أكد الدكتور عارف خويلد أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن مرض الفصام مرض نفسى مزمن طبيعته أنه يستمر فترة طويلة، ومسار المرض يأخذ بصورة نوبات متكررة تزداد فيها الأعراض ثم تعود للاستقرار لفترات مع العلاج، ثم تزداد مرة أخرى ويبدأ فى سن مبكرة فترة المراهقة من 15 : 20 عاما وقد لا يبدأ بصورة واضحة للأهل، بحيث إنه يمكن يبدأ بأعراض سلبية للمرض.
و بعض التغيرات فى السلوك المعتاد للشخص تظهر المرض فقد يبدأ الشخص فى الانعزال قليلا عن الأصدقاء أو أفراد الأسرة، فيميل للجلوس بمفردة أو قد يبدو عليه الكسل وعدم الاهتمام بالأنشطة المعتاد عليها أو عدم الاهتمام بمظهرة المعتاد أو إهمال فى الدراسة وقد يفسر أفراد الأسرة هذه الأعراض بصورة خاطئة، محاولين ربطها بظروف يمر بها الشخص أو نتيجة رسوبه فى الامتحان وتستمر هذه الأعراض لسنوات دون أن ينتبه الأهل أنه قد يكون بداية لمرض نفسى شديد يسمى الفصام وتظهر هنا ضرورة التوعية المجتمعية بالأعراض المبكرة للاضطرابات النفسية، ومنها الفصام وضرورة محاربة الوصمة المرتبطة بالمرض النفسى والعلاج النفسى، ويلجا الأهل مباشرة للطبيب المختص لتقييم التغير الذى حدث للشخص وكتابة ووصف العلاج المناسب.
وقد يبدأ الفصام أيضا بأعراض أخرى تبدو واضحة لأفراد الأسرة مثل اضطراب شديد فى النوم والتفكير والحكم على الأمور وثبات العاطفة وعدم انسجامها مع الموقف أو قد تظهر بعض الهلاوس السمعية أو البصرية وفى تلك الحالات يمكن للأسرة التنبه بسرعة واللجوء للعلاج .
و أسباب مرض الفصام ليست معروفة ومحددة ولكن العامل الوراثى يلعب دورا رئيسيا فى هذا المرض، فيكون هناك استعداد وراثى ثم تتضافر عدة عوامل أخرى لظهور المرض مثل التفكك الأسرى و تعاطى المخدرات وبالذات الحشيش فى سن مبكر، ومن الأسباب أيضا ميل الشخص للعزلة وافتقارها للمهارات الاجتماعية اللازمة ووجود أب أو أم سلطويين كثيرى الانتقاد أو العكس كالحماية الزائدة للشخص، مما يعوق تطور ونضج الشخصية بصورة طبيعية وهناك بعض الموصلات العصبية التى ثبت أن لها علاقة بأعراض مرض الفصام مثل الدوبامين و"السوراتونين" عندما يحدث خلل فى توازن مستويات هذه الموصلات فى مناطق معينة فى المخ ويظهر أعراض المرض.
ويقول الدكتور خويلد أن ثلث مرضى الفصام الذين يتلقون العلاج فى المراحل المبكرة يشفون تماما من هذا المرض والثلث الآخر يحتاجون لعلاجات مستمرة طوال حياتهم لاستقرار الأعراض والثلث الأخير يحتاج إلى رعاية خاصة بجانب العلاج الدوائى للتأقلم مع أعراض هذا المرض ومن هنا تبرز أهمية التشخيص المبكر لهذا المرض، واللجوء للعلاج المبكر لأنه من ضمن العوامل الرئيسية لتحديد مسار المرض مدى الاستجابة.
فالعلاجات القديمة فعالة فى علاج مرض الفصام مثل دواء "هالوبيردول وستزلالزيل" ثبت أن هذه العلاجات مازالت تتمتع بكفاءة مماثلة للأدوية الحديثة باهظة الثمن والاختلاف تكون فى الأعراض الجانبية للعلاج وكلا من العلاجات القديمة والحديثة لها آثار جانبية يمكن السيطرة عليها وعلاجها، ولكن فى بعض الحالات يستلزم استخدام الأدوية الحديثة وبالذات فى ظهور الأعراض السلبية للمرض أو لتقليل آثار العلاج على القدرات الذهنية مثل المرضى من طلاب المدارس والجامعات أو الوظائف التى تعتمد بشكل مباشر على التركيز وعدم النسيان. مثل "كلوزبابين و رسيبردون".
ونوة إلى أن علاج مرض الفصام لا يتعمد فقط على العلاج الدوائى ولكن إعادة التأهيل والعودة للمجمع له دور أساسى فى العلاج، وأنه أيضا لابد من توعية الأسرة لكيفية التعامل مع أعراض المرض والشخص المصاب.