مباشر- أحمد شوقي: في الظاهر، تبدو حزمة 540 مليار يورو (590 مليار دولار) التي أعلن عنها وزراء مالية منطقة اليورو الأسبوع الماضي مثيرة للإعجاب.
لكن التفاصيل تشير إلى أنها غير كافية وتترك عبء إدارة الأزمات في أيدي الحكومات الوطنية والبنك المركزي الأوروبي.
وفي حين أن المركزي الأوروبي لديه القدرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة لبعض الوقت، فإن الافتقار المستمر للتنسيق السياسي يعني أن المنطقة ستظل هشة، بحسب رؤية تحليلية لشركة "بيمكو" للمحلل "نيكولا ماي".
وترى شركة إدارة الأصول أن منطقة اليورو ستشهد انخفاضًا بنسبة 10 بالمائة تقريبًا للناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي، وزيادة تقارب 4 بالمائة لمعدل البطالة، وارتفاعًا حادًا في العجز المالي إلى ما يزيد عن 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول.
ورغم توقع أن الركود سيكون قصير الآجل، ربما يستمر حتى منتصف العام، إلا أن الضرر سيكون عميقًا: قد لا يعود الناتج المحلي الإجمالي لمستويات ما قبل الأزمة حتى وقت ما في عام 2022.
وبالتالي ستترك الأزمة الميزانيات العمومية السيادية في حالة ضعف، مما يؤكد على أهمية الاستجابة المنسقة للأزمة.
وتشمل حزمة وزراء مالية منطقة اليورو ما يلي:
240 مليار يورو من قروض آلية الاستقرار الأوروبية إلى الجهات السيادية من أجل نفقات الرعاية الصحية، مقدمة بشروط تيسيرية.
تسهيلات إقراض منخفضة التكلفة من المفوضية الأوروبية بقيمة 100 مليار يورو للحكومات للمساعدة في تمويل خطط إعانات البطالة.
زيادة قدرها 25 مليار يورو في أموال بنك الاستثمار الأوروبي التي يمكن أن توفر، عند الاستفادة منها، 200 مليار يورو لتمويل الشركات.
لكن تبدو الحزمة التحفيزية غير مقنعة في النواحي التالية:
- إجراء غير كافِ: تبدو الإجراءات صغيرة بالنسبة إلى حجم الأزمة، ففي آلية الاستقرار الأوروبية يمكن للجهات السيادية الاقتراض حتى 2 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لكل منها، وهذه ليست مبالغ كبيرة.
كما أن السيولة التي يمكن أن توفرها أداة بنك الاستثمار الأوروبي للشركات والبالغة 200 مليار يورو تتضاءل أمام الالتزام الذي تبلغ قيمته حوالي تريليوني يورو والذي تم تنفيذه بالفعل من قبل الحكومات الوطنية.
بالإضافة إلى أن 100 مليار يورو (أقل من 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو) المخصصة للمساعدة في البطالة ضئيلة مقارنة بما سيتم إنفاقه فعليًا لهذا الغرض.
- المزيد من الديون: استخدام القروض لن يخفف من العجز المالي الوطني، وتعتبر كل من تسهيلات صندوق الإنقاذ بمنطقة اليورو والمفوضية الأوروبية أدوات تمويل، وليست تحويلات، وستضيف إلى مستويات العجز والديون في الدول.
- الأثر المحتمل: يترك استخدام آلية الاستقرار الأوروبية، وإن كان ذلك بشروط قليلة، أثراً محتملاً للبلدان التي تصل إليها - ما لم تستغل جميع الدول هذه الأداة في الحال.
من المؤكد أن طلب دعم صندوق الإنقاذ في منطقة اليورو يمكن أن يؤدي إلى تنشيط مشتريات المركزي الأوروبي في إطار برنامج المعاملات النقدية الصريحة للبنك المركزي.
لكن الطبيعة المشروطة لهذا النوع من الدعم، إلى جانب افتقاره المتأصل إلى المرونة، تشير إلى أن المركزي الأوروبي في وضع أفضل للالتزام بالبرامج التي أنشأها مؤخرًا.
