حينما انتشر مقطع فيديو للأستاذ ذيب العتيبي، يعبّر فيه بطريقة بسيطة وفي مكان بسيط عن انزعاجه من قتل الآخرين المتع اليومية التي نحاول صنعها من قبيل التعود، شاع وانتشر، واحتفى به الكثيرون ممن يحاول الآخرون قتل متعتهم من خلال النصيحة، وكذلك ممن يقتلون متع غيرهم، وكأن لا علاقة لهم بما تحدث عنه الفيديو!
اللافت هو شيوع مثل هذه العبارة وتداولها بشكل واسع حتى اليوم رغم مرور قرابة شهر على انتشار الفيديو. وهذا الشيوع لم يكن لولا وجود حاجة ملحة لمثل هذه العبارة بشكل يومي، كما أنها جاءت وكأنها بلسم لآلام كثيرة، وبدت كأنها سدت حاجة فعلية كانت موجودة لكن لم تُدرَك إلا بعد مناقشة صاحب الفيديو في حديثه عن بعض التفاصيل اليومية العادية، التي لفت الانتباه إلى كونها متعًا يحاول الآخرون قتلها.
مذ عُرفت عبارة "الشيطان يكمن في التفاصيل" لاقت رواجًا واسعًا، وأصبحت متداولة حتى يومنا هذا رغم أنها استنساخ لعبارة "الرب في التفاصيل"، ومدلولها يشير إلى أن التفاصيل هي الأهم من الصورة العامة، وأن التعمق في الأمور يجعلنا نستكشف أشياء جديدة، وهذا ما يحدث مع المتعة بالضبط!
ثمة تفاصيل كثيرة هي ما يخلق المتعة، وليس السلوك بشكل عام. فحينما نافح الرجل عن المتعة، ودعا إلى عدم قتلها بتعليقات أو نصائح تسهم في التقليل منها، جاء دفاعه البسيط وكأنه صحوة أو يقظة نحو التفاصيل التي كنا نستمتع بها ولا ندرك أن نصائح الآخرين تجاهها شكل من أشكال سلب متعتها! إذ تبيّن أن شرب الشاي بسكر مضاف متعة، لا تختلف عن السفر، لكن الفارق بينهما هو التعود.
بظني، إننا لسنا بحاجة إلى صحوة تجعلنا ننتبه لتصرفاتنا مع الآخرين، ومحاولات السيطرة على حيواتهم بداعي النصيحة أو الاهتمام بهم!مها الجبر