عندما نتبادل أطراف الحديث في قضية ما، ومع أي شخص كان، تأخذنا الكلمات يمنة ويسرة، وتجول بنا أماكن عدة، فنسهب في الحديث حتى يصبح موقعنا أحيانًا في الحاشية من الكلام، وننسى أننا من الآكد أن نكون في المتن، فنترك الموضوع الأم، ونصول ونجول في الاستطرادات، حتى أن أحدنا ينتبه لذلك، فيجدنا قد حدنا عن طريق القضية، فيقول بلغتنا الدارجة على الألسن «خلينا في المهم»، لصلب موضوعنا من حيث ما تركناه، ولكي نكمل الحديث حتى نهايته، وكما يقال «الحديث ذو شجون».
لكن البعض تعوّد على حُب الخروج عن المتون، والذهاب للحواشي؛ فبعد برهة من الزمن يعود مرة أخرى للحديث بعد أن تذكروا «خلينا في المهم». والمصيبة العظمى أن ينتهي الحديث وهم ما زالوا في حاشية الكلام.
تأمَّل في الفكرة السابقة، واسمع ما أقول، وتأمل في حال كثير من الناس في واقع اليوم. إن الحياة وما فيها من أمور شتى تجعل الإنسان في صراع مع قضاياه. فقد يعيش الفرد في صلب أمور الحياة، وقد يختار لنفسه حاشيتها. فقد غفل هذا الإنسان الذي يعيش في الحاشية تلك العبارة التي أعادت مَن كانوا يتبادلون أطراف الحديث إلى صلب قضيتهم «خلينا في المهم»، بل ليس المهم فقط مع تشعبات هذا الزمن؛ لنمحور الفكرة ونقول «خلينا في الأهم». فأنت يا من لك أهم قضية في هذه الحياة، هل جعلت نفسك في الأهم من الأمور؟ أم إنك ما زلت في حواشي الأمور من هذه الحياة؟ فإذا كانت الأولى فلك أن تكمل الطريق حتى يأتيك اليقين، وإن كانت الأخرى فنقول لك ولمن سار معك «خلينا في الأهم». والمصيبة العظمى أن تنتهي حياتك وأنت ما زلت في حاشيتها.
همست: هذه إشارة يا لبيب، وأظنها تكفيك لاستشعار ذلك، فـ(خلينا في الأهم) من أمور الحياة في هذه الأيام وما بعدها.بدر الغامدي