أثنى الدكتور عبدالحميد مدكور، أمين مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العربية، على قرار إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بوصفه أهم الأحداث التي ظهرت على الساحة الثقافة العربية مؤخراً؛ لما يترتب عليه من تأثير إيجابي في حقل الثقافة اللغوية العربية على امتداد الأمة والوطن العربي.
وأشار إلى أن المجمع "يمثل قيمة عالية المكانة والقدر في خدمة اللغة العربية وتوطينها، كلغة علم وحياة، ورابطاً جامعاً بين الشعوب العربية، يكتسب أهميته من أهمية اللغة في ذاتها وأهمية المملكة في موقعها بين شعوب الأمة العربية".
وأشاد الدكتور مدكور بدور المملكة في خدمة اللغة العربية بوصفها الأرض الذي نزل فيها الوحي، ولمكانتها الروحية عند المسلمين، بوجود الحرمين الشريفين، "وهذا يعطيها القاعدة الكبرى من المحبة والمودة في قلوبهم، ويحملها مسؤولية النهوض بالدور العظيم الذي جعلها الله مكاناً له".
وشدد الدكتور مدكور على أهمية أن يبدأ مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية من منطلق الريادة "حيث سيكون له مقام كبير في التعاون والتكامل مع المجامع اللغوية العربية الأخرى وسيتخذ من بينها مكاناً شديد الأهمية من أجل حماية اللغة العربية أولاً، والتمكين لها في العالم وعلى ألسنة المتحدثين بها، وفي وسائل الإعلام وفي مناطق التعليم خصوصاً الجامعات التي تدرس بلغات أجنبية، وفي مواجهة إبعاد اللغة من محيطها الثقافي لتكون اللغة العربية حاضرة في التعليم والإعلام وفي المؤسسات العامة التي تخاطب الجمهور، بحيث لا تكون اللغة العربية لغة ثانية في البلاد العربية وهذا المأمول واليقين في دور المجمع".
وعن قدرة المجمع على توحيد السواعد والعقول لبناء قيمة إضافية لما تحمله اللغة العربية من قيم عريقة وثابتة جعلتها من أهم لغات العالم الحية، قال الدكتور مدكور: "من المؤكد أن يضم المجمع اللغوي كتيبة علمية من أجل النهوض باللغة العربية وتمكينها بما يليق بمكانتها في ذاتها ودور المملكة في قيادة العالم العربي والإسلامي ومع التطورات التقنية، وبما يمكن الناس من الدفع باللغة العربية إلى مواقع متقدمة، ولتعود اللغة العربية إلى منزلتها العالمية وفي الصدارة".
وفيما يخص تأثير اللغة العربية وما لها من إسهامات إنسانية وثقافية وحضارية على سائر الأمم، أكد الدكتور مدكور أنها "أعرق اللغات الحية تاريخاً، وربما سبقتها بعض اللغات، ولكنها لغة مستمرة منذ نشأتها بوصفها متكاملة في مفرداتها وتراكيبها وجمالياتها".
واعتبر أن عامل حفظها وانتشارها الأول والأهم هو نزول كتاب الله الكريم القرآن العظيم باللغة العربية، "لتنتشر مع الإسلام حيث سار في بقاع الأرض، ثم لأسباب أخرى منها أنها اتسعت لمعارف الأمم السابقة من خلال حركة الترجمة الكبرى في عصر الدولة الإسلامية، حيث ترجمت معارف الأمم السابقة من الرومانية واليونانية والسريانية واللاتينية إلى اللغة العربية، وساندها كذلك تأليف وتدوين أنواع من الكتب بعضها يقوم على دراسة القرآن الكريم وحديث النبي عليه الصلاة والسلام وفي الفقه والتفسير والنحو واللغة والبلاغة والشعر، وثم أصبحت لغة علم في الطب والفلك والهندسة والرياضيات والكيمياء والفيزياء ونبغ فيها علماء في كافة الفنون".
وأشار بأن ذلك مما يبرهن، بحسب رأي الدكتور مدكور، في المحصلة النهائية على تأثير اللغة العربية في تاريخ العالم كله وفي علومه وثقافته وأدبه وشعره ونثره وخياله، وبما يتخطى تأثيرها على العلوم العربية والإسلامية إلى العلوم الطبيعية والرياضية.