- نقص التبادل (تقاسم للخسائر إذا عجز أي بلد في منطقة اليورو عن سداد الديون): قال وزراء منطقة اليورو إن النقاش مستمر بشأن "صندوق تعافي" مشترك للاستثمارات لكنهم أقروا بأن كيفية تمويله لا تزال نقطة خلاف واضحة.
أحد الخيارات التي يتم النظر فيها هو إصدار أول سندات مشتركة على مستوى أوروبا، وهي خطوة معقدة لأن منطقة اليورو لديها 19 سلطة مالية مختلفة.
ولا تزال المعارضة من دول شمال أوروبا قوية، مما يشير إلى أن السندات المشتركة بعيدة عن أن تكون وشيكة.
يعمل تبادل الديون بحكم الواقع، ولكنه غير كامل
هذه الاستجابة المالية غير المقنعة لعموم أوروبا تترك الكرة في ملعب الحكومات الوطنية والبنك المركزي الأوروبي لمعالجة الأزمة.
ويعني إطلاق برنامج المركزي الأوروبي الطارئ لشراء الأصول بقيمة 750 مليار يورو، بالإضافة إلى التزامه السابق بشراء 120 مليار يورو، أن البنك المركزي يمكنه الاستمرار في كسب الوقت الوقت للمؤسسات السيادية.
ومع ذلك، من الناحية العملية يقدم البنك المركزي الأوروبي تبادلاً فعليًا، وإن لم يكن قانونيًا (أو مسموحًا به رسميًا) للمخاطر السيادية.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية قد تكون فعالة في الوقت الحالي، إلا أن هناك ثلاث مشكلات على الأقل في ذلك:
1-الالتزام المشروط للبنك المركزي الأوروبي: يعني تدهور الاقتصاد الكلي المتوقع أنه ربما يحتاج المركزي الأوروبي إلى تجديد التزامه باستقرار المنطقة في مرحلة ما.
وفي ظل غياب استراتيجية غير مشروطة للسيطرة على عوائد على السندات السيادية، سوف تتساءل الأسواق عن التزام البنك المركزي بدور "المقرض الأخير"، وحول الخطوات التالية التي يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يتخذها.
2- استجابة غير مكتملة للحكومات: عدم وجود التزام غير مشروط حقًا سيترك الحكومات في الدول الضعيفة موضع شك حول مدة واتساق الدعم الذي يتلقونه، قد تكون النتيجة مقدارًا مثاليًا من الدعم للتيسير المالي، مما يتسبب في تدهور كلي قد يكون أسوأ مما يجب أن يكون.
3-المزيد من التشكيك في اليورو: عدم وجود استجابة مالية مقنعة للحكومات لما تعتبر أزمة عامة وخارجية يمكن أن يعادي بشكل متزايد سكان الدول الأضعف تجاه الاتحاد الأوروبي، والزيادة الأخيرة في المشاعر المتشككة في اليورو بإيطاليا وإسبانيا تخبرنا عن هذا الأمر.
التوقعات والآثار الاستثمارية
يشير التاريخ إلى أن الأزمات تعزز الإبداع والابتكار في صنع السياسات الأوروبية، ويمكن أن تكون الروابط المشتركة مثالاً على ذلك.
ولكن إذا حكمنا بنبرة المناقشات والتفاخر الذي تم الإبلاغ عنه في الاجتماعات الأخيرة، فإن هذا لا يبدو ذلك وشيكًا، الشعور بالانقسام والهشاشة داخل منطقة اليورو سيبقى لبعض الوقت.
كما أن القناعة بأن البنك المركزي الأوروبي سيفعل ما هو مطلوب لاستقرار النظام في الوقت الحالي يعني أننا نرى بعض القيمة في فروق العوائد على الديون السيادية عند المستويات الحالية.
ومع ذلك، ومن أجل زيادة القناعة بهذا الاعتقاد، نحتاج إلى رؤية المزيد من مسؤولي منطقة اليورو، لكننا لم نصل لهذا بعد.
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :