى ومعارضى مرسى شهد بعضها أعمال عنف سقط فيها قتلى وجرحى.
وأضاف الشوفى، المقيم حالياً فى القاهرة، إن "الشأن السورى كان يحتل المرتبة الأولى فى نشرات الأخبار المختلفة إلا أن المشهد المصرى احتل خلال الفترة الماضية تلك المرتبة بتسليط الضوء على الفعل ورد الفعل بين المؤيدين والمعارضين للرئيس المعزول محمد مرسى والتجاذبات السياسية التى تشهدها الساحة المصرية".
وحول موقف نظام بشار الأسد من الأحداث فى مصر، اعتبر الشوفى أن "نظام الأسد حاول عبر وسائل إعلامه الاستفادة مما يحدث على الساحة المصرية للحديث عن فشل التيارات الإسلامية فى الحكم وتسويق علمانيته المتماسكة المزعومة"، مشيراً إلى أن تلك المحاولات لا تتعدى "التضليل الإعلامى ومحاولة التغطية على جرائمه بعد أن أصبحت أوراقه مكشوفة للجميع"، على حد قوله.
وحازت الأحداث فى مصر على تغطية واهتمام كبيرين من قبل وسائل إعلام النظام السورى لتشويه صورة الإخوان المسلمين، كما رحب بشار الأسد بالإطاحة بالرئيس محمد مرسى معتبراً "جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى لها مرسي، ومن على شاكلتها، تستغل الدين وتستخدمه كقناع وتحتكره لنفسها وتكفر الآخرين"، وذلك فى تصريحات أدلى بها لصحيفة "البعث" الرسمية فى وقت سابق.
من جهته، قال عضو الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد الناصر لـ"الأناضول" إن "مصر صرفت الأنظار حالياً عن الأزمة السورية انطلاقاً من كون مصر تمثل قلب الوطن العربى ومركز ثقل فيه ولها تأثير أساسى فى محيطها".
وأشار الناصر إلى أن موضوع الإخوان المسلمين له تداعيات على الوطن العربى كونه قاسمًا مشتركًا بين مصر وسوريا وتونس وغيرها.
وقال الناصر إن "الأحداث فى مصر قد تكون صرفت الأنظار إعلامياً عن الثورة السورية إلا أنها من حيث المواقف والوقائع على الأرض فلا يوجد تأثير كبير لها؛ فما تزال الدول الغربية على مواقفها المتذبذبة من تسليح المعارضة حيث تقدم الوعود وتتراجع عنها فى كل مرة".
ونسبت صحيفة "دايلى تلغراف" البريطانية يوم الاثنين الماضى إلى اللواء سليم إدريس، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السورى الحر، قوله بأن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون خدع المعارضة السورية، لتخليه عن وعوده بتسليح مقاتلى المعارضة، وذلك بعد تحذيرات تلقاها من قادة عسكريين بريطانيين من التورط فى حرب شاملة فى سوريا.
بالتوازى مع هذا رأى الناصر أنه بالنسبة لإيجاد حل سياسى للأزمة فى سوريا وعقد مؤتمر "جنيف 2" فالأمر لا جديد فيه أو تغيير طرأ عليه بعد الأحداث فى مصر خاصة أن شروط عقد المؤتمر غير متوفرة أصلاً وحتى الدول التى دعت إليه "لم تعد متحمسة له وسيلاقى مصير مؤتمر جنيف 1"، على حد تعبيره.
ودعا إلى مؤتمر "جنيف 2" كل من وزيرا خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، جون كيري، وروسيا، سيرغى لافروف، فى مايو الماضي، بهدف إنهاء الأزمة السورية سياسيا، ولم يتحدد موعد له بعد.
وسبق أن وضعت "مجموعة العمل حول سوريا"، التى تضم الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى وتركيا ودولاً تمثل الجامعة العربية، عام 2012 مبادرة باسم "جنيف1" تدعو إلى انتخابات مبكرة وتعديلات دستورية لإنهاء الأزمة التى دخلت عامها الثالث فى سوريا، غير أن المبادرة لم تشر إلى مصير بشار الأسد؛ مما أثار خلافات عطلت تنفيذها.
فى سياق متصل رأى المحلل السياسى السورى بسام العمادى إن الأحداث فى مصر نجحت فى صرف الأنظار إلى حد كبير عن الأزمة السورية وخاصة على الصعيد الدولى الذى انشغل بتقييم الوضع فى مصر وملابسات الأحداث التى تلت عزل الرئيس محمد مرسى والمظاهرات والاشتباكات التى تحدث هناك.
وفى تصريحات عبر الهاتف لمراسل الأناضول، أوضح العمادى - وهو سفير سابق للنظام السورى لدى السويد – إنه لا يمكن القول إن الأزمة المصرية صرفت الأنظار بشكل كلى عن الأزمة السورية إلا أنها أفقدت الأطراف ذات الصلة التركيز حيالها بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بتسليح المعارضة والتحضير لحل سياسى ينهى الصراع الدائر فى سوريا منذ أكثر من 27 شهراً.
ومنذ مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 40 عامًا من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول للسلطة.
إلا أن النظام السورى اعتمد الخيار العسكرى لوقف الاحتجاجات؛ مما دفع سوريا إلى معارك دموية بين القوات النظامية التى تدعمها إيران وحزب الله اللبنانى ضد قوات المعارضة؛ حصدت أرواح أزيد من 100 ألف شخص، فضلا عن ملايين النازحين واللاجئين، ودمار واسع فى البنية التحتية، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية مستقلة، يتخذ من لندن مقراً له.
أخبار متعلقة :