مباشر - سالي إسماعيل: يشجع التفاؤل المبدئي في أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة بشأن نقطة التحول في معدل الإصابة بفيروس الكورونا، المزيد من الأشخاص على البدء في التفكير حول كيفية وموعد إعادة فتح الاقتصادات.
لكنها معضلة هامة ومعقدة تنطوي على مجموعة استثنائية من المخاطر والشكوك والقرارات الصعبة والمقايضات، بحسب ما يعتقده المستشار الاقتصادي لمجموعة أليانز العالمية محمد العريان في رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون".
وبالتأكيد لا أمتلك إجابة سهلة - كما يقول الكاتب - ولا كذلك الأشخاص الذين أتحدث إليهم.
ومن أجل توليد الأفكار، ماذا عن الانخراط الجماعي في تمرين الفكر التالي؟
تخيل نفسك كقائد لبلد ديقراطية ليبرالية يتوجب عليه اتخاذ قرارات بناءً على المحادثة التالية بين ثلاثة مجموعات من الخبراء، والتي من أجل التبسيط سنجمعهم في خبير واحد لكل من الصحة والاقتصاد والسلوك الاجتماعي.
خبير الصحة: لدي أخبار جيدة، والتي تتجسد في أنه بسبب سياسات التباعد الاجتماعي التي نتبعها، فإننا نشهد تحولاً في معدل انتقال العدوى بين المواطنين.
خبير السلوك الاجتماعي: هذه أخبار رائعة، خاصةً عندما سمعت أن المزيد من الناس بدأ في التساؤل ما إذا كانت الاضطرابات الهائلة في كل جانب من جوانب حياتهم اليومية تقريباً تستحق كل هذا العناء.
خبير الاقتصاد: هذه أخبار رائعة بالفعل، نحن بحاجة إلى إنهاء التوقف المفاجئ في النشاط الاقتصادي على وجه السرعة، حيث إن معدل البطالة يتسارع وحتى الشركات التي تستطيع مواصلة العمل في ظروف مختلفة تواجه الإفلاس.
كما أن جهودنا لتخفيف الأعباء لا تكلف الكثير فقط لكنها أقل فعالية مما كنا نأمل بسبب الحاجة إلى مسارات أفضل، هل يمكننا البدء في تطبيع النشاط الاقتصادي في أقرب وقت ممكن؟
خبير الصحة: ليس بهذه السرعة! نعم، نحن نُؤدي بشكل أفضل، لكن الوضع لا يزال صعباً بالرغم من تحسنه، فالمناعة تحتاج إلى عام على الأقل، إن لم يكن أكثر من ذلك، سواء من خلال اللقاح أو مناعة القطيع.
ولا تزال قدرتنا على معالجة المرضى محدودة بشكل أساسي وتقتصر على مجرد إبقائهم على قيد الحياة أو توفير الراحة لهم بينما يحاربون هذا الفيروس الخطير، فنحن لا نتملك علاجات دوائية مناسبة حتى الآن.
ودعونا ألا ننسى الصعوبة التي نواجهها في تحديد حاملي الفيروس بدون أعراض.
وإذا رفعنا قيود التباعد الاجتماعي الآن، فإننا نخاطر بانتكاسة خطيرة من شأنها أن تسحق نظامنا الصحي.
خبير السلوك الاجتماعي: أحسنت القول، كما قد نخاطر كذلك بفقدان الثقة بشكل عام في المشورة الطبية، وربما تفقد الحكومة المصداقية، إضافة إلى أن خطر الاضطرابات الاجتماعية قد يزيد.
خبير الاقتصاد: نعم، لكن إذا استمر التوقف الاقتصادي، فإننا نمهد الطريق أمام مشاكل مضاعفة على المدى القصير والطويل.
ولا يعمل اقتصادنا، وفي الواقع مجتمعنا، عبر التباعد الاجتماعي، نحن نتسبب في مخاطر حقيقية لا تهدد فقط بتآكل الجيل الحالي ولكن الأجيال المستقبلية.
وكلما طال أمد هذا الجمود الاقتصادي، كلما زادت المخاطرة بشأن تحويل الركود الاقتصادي المفاجئ والعميق الذي لا يمكن بالفعل تفاديه إلى أزمة مالية، بل قد يدفع هذا المزيج إلى كساد اقتصادي لسنوات عديدة.
