مباشر- أحمد شوقي: عاشت الأسهم العالمية عاماً استثنائياً حيث مرت بالأفضل والأسوأ في ظل جائحة كورونا وتداعياتها، لكن النظرة المستقبلية تبدو متفائلة للغاية بفضل اللقاح والتحفيز.
على الرغم من الركود الاقتصادي وفقدان الوظائف وإغلاق الأعمال، تعافت الأسهم العالمية من صدمة كورونا، مدعومة بشراء غير مسبوق للأصول من قبل البنوك المركزية، وتراجع حالة عدم اليقين المرتبطة بالوباء.
وفي أعقاب ارتفاع قياسي في بداية العام، شهدت الأسهم العالمية خسائر فادحة في مارس/آذار بفعل تداعيات الأزمة الصحية العالمية، ومع ذلك، تعافت الأسهم في وقت قياسي وشهدت ارتفاعًا هائلاً -حتى مع استمرار انتشار الوباء.
وارتفع مؤشر "إم إس سي أي" للأسهم العالمية بأكثر من 14 بالمائة في 2020، ليسجل أعلى مستوى على الإطلاق.
(أداء مؤشر "إم إس سي أي" للأسهم العالمية خلال آخر 4 سنوات)
أرقام تاريخية
شهدت رحلة الأسهم العالمية في 2020 تواريخ هامة كانت شاهدة على تراجعات تاريخية وارتفاعات قياسية أيضاً.
12 مارس/آذار، فقد مؤشر "ستاندرد آند بورز" 9.5 بالمائة من قيمته، كما هبط " داو جونز" بنحو 9.9 بالمائة، ليسجل المؤشران أكبر تراجع يومي منذ 1987.
وخلال نفس اليوم، تراجع مؤشر "ستوكس 600" للأسهم الأوروبية بنحو 11.5 بالمائة، ليسجل أكبر وتيرة هبوط يومي في تاريخه.
16 مارس/آذار، هبط مؤشرا "داو جونز"، و"ناسداك" بنحو 12.9 بالمائة، و12.3 بالمائة بأكبر وتيرة يومية على الإطلاق.
24 مارس/آذار، ارتفع "داو جونز" بنحو 11.4 بالمائة، ليحقق أكبر مكاسب يومية منذ عام 1933.
أبريل/نيسان، كان هذا الشهر بمثابة بداية انطلاق التعافي السريع للأسهم العالمية من صدمة الوباء.
نوفمبر/تشرين الثاني، سجل مؤشر "ستوكس 600" أكبر مكاسب شهرية على الإطلاق بنحو 13.7 بالمائة، كما حقق "داو جونز" مكاسب بنحو 11.9 بالمائة خلال نفس الفترة، مسجلاً أكبر صعود شهري منذ يناير/كانون الثاني لعام 1987.
كيف تعافت الأسهم سريعاً من ذعر الوباء؟
أطلقت البنوك المركزية والحكومات مستوى قياسيًا من إجراءات التحفيز المالي والنقدي، مع قيام الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وغيرها بتخفيض معدلات الفائدة وشراء الأصول، لدعم الاقتصاد والأسواق المالية.
وفي مارس/آذار، قام الفيدرالي الأمريكي بخفض معدل الفائدة مرتين بنحو 150 نقطة أساس إلى مستوى قياسي يتراوح بين صفر إلى 0.25 بالمائة، كما أطلق برنامج التيسير الكمي بكميات غير محددة، وتعهد في اجتماعات منذ ذلك الحين باستمرار السياسة النقدية التيسيرية حتى يتعافى الاقتصاد بشكل كامل من تداعيات الوباء.
كما أقر الكونجرس الأمريكي أكثر من حزمة تحفيز لدعم الاقتصاد، أبرزها الأكبر في التاريخ بنحو 2.2 تريليون دولار.
وساهمت هذه الإجراءات في مكاسب قوية للأسهم الأمريكية بعد أن شهدت موجة بيعية خلال ذروة كورونا، حيث ارتفع "ستاندرد آند بورز" بنحو 70 بالمائة منذ القاع المسجل في مارس/آذار، لينهي هذا العام بارتفاع سنوي حوالي 16 بالمائة (بنهاية جلسة 30 ديسمبر).
(أداء ستاندرد آند بورز في 2020، بحسب موقع ماركت ووتش)
كما أنهى "داو جونز" العام الجاري بمكاسب 6.5 بالمائة، لكنه أعلى بنحو 67 بالمائة من القاع المسجل هذا العام.
