طلبت النيابة العامة بمحكمة بير مراد رايس بالجزائر، الأحد، إصدار مذكرة توقيف دولية ضد كل من الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيطوط والضابط السابق هشام عبود والناشط أمير بوخورس الملقب "أمير ديزاد"، وذلك لمتابعتهم في قضايا تتعلق بالإرهاب وزعزعة أمن واستقرار الدولة.
وقال النائب العام إن المتهمين شكلوا جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية عبر تمويل جماعة إرهابية.
ويؤكد خبراء القانون أن هذا الإعلان هو سابقة في تاريخ القضاء الجزائري، حيث لم تجر العادة على أن تقوم المحكمة بالكشف عن أسماء المتورطين بهذا الشكل.
ويرى المحامي والحقوقي الجزائري عبد الرحمن صالح أن تاريخ العدالة الجزائرية خال من مثل هذه الأمور، عدا حادثة الوزير الأسبق شكيب خليل الذي تم الإعلان عن مذكرة اعتقاله دولياً في ندوة صحيفة عام 2013.
ومن الناحية القانونية، فقد أوضح المحامي عبد الرحمن أن طلب النيابة العامة إصدار مذكرة دولية في حق المتهمين الثلاثة يأتي بعدما تعذر على المحكمة استدعاء المتهمين، بحكم أنهم يقيمون في الخارج وهم متابعون في مئات القضايا الحساسة.
وقال عبد الرحمن: "الأمر يخضع إلى عدة ظروف، فمن الناحية النظرية فإن الجزائر مرتبطة مع كثير من الدول باتفاقيات دولية لتسليم المتهمين ولكن عادة ما تفشل الجزائر في تحقيق ذلك"، حسب سكاي نيوز عربية.
ويرى المحامي أن المشكلة في هذا الإطار تطرح إشكالية الحجة المطروحة لتنفيذ أمر القبض الدولي، كما قال:" في معظم الأحوال يستحيل جلب المطلوبين، وعادة ما ترتكب العدالة أخطاء من الناحية الشكيلة مما يؤدي لرفض الطلب من طرف الدولة التي يقيم فيها المطلوب". مشيراً إلى أن تهمة الإرهاب تبقى غامضة وفضفاضة في بعض الحالات بالنسبة للدول الأوروبية.
ورغم ذلك إلا أن هناك شبه إجماع بين الحقوقيين على أن الجزائر ستتمكن هذه المرة من جلب المطلوبين الثلاثة وخاصة "أمير ديزاد".
وقال المحامي نجيب بيطام :"القضية مسألة وقت فقط ومن السهل جلبهم خاصة أمير ديزاد الذي يواجه الكثير من المشاكل القانونية في فرنسا".
ويحمل الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيطوط (57 سنة) الجنسية البريطانية، ولا يحمل هشام عبود (65 سنة) إلا الجنسية الجزائرية وهو يتمتع بحق اللجوء السياسي في فرنسا منذ عام 2013، بينما يواجه المتهم الثالث "أمير ديزاد" مشكلة في الحصول على وثائق الإقامة بفرنسا التي وصل إليها بطريقة غير شرعية، ومسألة طرده من التراب الفرنسي لا تزال مطروحة أمام السلطات الفرنسية إلى غاية الآن.
ويؤكد المحامي بيطام أن هذا الإجراء الذي تتبناه النيابة، هو وسيلة ضغط ستستند عليها السلطات الجزائرية، مشيراً إلى أن مسألة الجنسية المزدوجة ليست عائقا في مثل هذه الحالة.
ويضرب المحامي المثل بقضية رجل الأعمال الخليفة مؤمن الذي تمكنت الجزائر من إعادته ومحاكمته رغم حيازته على الجنسية البريطانية وهو يقضي الآن فترة العقوبة بسجن الحراش بالجزائر، بعدما حكمت عليه المحكمة الجزائرية بالسجن 18 سنة في قضايا تتعلق بالفساد المالي.
وتوجه العدالة الجزائرية للمتهمين الثلاثة تهماً ثقيلة ذات طابع إرهابي، وهي مسألة ذات تعاون دولي.
وقال بيطام: "في مثل هذه القضايا يتم التفاوض بطرق سرية والجزائر استعادت عافيتها الدولية وهي تملك الآن الأوراق الدبلوماسية التي يجعل من الدول الأوروبية التجاوب معها في مسألة تسليم المطلوبين دولياً، خاصة وأن الأمر بات يأخذ منحى التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب".
وكشفت التحقيقات العميقة التي أجريت على مدى عدة أشهر، عن تورط المتهمين في نشاطات خطيرة عبر شبكة الأنترنت، وخلصت التحقيقات إلى اعتبار حركة رشاد، حركة إجرامية تختص بتمويل أنشطة تخريبية.
وتجمع حركة رشاد التي تأسست في الخارج عام 2007، عدداً من الوجوه المعارضة للنظام خاصة من رموز الجبهة الإسلامية للإنقاذ على غرار مراد دهينة بالإضافة إلى زيطوط ومحمد سمراوي وعباس عروة ورشيد مصلي، وهي حركة تتبنى مخطط إسقاط نظام الحكم في الجزائر.
وعقب سلسلة من التحقيقات الأمنية، تمكنت السلطات الجزائرية من توقيف أحد المتعاملين مع الحركة، وقد كان يعمل في الداخل، ويتعلق الأمر بالمتهم منصوري أحمد الذي تم إيداعه الحبس بعدما ثبت تورطه في قضية استعمال وثائق مزورة، واستخراج وثائق هوية مزورة.
وبحسب المصدر نفسه، فإن المتهم أجرى عدة اتصالات مع المتهمين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لوضع خطط لزعزعة النظام العام من خلال استغلال الحراك الذي تعيشه البلاد وإخراجه عن طابعه السلمي.
وقد طفى في الفترة الأخيرة اسم حركة "رشاد" كمحرك أساسي للأحداث داخل الجزائر وللحراك تحديداً.
وأثبتت التحقيقات قيام هؤلاء بعد لقاءات مع المتهم "م أ" في دول مجاورة، حيث حصل على مبالغ كبيرة مستخدمة تحت غطاء شركات لتمويل الأنشطة السرية لحركة رشاد، ولا سيما تأجير البضائع لإيواء اجتماعات الحركة المذكورة.
أخبار متعلقة :