حينما وصف ديستويفيسكي الجحيم بأنه اتسع الجميع مرَّ وصفه مرورًا عابرًا لدى البعض، وأذهل البعض، وأربك آخرين؛ إذ تعودنا أن يكون الحديث عن الجنة والنار بمسماها جحيمًا حكرًا على النصوص الدينية، يأتي بعدها من يحمل راية الدين شيخًا أو متدينًا، أو خريج مؤسسة دينية أو تخصص شرعي؛ لأنه يُنظر إليهم أنهم الصفوة التي من الممكن أن تتحدث عن أماكن الآخرة نظير طبيعة ما درسوه وتعلموه.. رغم أن من تلقى تعليمًا في المدارس السعودية ـ وأتحدث عن التعليم العام وليس مدارس التحفيظ ـ يمتلك علمًا شرعيًّا لا يستهان به، وما نهله في مدرسته عضدته تربية البيت والتلفزيون السعودي والمسجد وقبلها تشريعات الدولة. فمذ كنا صغارًا كنا نسمع في التلفاز إعلانات تطبيق الحدود، التي كانت جميعها تبدأ بآية قرآنية، بعدها التأكيد أن الأمن ركيزة مهمة يحاسَب مَن يحاول الإخلال بها. وجميع من كانوا يعلنون ذلك كانوا يعلنونه بهيئة لا تعكس أي انتماء ديني!
الدين والتدين والحديث عنهما ليس حكرًا على أحد؛ فالجميع له الحق أن يقول ما شاء في حدود معرفته، لا أن يكون متطفلاً أو يظن ألا علم إلا علمه. وقد تعرضت النصوص الدينية للكثير من التفسير، وكل مفسر له زاوية رؤية يرى منها في حدود معرفته أيضًا، وهذا لا يعني أن زاويته في الرؤية مختلفة لأنه يحمل وجهة نظر مختلفة عما نعرفه أو عهدناه.
هذه القاعدة تجعل من التراث الإسلامي عرضة للنقد. ولا ضير في ذلك إذا كان الناقد يحمل مشعلاً من علم يحمل في ثناياه أدوات نقد مع معلومات تمكنه من ذلك.
وقد أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله ـ في لقائه في شهر رمضان الماضي أن الفكر المتطرف لا مكان له في السعودية، وأن دستورنا القرآن، كان ولا يزال وسيستمر للأبد، وأن "الاجتهاد مفتوح للأبد، ولا نلزم أنفسنا بمدرسة أو شخص في أحكام الدين".
أخيرًا، البعض يستخدم انتماءه ليحقق أهدافه الخاصة التي لا علاقة لانتمائه بها، وكل له الحق في عرض وجهة نظره غير الملزمة للآخرين، والجحيم يتسع للكثير من المتطفلين باسم الدين والجهلة والمنافقين.
أخبار متعلقة :