خبير السلوك الاجتماعي: لديك وجهة نظر في هذه المسألة، نحن قلقون بالفعل بشأن خطر العنف المحلي وأزمة أكثر عمقاً.
خبير الصحة: وجهات نظركم جميعها جيدة، لكن كل يوم نحقق انتصاراً كبيراً وليس فقط على مستوى تسطيح المنحنى.
بيد أننا كذلك نتعرف على هذا الفيروس الفظيع بشكل أفضل، مما يساعد في جهود ابتكار علاجات ولقاحات أفضل.
كما أن قدراتنا في الاختبارات تتزايد، ويرتفع معدل توريد معدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي وغيرها من المواد الضرورية.
ودعونا ألا ننسى ما نتعلمه من الدول الأخرى التي تضررت من الفيروس في وقت سابق لنا، بما في ذلك ما يتعلق بالاختبارات ومسار ما بعد الأزمة.
ولذا، فإن الوقت في صالحنا، كما أننا نرى جهوداً مكثفة من جانب القطاع الخاص وليس فقط في مجال الأدوية والتكنولوجيا.
خبير السلوك الاجتماعي: التعقب والاختبار؟ هل تقصد فكرة جواز السفر الذي يسمح لنا بإدارة مجتمع متعدد المسارات، حيث تعود شريحة آمنة للمشاركة في الأنشطة الطبيعية بينما تضطر شريحة أخرى للانتظار؟
يجب أن يأتي ذلك بعد تطوير المزيد من التنفيذ لأسلوب التدخل في عمليات المنح والصيانة لـ"جواز السفر" وخاصةً مع ضرورة القيام بالكثير من الاختبارات العشوائية ونشر المعلومات الصحية ليس فقط حول الفيروس ولكن كذلك حول الظروف الراهنة مسبقاً.
ولن يمكن النجاح في تحقيق هذه الأهداف بنجاح إلا إذا كان لدينا قبول واسع النطاق والأفضل من ذلك إذا تم بذل جهود كبيرة يمكن الاستفادة منها.
نحن لسنا مثل الصين، لكننا دولة ديمقراطية ليبرالية نكن احترام أكبر للخصوصية وحقوق الأفراد، ويتعين علينا كذلك أن تتحلى بالصدق حيال الحاجة إلى معالجة كل من التحيزات الواعية واللاواعية التي تثيرها هذه الانتقائية حتى لو كانت قائمة على أساس صحيح.
خبير اقتصادي: ألا يمكننا على الأقل البدء في إعادة عمليات الفتح بشكل جزئي، فالحل لمواجهة المخاطر المفاجئة والشكوك المقلقة لا يتمثل في شلل الاقتصاد.
ويوجد مخاطرة في كل ما نقوم به، وربما أفضل اختيار فتح أجزاء من الاقتصاد قبل أن يفوت الآوان لتفادي فكرة أن يكون العلاج أسوأ من المرض.
خبير الصحة: نعم، الأمر ينطوي على المخاطر وحالات عدم اليقين، وهذا تحديداً سبب عدم قدرتنا على تحمل انتكاسة وقفزة مفاجئة في حالات الإصابة والوفيات التي من شأنها أن تصاحب هذا التحرك.
خبير السلوك الاجتماعي: وإذا قمنا بإعادة الفتح في وقت مبكر للغاية، قد تتردد الأسر نفسها في إعادة الانخراط في الحياة الطبيعية، ومن شأن ذلك أن يلحق الهزيمة بفكرة خوض المجازفة في المقام الأول.
والآن الأمر متروك لك، يا صانع القرار.
وأفضل ما يمكن أن يقوم به هؤلاء الخبراء الثلاثة هو تقديم البدائل لك مع توضيح التنازلات التي قد تصاحب هذه الاختيارات، كما أنها ليست مثالية بالنظر إلى أننا لا نزال في حالة من عدم اليقين.
ومن المحتمل أن يكون هناك أمور مجهولة، ومع ذلك هناك خطراً كبيراً يتمثل في الأضرار الجانبية والعواقب غير المقصودة، مهما كان القرار الذي تتخذه.
مباشر (اقتصاد)
أخبار متعلقة :