مباشر - سالي إسماعيل: تحركات وإشارات وبيانات إيجابية عززت التفاؤل في الأسواق العالمية وتكهنات تعافي الاقتصاد في كافة بقاع العالم، لكن هذا الوضع لم يستمر كثيراً.
وبالنظر إلى ما حدث على الساحة العالمية خلال الأسبوع الماضي، يبدو أن الوضع انعكس تماماً وكأن الأسواق والاقتصاد يتعرضان لانتكاسة قوية يسيطر عليها حالة من عدم اليقين.
وبالعودة بالزمن إلى الوراء قليلاً، وتحديداً الفترة التي سبقت الأسبوع الماضي، بدأ التعافي يسلك مساراً واضحاً وسط دلائل إيجابية.
ويأتي في مقدمة هذه الأمور الإيجابية تباطؤ حالات انتشار وباء كورونا عالمياً، وهو ما جاء في سياق تنفيذ عمليات إغلاق وطني صارمة في مختلف أنحاء العالم.
ودفع ذلك بعض الدول إلى إعلان تخفيف تدريجي للقيود وإعادة فتح الاقتصادات، الأمر الذي أثار آمال التعافي مع تقليل حالة الجمود التي أصابت الجميع دون استثناء.
وفي الوقت نفسه، عززت مفاجأة تقرير الوظائف الأمريكي عن شهر مايو/آيار رؤية المتفائلين الذين يتوقعون حدوث تعافياً اقتصادياً على هيئة شكل V، بمعنى حدوث قفزة قوية وسريعة في النشاط الاقتصادي بعد ركود حاد.
وأضاف الاقتصاد الأمريكي نحو 2.5 مليون وظيفة إلى سوق العمل في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، في خطوة غير مسبوقة بالتاريخ الأمريكي، وهو ما يخالف بشدة التوقعات التي كانت تشير إلى فقدان ما يقل عن 8 ملايين وظيفة.
وفي نفس السياق، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات الصناعي والخدمي على حد سواء في الغالبية العظمى من دول العالم تحسناً محلوظاً من المستويات التاريخية المتدنية التي سجلت في ذروة تفشي الوباء.
ومما يؤكد الصورة المتفائلة في تلك الفترة الإقبال على الأصول الخطرة بقوة، لدرجة أن "وول ستريت" عاودت الصعود لمستويات قياسية مرتفعة جديدة مع محو خسائرها منذ بداية العام.
وعند النظر إلى الأسبوع الماضي، فيبدو أن كل هذه الآمال قد تبددت مع تكهنات تشير لتعرض الاقتصاد العالمي لأسوأ ركود في 100 عام إضافة إلى النظرة المتشائمة التي رسمها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يتعرض الناتج المحلي الإجمالي العالمي لانكماش بنحو 7.6 بالمائة في العام الحالي، وهو السيناريو الأكثر تشاؤماً حيث يعتقد اندلاع موجة ثانية من الوباء.
ومع ذلك تضع المنظمة الاقتصادية احتمالاً آخر قائم على فرضية تفادي تفشي الوباء، لكن في النهاية سيتعرض الاقتصاد العالمي لانكماش نسبته 6 بالمائة.
بيد أن السيناريو الأسوأ قد يكون أكثر واقعية مع حقيقة أن مناطق الأمريكية مثل "كاليفورنيا" وكذلك بعض الدول التي بدأت في رفع قيود الإغلاق تعرضت إلى طفرة جديدة في انتقال عدوى الإصابة بـ"كوفيد-19".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث يرى المركزي الأمريكي أن أكبر اقتصاد في العالم سوف يتعرض لانكماش بنحو 6.5 بالمائة هذا العام، وذلك خلال الآفاق الاقتصادية التي أفصح عنها في أعقاب اجتماع السياسة النقدية الأخير.
كما توقع رئيس الفيدرالي "جيروم باول" أن هناك طريقاً طويلاً أمام التعافي مع التأكيد على أن مفاجأة تقرير الوظائف أثارت عدم اليقين أكثر حيال المستقبل.
وتكاتف كل ما سبق ليرسخ النظرة المتشائمة بشأن التعافي، وهو ما انعكس بالفعل على الأسواق المالية، حيث تعرضت الأصول التي تحتوي على مخاطر لموجة بيعية حادة في حين تزاحم المستثمرين على الملاذات الآمنة.
وسجلت الأسهم الأمريكية أكبر خسائر أسبوعية منذ مارس/آذار، كما شهدت البورصات الأوروبية خسائر تصل لنحو 6 بالمائة، فيما سجل "نيكي" الياباني أول هبوط أسبوعي في 7 أسابيع.
وفي سوق الملاذات الآمنة، ارتفع سعر الذهب بنحو 54 دولاراً في غضون جلسات الأسبوع الماضي، كما عاود الدولار الأمريكي الصعود باعتباره أحد الملاذات الآمنة مؤخراً في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
كما فقد أكثر 20 شخصاً ثراءً حول العالم نحو 55 مليار دولار من ثرواتهم في غضون ساعات، على خلفية هبوط أسواق الأسهم.
وتعتبر هذه الصورة بمثابة النقيض التام للوضع في الأسواق العالمية في غضون الفترة التي كانت تشهد تكهنات التعافي.
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :