مباشر - سالي إسماعيل: تسبب وباء "كوفيد-19" في تعطيل الاقتصاد العالمي بشكل حاد على كافة المستويات.
ويناقش النائب الأول للمدير العالم في صندوق النقد الدولي "جيفري دبليو"، خلال تقرير نشرته مدونة الصندوق، أداة جديدة تم ابتكارها من أجل المساعدة في الأزمة الصحية الحالية وهي "خط السيولة قصير الآجل".
الأوقات الصعبة للأسواق الناشئة
وفي كافة أنحاء العالم، تم تشديد الظروف المالية بشكل كبير مع حقيقة تدفقات خارجة غير مسبوقة من المحافظ الاستثمارية للأسواق الناشئة من حيث الحجم (رقم قياسي بلغ حوالي 100 مليار دولار) ومن حيث السرعة، كما تم تجميد فعالية الأسواق في بعض الحالات.
وأدى ذلك إلى خلق طلب كبير على السيولة بالدولار الأمريكي، مع مواجهة الأسواق الناشئة نقصاً حاداً في السيولة.
واستجابت العديد من المؤسسات إلى هذه المعضلة، حيث قامت البنوك المركزية الكبرى بتوسيع خطوط المقايضة الثنائية بين بعضها البعض، وإلى المزيد من الدول بصورة أكبر مما كان الوضع عليه أثناء الأزمة المالية العالمية.
كما أن برنامج بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية نيويورك الريبو (إعادة الشراء) يوفر السيولة الدولارية لعدة دول أخرى.
ومع ذلك، ليس باستطاعة الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية توفير مقايضات لكافة الدول.
ولا يزال العديد من الأسواق الناشئة الأعضاء في صندوق النقد يعانون من نقص في السيولة أو سيواجهون خطر "التوقف المفاجئ" بين الحين والآخر لبعض الوقت في المستقبل وبعد انتهاء خطوط المقايضات بوقت طويل.
ويكشف ذلك النقاب عن فجوة كبيرة في شبكة الأمان المالي العالمية، لكنها فجوة تحرك صندوق النقد سريعاً من أجل سدها.
أداة دعم جديد للسيولة
من المستحيل التكهن بتوقيت حدوث هذا النقص في السيولة، لكننا نعلم أنه عندما تتوقف التدفقات الرأسمالية العالمية، يمكن أن تتحول مشكلة سيولة على المدى القصير سريعاً إلى مشكلة ملاءة أكثر عمقاً تدوم لفترة أطول.
ويمكن أن يكون خط السيولة المتاح عند الطلب بمثابة شريان للحياة في مثل هذه الحالات.
واستجاب صندوق النقد لهذه الحاجة من خلال تدشين أداة جديدة في الأسبوع الماضي تعرف باسم "خط السيولة قصير الآجل Short-term Liquidity Line" أو "إس.إل.إل"، وهي أول إضافة لمجموعة أدوات التمويل الخاصة بالصندوق في حوالي 10 سنوات.
وكجزء من استراتيجيتها للاستجابة للأزمة الأوسع نطاقاً، توفر هذه الأداة الجديدة خط ائتماني يتسم بالثقة والقابلية للتجديد دون شروط بأثر رجعي، وذلك للدول الأعضاء ذوي الأساسات وأطر السياسة القوية للغاية، وهي نفس معايير الكفاءة في أداة أخرى لصندوق النقد تعرف باسم خط الائتمان المرن.
وتم تصميم خط السيولة قصير الآجل لتلبية الاحتياجيات الخاصة لميزان المدفوعات - سواء كانت محتملة أو متوسطة أو قصيرة الآجل - والذي ينعكس في الضغوط على حساب رأس المال عقب الصدمات الخارجية.
وسيُعد تسجيل دولة ما في خط السيولة قصير الآجل بمثابة إشارة على تأكيد صندوق النقد بأنها تتمتع بأطر عمل السياسة والمؤسسات القوية للغاية في التعامل مع الأسواق.
ويمكن أن يخفض ذلك بدوره من تكاليف الاقتراض الخاصة بهذه الدولة، كما يوفر دعماً مرحب به خلال الأوقات المتقلبة.
ويمكن أن يساعد خط السيولة قصير الآجل كذلك في تقليل احتياجات التمويل المستقبلية عبر مساعدة الدول على وقف مشاكل السيولة متوسطة الحجم قبل أن تتطور إلى مشكلات أكبر.
ونقدر - صندوق النقد - أن إجمالي الطلب الحالي على خط السيولة قصير الآجل من عدة دول قد يصل إلى 50 مليار دولار، وهو جزء ضئيل للغاية مقارنة مع قدرة إقراض الصندوق الدولي البالغ قيمتها تريليون دولار.
وعندما يكون لدى العديد من الدول احتياجات تمويلية ملحة، فإن معالجة المشكلة في وقت مبكر يمكن أن يحد من الاحتياجات المستقبلية والآثار غير المباشرة على الدول الأخرى.
تصميم مبتكر وتكلفة منخفضة
ويتسم خط السيولة قصير الآجل بمزايا مبتكرة، وخاصةً إمكانية الوصول المتجدد والذي يتيح السحب والسداد المتكرر خلال فترة مدتها 12 شهراً.
ولا تعمل هذه الأداة مثل القرض التقليدي لكن يمكن أن تشبهها في بعض الجوانب، مثل بطاقة الائتمان، حيث يمكن سحب الأموال وتجديد مواردها حتى الحد الأقصى.
ويعتبر خط السيولة قصير الآجل أيضاً قابل للتجديد بمعنى أن الترتيبات اللاحقة ممكنة طالما أن الدولة العضو تمتثل إلى معايير الكفاءة وتعاني من احتياجات خاصة بميزان المدفوعات.
ومن شأن كل هذه المزايا أن تكون بالغة الأهمية بالنسبة للأعضاء الذين يسعون للتغلب على الأزمة والتعامل مع فترة التعافي التي تتسم بحالة من عدم اليقين الشديدة.
ويوجد لدى خط السيولة قصير الآجل هيكل رسوم مميز لدعم طبيعته المتجددة، فعلى سبيل المثال، 8 نقاط أساس تعني 800 ألف دولار مقابل خط ائتمان بقيمة مليار دولار.
ومن أجل وضع ذلك في السياق، إذا كان لدى العضو المؤهل ديون عامة بقيمة 20 مليار دولار وكان قادراً على خفض تكاليف الاقتراض بنحو نقطة أساس واحدة عن طريق الحصول على خط السيولة قصير الآجل، فإنه قد يدخر مليوني دولار وهذا المبلغ يمكن توزيعه بشكل أفضل في الأزمة الحالية فيما يتعلق باحتياجات الرعاية الصحية وشبكان الأمان الاجتماعي بدلاً من خدمة الديون.
تعزيز التعاون الدولي
ويظهر تدشين أداءة خط السيولة قصير الآجل التزام صندوق النقد في دعم الدول الأعضاء الذين لا يستطيعون في كل الأوقات الوصول إلى خطوط السيولة الأخرى.
ومن شأن ذلك أن يكمل إصلاحات الصندوق الدولي لتعزيز مجموعة أدوات التمويل الطارئ الخاصة به وتخفيف أعباء الديون للدول الأعضاء الأكثر فقراً.
ومن جوانب عديدة، يعتبر كذلك خط السيولة قصير الآجل بمثابة دليل واضح على رغبة أعضاء الصندوق الدولي في تنحية خلافاتهم جانباً والتجمع خلال هذا الوقت من الأزمة.
وفي حين كانت أداة خط السيولة قصير الآجل في طور الإعداد، تمكن المجلس التنفيذي لصندوق النقد من التوحد حول المقترح والموافقة على الأداة في غضون أيام.
ومن شأن هذا النوع من العمل الحاسم أن يكون مطلوباً لتلبية احتياجات الدول الكبيرة والصغيرة، في ظل محاربتها التداعيات الاقتصادية التي خلفها وباء "كوفيد-19".
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :