>الإسكندرية جاكلين منير
شهد اليوم الثالث من مؤتمر "مستقبل المجتمعات العربية.. المتغيرات والتحديات" الذى تنظمه وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية فى الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر الجارى، جلسة بعنوان "تجربة الرابطة العربية للدراسات المستقبلية"، تحدث خلالها الدكتور مالك المهدى؛ الأمين العام للرابطة العربية للدراسات المستقبلية.
وعرض الدكتور مالك المهدى مقتطفات من تجربة "الرابطة العربية للدراسات المستقبلية"، من حيث النشأة والتأسيس، والفعاليات والبرامج التى نظمت فى إطار الدراسات المستقبلية فى الوطن العربي، والعلاقات والشراكات والمراكز البحثية ذات الصلة، بهدف تشبيك رؤى الأجيال المختلفة من الباحثين فيما يخص مجال الاستشراف، وتوطين ونشر ثقافة الدراسات المستقبلية فى الوطن العربي، ومتابعة تنفيذ التوصيات التى خرجت بها الرابطة فى الفعاليات المختلفة التى شاركت فيها.
وأوضح أن الرابطة العربية للدراسات المستقبلية" هى رابطة علمية انبثقت بناءً على دعوة من اتحاد مجالس البحث العلمى العربية، لتنسيق الجهود بين هيئات ومراكز البحث العلمى والعربي، وتوثيق أواصر التعاون بينها، وتبادل الخبرات ودعم مشروعات البحث العلمى المشتركة وتبادل نتائجها وربطها بخطط التنمية ونشر الثقافة، وتشجيع إنشار مراكز بحثية فى الأقطار التى لا توجد فيها مراكز للدراسات المستقبلية.
وأشار "المهدى" إلى أن الرابطة تأسست فى العام 2011 ومقرها مدينة إفريقيا التكنولوجية بمدينة الخرطوم بالسودان، وتضم عددًا من الدول هى؛ مصر، والسعودية، والمغرب، والسودان، والجزائر، واليمن، والأردن، وتونس، والبحرين، وسوريا، وحددت العام 2012 ليكون عام نشر ثقافة الدراسات المستقبلية فى الوطن العربى.
وألقى الضوء على بعض ما شاركت فيه الرابطة من فعاليات منذ تأسيسها؛ ومن بينها ملتقى الرؤى المستقبلية العربية فى تونس 2012، وملتقى الرؤى المستقبلية والشراكات الدولية بالخرطوم فى فبراير 2013، وإجازة مقترح لبرنامجى الماجستير والدكتوراه فى الدراسات المستقبلية بأكاديمية السودان للعلوم، فى 2013، والمشاركة فى أعمال المؤتمر الدولى الثانى للمجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية الذى أتى تحت عنوان "نحو بيئة إقليمية آمنة" فى العراق عام 2013، وندوة المجلس الوطنى للثقافة والتربية والفنون فى الكويت.
وتضمنت فعاليات اليوم الثالث للمؤتمر جلسة بعنوان "حراك المجتمعات العربية ومستقبل الصراع فى المنطقة" برئاسة الدكتورة مها الحيني؛ مدرس الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتحدث فيها كل من الدكتور مصطفى بخوش؛ أستاذ العلاقات الدولية المشارك بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة محمد خيضر بالجزائر، والسفير السابق عزمى خليفة، والدكتور مصطفى شفيق علام.
وتحدث الدكتور عزمى خليفة فى كلمته عن التمييز بين الدراسات المستقبلية والدراسات السياسية التى تستند إلى التحليل السياسى الخطى مثل تحليل ايستون أو تحليل دويتش للعلاقات الدولية، والتى لم تعد تناسب العصر أو الأوضاع السياسية التى أصبحت أكثر تعقيدًا، بعكس الدراسات المستقبلية التى تهتم بالتحولات غير الخطية فى البيئة الاستراتيجية للنظم السياسية وتصبغ تحولاتها بالفجائية.