بينما كان مؤشر "ناسداك" أول من استعاد مستوياته القياسية بعد صدمة الوباء، بقيادة أسهم التكنولوجيا التي استفادت بشكل كبير من أوامر البقاء في المنزل خلال الجائحة.
وارتفع المؤشر التكنولوجي بأكثر من 93 بالمائة منذ أدنى مستوى مسجل هذا العام، كما حقق مكاسب سنوية بنسبة 43 بالمائة.
وعلى الصعيد الأوروبي، أبقى البنك المركزي الفائدة كما هي خلال الأزمة، لكنه أطلق برنامج لشراء السندات وعززه في آخر اجتماعه إلى 1.85 تريليون يورو، مشيراً إلى أنه سيظل على أهبة الاستعداد لتعديل جميع أدواته، حسب الحاجة في سبيل دعم اقتصاد منطقة اليورو.
فيما أقر الاتحاد الأوروبي خطة تحفيز مالي باسم "صندوق التعافي" والتي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، من أجل أن ينتعش الاقتصاد من الركود الناجم عن الوباء.
وحقق مؤشر الأسهم الأوروبية "ستوكس 600" مكاسب تقارب 50 بالمائة منذ هبوطه الحاد خلال مارس/آذار، لكنها لم تكن كافية لينهي العام في النطاق الأخضر، حيث سجل خسائر سنوية بنحو 3.7 بالمائة.
أما في آسيا، ارتفع مؤشر "نيكي" الياباني بنحو 16.5 بالمائة في 2020، ليقف الآن عند أعلى مستوى في 3 عقود، حيث استفاد من إجراءات البنك المركزي بتعزيز الحد الأقصى لسندات الشركات التي يقوم بشرائها بنحو ثلاثة أمثال إلى 20 تريليون ين (186 مليار دولار)، من أجل إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة وسط محاولات مكافحة تفشي كورونا.
كما سجل المؤشر الصيني المركب "شنغهاي" مكاسب سنوية بنحو 11 بالمائة، بدعم إجراءات البنك المركزي الصيني والحكومة في الدولة التي ضربها الوباء أولاً.
وبشكل عام، كانت نتائج الانتخابات الأمريكية بفوز جو بايدن أحد الأسباب الدائمة لمكاسب الأسهم العالمية، لكن تبقى تطورات لقاح كورونا أبرز العوامل التي أنعشت الأسواق كونها تمهد لنهاية أزمة صحية غير مسبوقة دمرت العالم.
وساهم توالي الإعلان عن العديد من اللقاحات على رأسهم "فايزر وبيونتك"، و"موديرنا" و"أكسفورد وأسترازينكا" في تعزيز شهية المخاطرة لدى المستثمرين خاصة مع الكشف عن نسبة فاعلية عالية للغاية بنحو 95 بالمائة.
بالنسبة لتوقعات 2021، يبشر بتوزيع لقاح كورونا على نطاق واسع، وإدارة جديدة للولايات المتحدة، إلى جانب استمرار تعافي النشاط الاقتصادي ومعدلات الفائدة المنخفضة، كل هذه العوامل تدعم ارتفاع الأسهم العالمية في العام الجديد.
ويتوقع "كريج جونسون" المحلل لدى "بايبر ساندلر" ارتفاع مؤشر "ستاندرد آند بورز" الأمريكي بنسبة 14 بالمائة بحلول نهاية عام 2021.
كما يشير استطلاع "سي إن بي سي" لعدد من المحللين أن الأسهم الأمريكية ستستمر في الارتفاع حتى عام 2021، مع صعود "ستاندرد آند بورز" بين 8 و 22 بالمائة في العام المقبل من مستوياتها الحالية حيث يقف عند 3700 نقطة.
وبالنسبة للأسهم الأوروبية، يرى "روبرت باكلاند" المحلل في "سيتي جروب" أن مؤشر "ستوكس 600" سوف يرتفع بنسبة 4% العام المقبل.
بينما يتوقع "ماكوتو سينجوكو" كبير محللي سوق الأسهم في معهد "توكاي طوكيو" للأبحاث أن مؤشر "نيكي" الياباني الذي أنهى 2020 عند مستوى 27444 نقطة سوف يصل إلى 30 ألف نقطة بحلول نهاية العام المقبل.
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :