عندما يبعث الله سبحانه وتعالى رسله يبعثهم داعين إلى هديه، مبشِّرين بجزيل ثوابه، ومحذرين من الابتعاد عن الطريق السوي. وحينما جاء محمد -صلى الله عليه وسلم- وجَّه صحابته بعبارات بسيطة، تحمل في طياتها ما يجب أن يكون عليه الإنسان في جل حديثه، حينما قال: "بشِّروا ولا تنفِّروا".
هذا التوجيه يقترب من نقطة عميقة في داخل الإنسان، ويكاد يلامسها، وهي التي لا تنفك عن رغبته الدائمة للطمأنينة؛ ليسلك الطريق الذي يريد، ويعيش الحياة التي يحب.
وحينما بدأت أزمة كورونا قبل أكثر من عام، وتزايدت التأويلات حوله، تم تداول الأخبار المضللة، وأصبح الإنسان في أمسّ الحاجة لتطبيق هذا التوجيه النبوي في التعامل معه؛ إذ يمكن أن تُزرع الطمأنينة بكلمة، والخوف والرعب بأخرى.
فالبشارة والتنفير لا يكونان في الأحداث العظيمة فقط، كجائحة كورونا، بل بتفاصيل حياتنا اليومية التي تجعل من أيامنا وأوقاتنا أفضل، مثل أن يؤكد المرء لصاحبه أن "كل الأشياء المُرة ستمرُّ"، وتؤكد الأم لطفلها أن ذكره لربه سيحميه.
هذه الأشكال من التبشير وغيرها هي جزء من غرس الطمأنينة. وهذا الغرس لا ينفصل عن كونه إحسانًا؛ إذ إن الإحسان ليس بالضرورة أن يكون بالعطاء المادي؛ فمن الممكن أن يكون على هيئة كلمة ترمم روحًا متعبة، أو تأكيد على أن الصعب إلى زوال، وأن "مع العسر يسرًا".
الكلمة الطيبة صدقة، يدفعها المرء لمن حوله، تكون مبشرة، ويرسم بها فرحتهم، ويربت بها على قلوبهم، ويمنحهم من خلالها القوة التي تساعدهم على مواجهة الحياة.. وبعكسها التنفير والكلام الذي يحبط من معنويات الآخرين، ويصبغ أوقاتهم بالسواد والأسى، كلاهما لا يكلف شيئًا، لكن فارق الأثر كبير جدًّا، وعوائده على الطرفين لا يمكن تجاهلها.. فمن يُحسن يُحسن الله إليه.
مها الجبر