على الحدود المصرية - الإسرائيلية يعيش ف عشه من البوص، متمسكا بعادات البدو، ويرفض الخروج من المنطقة التى تبعد أمتارا قليلة عن الحدود على أطراف ملتقى قرية "البرث"، جنوب رفح بوادى العمر بوسط سيناء.
الحاج إسماعيل عوض الجعيل عمره يقترب من مائة عام، ولكن تراه نشيطا واعيا بما يحدث، فى حديثه مع "اليوم السابع"، لم ينس كيف كان فى مكانه حارسا للحدود بتكليف رسمى من القوات المسلحة قبل عام 1967، وهو فى فترة شبابه ضمن آخرين، لذلك تشرب مبدأ الوطنية مبكرا، وعاش تجربة أن تكون مقاتلا تحمى الحدود وسط مخاطر الأعداء كما يقول، ويضيف أن ما يعرفه أنه من مواليد عام 1920، أو كما يسميها البدو فى المنطقة " سنة الجراد "، وأنه ولد فى مضارب قبيلة " الترابين "، وهى أحدى أكبر قبائل شبة جزيرة سيناء، وكان مولدة بمنطقة وادى العمر، حيث كانت تلك منطقة ارتكازهم منها يسيرون رحل وراء الكلأ لأغنامهم بمناطق مجاورة فى فلسطين فى وقت مضى، فلم تكن هناك حدود أو قيود فى تلك الفترة.
أضاف أنه فى مطلع شبابه، التحق بفرقة لحراسة الحدود، وكان ذلك فى الفترة التى سبقت نكسة عام 1967 حيث كانت الأوضاع متوترة على الحدود فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وطبول الحرب تدق فى المنطقة، وكان التكليف من المخابرات للشيخ المرحوم غيث سالم أبو نقيز أحد شيوخ قبلية الترابين بسيناء فى ذاك الوقت للقيام بهذه المهمة، والذى بدوره يعين مجموعات من الشباب مهمتهم مراقبة الحدود براتب شهرى، وهو ما نجحت فيه المخابرات، حيث وفرت فرص عمل للشباب وجعلت منهم حارسين للحدود، وذلك بعد فترة تدريب لهم فى معسكرات خاصة، وخلال فترة عملهم تمكنوا من صد كثير من محاولات اختراق الحدود.
وتابع أن الحدود فى ذلك الوقت كانت شبه غير موجودة، ولكنها معروفة لنا وللدولة، وبعد هزيمة يونيو 1967، واحتلال إسرائيل لسيناء توقف عملنا تماما، وعدت لممارسة نشاطى الطبيعى فى الزراعة وتربية المواشى والأغنام، وبعد جلاء الاحتلال الإسرائيلى عن سيناء عام 1982، وفرت لى الدولة وظيفة عامل فى مدرسة بالقرية قضيت بها سنوات قليلة، ثم أحلت للمعاش.
وأكد أنه خلال هذه الفترة من عمره تزوج وأنجب 8 من الأولاد والبنات، ووصل عدد أحفاده إلى 30 فردا، ويقول " الجعيل "، إن الحياة فى سيناء كانت صعبة جدا قياسا بالوقت الحاضر، مشيرا إلى أنهم كانوا يسيرون من منطقة إقامتهم لمسافة 15 كيلو مترا شمالا؛ لإحضار المياه على ظهور الإبل من منطقة الماسورة على ساحل رفح، والتى سميت بهذا الاسم بعد أن قام الاحتلال البريطانى بحفر بئر أخرجت منه " ماسورة " مياه ليشرب منها الأهالى.
ويضيف كان مصدر المياه الأخر لهم نبع بجبل قريب منهم فى وسط سيناء، وكانوا يتزودون بحاجياتهم من " دكاكين " صغيرة بمنطقة القسيمة والشيخ زويد.
ويشير إلى أنه يتذكر أنه فى العام الذى تم فيه طرد الملك فاروق من مصر لم يكن بسيناء متر واحد أسفلت، ولكنها تحولت الآن إلى خطوط من شبكات أسفلتية، وكانت الوسيلة الوحيدة للتنقل هى الإبل والقطار الذى يربط سيناء ببقية أنحاء مصر.
وطالب الجعيل أن يتم تكليف أبناء المنطقة بحماية الحدود تحت رعاية الدولة، مشيرا إلى أن تجربتهم السابقة فى هذا السياق كانت ناجحة فابن المنطقة يعرف تفاصيل جغرافيتها، كما أن هذا العمل له بعد أهم، وهو ترسيخ روح الانتماء والولاء للدولة فى نفوس أهلها القاطنين على الحدود، حينها سيشعرون أنهم مسئولون عن حماية البلد، فضلا عن توفير فرص عمل للشباب والاستفادة من طاقتهم المهدرة، والتى يمكن أن تتحول إلى الضد وتصبح ضرر.
وحذر الجعيل من خطورة هجرة المواطنين إلى محافظات أخرى على الأمن القومى؛ بحثا عن حياة كريمة وتعليم جيد وخدمات أفضل، مطالبا الدولة بتوفير سبل الحياة للمواطنين هناك، مؤكدا على أن المناطق هنا بها خير كثير، ويسكنها شرفاء لهم باع وذراع فى العمل الوطنى، ويجب أن تستفيد منهم الدولة.
أخبار متعلقة :