سليمان الراجحي قصة نجاح ملهمة من الصفر إلى أثرياء العالم
هناك الكثير من قصص نجاح رجل الأعمال المبهرة التي تمنحك دفعة للأمام للمثابرة والعمل بجد للاحتذاء بهم والمضي علي دربهم، لكن قصة نجاح رجل الأعمال السعودي الملياردير "سليمان الراجحي" تبدو مختلفة عن مثيلاتها بل إنها أكثر الهامًا، فهي تعكس قصة صعود رجل عصامي بني حياته من الصفر وعاد إليه مرة أخرى برغبته بعد 80 عام قضاها في الكفاح وبذل الجهد لمواجهة جميع تحدياته.
وتقدر قيمة ثروته بنحو 8.5 مليار دولار وحظي بالمركز رقم 107 في قائمة فوربس لأثرياء العالم والمركز السابع في المنطقة العربية، التي قام بتوزيعها لاحقًا بين أبنائه وخصص جزء كبير للأعمال الخيرية في أكبر وقف خيري في تاريخ العالم الاسلامي، فالملياردير السعودي انتقل من الفقر إلى الثراء ثم عاد إلى الفقر مرة أخرى بإرادته.
لم يكن الطريق ممهدًا لسليمان الراجحي لبلوغ غايته بل كان مليئًا بالصعوبات والتحديات إلا أن اصراره على النجاح كان الأقوى، لتحمل قصته في طياتها الكثير من العبر والدروس التي قد تكون أسس لنجاح كل من يبحث عن الثراء.
نشأته
نشأ سليمان الراجحي في أسرة بسيطة فقيرة في احدي مدن منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية، وبسبب الظروف الصعبة للحياة ذهب مع أسرته إلى الرياض للبحث عن فرص للعمل، ولم يستكمل دراسته حيث ترك المدرسة في الصف الثاني فهو كان دائم الغياب بسبب عمله.
في سن الثانية عشر اشتغل الراجحي في عدة وظائف بسيطة فعمل كناسًا وبوابًا وحارسًا وطباخًا وعمل في مجال البناء أيضًا، لم يعترض على القيام بعمل أي شيء بسيط حيث كانت لديه فكرة اكتساب المزيد من الخبرة والتعامل مع فئات مختلفة من الناس.
وعندما وصل لعمر 15 عام استطاع البدء في مشروعه التجاري الصغير الخاص لبيع السلع الاستهلاكية مثل الشاي والسكر والأرز وخلافه واستطاع جمع1500 ريال وكان مبلغ كبير حينها، وبعد عدة سنوات اتجه الراجحي للعمل في صرف العملات الأجنبية مع أخوه الأكبر صالح، حيث كان يقوم بتغيير العملات الأجنبية للحجاج في مكة المكرمة.
استثمارات واسعة في عدة قطاعات
أسس الراجحي شركته الخاصة بالصرافة في عام 1970 بعد الانفصال عن أخيه، وحقق نجاحات كبيرة في عمله ونمت استثماراته وثروته بشكل كبير، حتي عام 1987 الذي أعلن فيه عن تأسيسه لمصرف الراجحي بقيمة 15 مليار ريال الذي يعتبر أول وأكبر البنوك الإسلامية في العالم، الذي شهد توسعًا كبيرًا في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها ليصل عدد أفرعه إلى أكثر من 500 فرع، كما يمتلك الراجحي أكبر شبكة صرف آلية في السعودية التي تتخطي 2750 جهاز في جميع أنحاء المملكة.
لم يكتفي بالعمل في القطاع المالي فقط، بل دخلت استثماراته في العديد من المجالات التجارية فلديه شركة تعمل في البلاستيك والورق، ويمتلك العديد من الأسهم في أسواق التداول في شركة الاستثمار العائلي التي تعمل في القطاع الزراعي والقطاع الصناعي داخل السعودية وخارجها.
تعمل استثماراته أيضًا في مجال الصناعات الوطنية والنقل ويمتلك أصول في الوطنية للدواجن التي تعتبر أكبر مزارع الدواجن في منطقة الخليج.
يعتقد الراجحي أن عقل الانسان مثل جهاز الكمبيوتر في حال تم استخدامه بالطريقة الصحيحة، وبرمجته على العمل الجاد والتفكير الصائب وعدم الاحباط من أية اخفاقات، فالنجاح المستدام يتطلب عزيمة قوية واصرار على النجاح وتخطي الصعوبات، وبناءً على هذا المبدأ وقناعاته التي يؤمن بها تمكن الملياردير السعودي أن يبني نفسه وينجح في ادارة مشاريعه بكل كفاءة على الرغم من أنه لم يستكمل تعليمه ولا يمتلك الشهادات العليا.
ويعد مصرف الراجحي اليوم من أكبر البنوك الاسلامية في العالم، حيث يقدر رأس ماله بنحو 4 مليار دولار ( ما يعادل 15 مليار ريال سعودي)، وتبلغ حجم الأصول المدارة نحو 33 مليار دولار ( ما يعادل 124 مليار ريال سعودي).
توسعت حجم الاستثمارات في مصرف الراجحي خارج المملكة العربية السعودية في ماليزيا عام 2006 بعد أن حصل على التراخيص اللازمة من البلاد ليصبح أول بنك أجنبي في ماليزيا، ثم توغل فيها ليمتلك حاليًا نحو 19 فرع.
أكبر وقف اسلامي في التاريخ
نال سليمان الراجحي شهرة واسعة بعمله الخيري على مدار حياته، ولكنه برز كواحد من أكبر فاعلي الخير في العالم عقب قيامه بتوزيع ثلثي ثروته التي قدرت بنحو 7 مليار دولار كوقف خيري والثلث الأخر قام بتوزيعه بين أبنائه، توفي الراجحي في عام 2017 في عمر يناهز 97 عام تاركًا خلفه إرثًا ضخمًا من العمل الخيرى، وكانت وصيته الأخيرة عدم قيام عزاء له والتبرع بالأموال للجمعيات الخيرية.
إن الدافع الوحيد الذي دفع الراجحي لتوزيع ثروته بتلك الطريقة هي الإيمان الراسخ منه بأن كل المال من عند الله وأننا مكلفين به فقط، وأن تعزيز الروابط الأسرية أكثر قيمة من أي ثروة.
أنشأ مؤسسة SAAR الرائدة للأعمال الخيرية وحرص على متابعتها والقيام على خدمتها، حيث كان يسافر كثيرًا من أجل دعم مؤسسته الخيرية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، ونظرًا لجهوده المتميزة في خدمة الإسلام عن طريق دوره في تأسيس أكبر بنك اسلامي في العالم وجهوده الكبيرة في مكافحة الفقر تم اختياره للحصول على جائزة الملك فيصل العالمية المرموقة لخدمة الإسلام.
وتعد عائلة الراجحي من أثرياء المملكة العربية السعودية من غير أفراد العائلة المالكة ومن أبرز فاعلي الخير في العالم.
أخبار متعلقة :