وأشار خليفة إلى أن الدولة القومية فى ظل الثورة الرقمية أصبحت فى حاجة ماسة إلى إعادة تعريف، وإعادة تحديد لدورها وعلاقتها بالمجتمع والمواطن ومختلف المؤسسات العاملة بها نظرًا لدخول المعلومة كمكون للقوة، ما أدى إلى تغييرات فى مفهوم الدولة وخصائصها ووظائفها وتنظيمها وأسلوب أدائها لوظائفها.
ولفت إلى أن الصراع فى عصر الثورة الرقمية مختلف فى جوهره عن الصراع قبلها، فإذا كان فيما مضى صراعًا بين الدول ثم أصبح صراعًا بين دولة وجماعات داخلها أو خارجها فقد أضحى صراعًا بين الذات والشبكة التى ينتمى إليها، وما لم تحقق له الشبكة إشباعًا فإنه سيتركها ويلجأ إلى شبكة أخرى تحقق له أهدافه، والشبكات فى مجتمع المعرفة تلعب دورًا خطيرًا لأنها تقوم على تجميع المتشابهين فكريًا، ومن ثم فإنها أداة لا غنى عنها لدعم الانتماء والهوية.
وبدوره أشار الدكتور مصطفى بخوش إلى أن انتشار ظاهرة الحركات الاحتجاجية فى الوطن العربى رغم تعدد أنظمته السياسية واختلاف مستوياته الاقتصادية يكشف عن أن هذه الحركات ليست مرتبطة فقط بتدنى مستوى المعيشة أو بمطالبات سياسية فقط، بل تعكس حراكًا اجتماعيًا تراكميًا مرتبط أساسًا بزيادة الوعى بين الأجيال الجديدة.
وأكد بخوش أن وسائل الإعلام والاتصال والتكنولوجيات الحديثة لعبت دورًا بارزًا فى بلورة هذا الوعى بحيث تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى مساحات حرة للتعبير وتبادل الرأى والنقاش المفتوح غير خاضعة لرقابة السلطة، الأمر الذى يفسر القطيعة المتصاعدة بين الأنظمة السياسية والواقع المجتمعى بكل مكوناته.
وأضاف أن الشباب فى المنطقة العربية يشعر بأنه ترك ليواجه مصيره بمفرده، فعليه أن يحل جبال من المشاكل التى تراكمت طوال المراحل السابقة مثل البطالة وغياب المشاركة السياسية، وهذه فى الحقيقة مشاكل ضخمة، يصعب حلها فى ظل نظام سياسى مغلق لم يستطع أن يوسع قاعدة الحكم، وإنما يقوم بتوزيع الريع فقط لشراء الاستقرار السياسى والاستمرار فى السلطة.
ومن جانبه أكد الدكتور مصطفى علام على أن منطقتنا العربية ستبقى، إلى حين، إحدى البؤر الصراعية الأكثر التهابا فى قلب العالم، لا سيما فى ضوء ما خلقته موجة ثورات الربيع العربى المنحسرة من إشكاليات بنيوية شديدة التشابك والتعقيد داخل العديد من دول الإقليم، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل الصراعات الداخلية التى خلفتها تلك الموجة الثورية هى الأشد تعقيدًا والاكثر خطورة على مستقبل الأمن الإقليمى لدول المنطقة.
وأشار إلى أن هناك عددًا من الفاعلين الإقليميين انشغلوا بطرح مبادرات، واحتضان جولات من المفاوضات، وقيادة جهود للوساطة بهدف المصالحة بين الفرقاء المتنازعين داخل الدولة المأزومة، والتى تشهد نزاعات وصراعات عنيفة حولتها فى بعض الأحوال إلى ساحات للحرب الأهلية، بما لا يقل حدة عن الحروب الشاملة بين الدول وبعضها.
>
أخبار متعلقة :