تضم مجموعة العشرين (G20) أكبر اقتصادات في العالم. وقد تسلمت المملكة العربية السعودية رئاسة المجموعة في وقت بالغ الدقة والحساسية؛ وذلك بسبب جائحة كورونا التي عصفت - ولا تزال - بالعالم، إضافة إلى ما تشهده الساحة الدولية من تغيُّرات ضخمة اجتماعيًّا وبيئيًّا وتقنيًّا وديموغرافيًّا. وقد أظهرت السعودية على مدى عام كامل تميزًا كبيرًا في قيادتها لأعمال مجموعة العشرين في هذه الظروف الاستثنائية. وستنطلق أعمال القمة الخامسة عشرة لقادة دول المجموعة افتراضيًّا في يومَي 21-22 القادمَين من هذا الشهر بسبب استمرار تحديات جائحة كورونا، وذلك على غرار القمة الافتراضية الاستثنائية لقادة المجموعة التي عُقدت في شهر مارس 2020م.
وقد اتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين خلال اجتماعهم في شهر إبريل الماضي على خطة عمل متكاملة لدعم الاقتصاد الدولي أثناء جائحة كورونا، وتم الالتزام بمجموعة من الإجراءات بهدف حماية الاقتصاد العالمي، واستعادة عافيته، ودفع التعاون الاقتصادي بين مختلف دول العالم إلى الأمام، وتحقيق نمو اقتصادي عالمي قوي ومستدام ومتوازن. وفي خطوة تاريخية غير مسبوقة أطلقت مجموعة العشرين مبادرة لتعليق مدفوعات خدمة الدَّين التي اتفق فيها الدائنون الثنائيون الرسميون على تخفيف أعباء الدين على الدول الأشد فقرًا، وذلك عبر منح هذه الدول سيولة فورية عاجلة لتمكينها من مواجهة آثار جائحة كورونا.
في الواقع لقد ضربت جائحة كورونا العالم، وعانت جميع الدول دون استثناء من الآثار الاجتماعية والخسائر الاقتصادية التي نجمت عن هذه الجائحة، وما ترتب عليها من نتائج سلبية. ومنذ تسلُّم السعودية قيادة قمة العشرين وهي تتبنى مبادرات مهمة لتحسين البيئة العالمية للحد من الأوبئة والأمراض التي يصعب على الإنسان علاجها، أو قد تتسبب في حدوث أزمات خطيرة في المستقبل.
ومن الطبيعي أن تُلقي جائحة كورونا بظلالها على أعمال قمة مجموعة العشرين؛ إذ يتطلع العالم إلى ما سوف يسفر عنه اجتماع قمة قادة أقوى اقتصادات في العالم، وما سوف يتخذونه من قرارات ومبادرات للتغلب على جائحة كورونا، والعمل على تحسين البيئة حول العالم، والحد من الأضرار الاقتصادية والصحية والبيئية المستمرة فوق هذا الكوكب.
وبحسب ما هو معلن، فقد ضخت الدول الأعضاء في مجموعة العشرين ما يزيد على 11 تريليون دولار خلال رئاسة السعودية للمجموعة، وهو أضخم دعم مالي تم ضخه في الاقتصاد العالمي على مرّ التاريخ، ويفوق بأربعة أضعاف ما تم ضخه خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008م. والهدف من ضخ هذا القدر من السيولة في الأسواق العالمية هو تنشيط هذه الأسواق، ومنع انهيارها، والحد من حدوث أزمة اقتصادية عالمية، ربما تطول مختلف القطاعات، وتتسبب في حصول كساد عالمي، وقد تفاقم أزمات البطالة بشكل كارثي حول العالم. كما تم ضخ كل هذه السيولة تلافيًا لصعوبة وصول الإمدادات الغذائية والسلعية إلى الأسواق؛ الأمر الذي قد يؤدي -لا قدر الله- إلى تدهورها؛ وهو ما يربك المشهد الاقتصادي العالمي، ويزيده تعقيدًا.
صفوة القول: إن العالم يتوقع قرارات مهمة وفاعلة، ورسائل واضحة، وخطوات عملية من قمة قادة دول مجموعة العشرين القادمة التي تأتي في ظل استمرار جائحة كورونا. وينتظر الجميع أن تساعد هذه القرارات في استقرار البيئة الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية العالمية. ويأمل خبراء الاقتصاد أن تقدم قمة مجموعة العشرين هذا العام أجوبة بشأن كيفية إيجاد علاجات دائمة وفعالة لمشاكل التنمية الاقتصادية العالمية المتفاقمة بسبب استمرار جائحة كورونا التي تهدد العالم.
أخبار متعلقة :